فوز خوسيه أنطونيو كاست برئاسة تشيلي وسط قلق فلسطيني
فاز مرشح أقصى اليمين، خوسيه أنطونيو كاست برئاسة تشيلي، وفق النتائج الرسمية التي أعلنتها الهيئة العليا للانتخابات، اليوم الاثنين، بعد حصوله على نحو 58 بالمئة من الأصوات في جولة الإعادة، مقابل 42 بالمئة لمنافسته مرشحة ائتلاف “الوحدة من أجل تشيلي” كارولينا خارا، التي أقرت بالهزيمة وهنأت الرئيس المنتخب.
وقالت خارا في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن "الديمقراطية قالت كلمتها بصوت عال وواضح"، مشيرة إلى أنها تواصلت مع كاست لتمني النجاح له "من أجل خير تشيلي".
ومن المقرر أن يتولى كاست منصبه خلفًا للرئيس الحالي غابرييل بوريك، المعروف بمواقفه المنتقدة بشدة لـ"إسرائيل" وحكومة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، والتي بلغت ذروتها عقب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين علّقت تشيلي علاقاتها الدبلوماسية مع "تل أبيب".
وعقب إعلان نتائج الانتخابات، أصدرت الجالية الفلسطينية في تشيلي بيانًا رسميًا هنأت فيه الرئيس المنتخب، متمنية له "النجاح الكامل في تحمل المسؤولية الكبرى التي أوكلها إليه الشعب التشيلي".
وأكدت الجالية في بيانها التي تلقت" قدس برس"، نسخة عنه، ثقتها بأن تحافظ الحكومة الجديدة على السياسة الخارجية التاريخية لتشيلي، القائمة على احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، مشددة على أنها ستواصل دورها بوصفها "جزءًا فاعلًا وملتزمًا من المجتمع التشيلي" في الإسهام في التقدم، والتعايش الديمقراطي، والتنمية في البلاد.
ويُعد كاست من أبرز رموز اليمين المتطرف في تشيلي، ويُعرف بدعمه العلني لـ"إسرائيل". وخلال حملته الانتخابية، هاجم سياسات الرئيس بوريك الخارجية، واصفًا قراراته تجاه "إسرائيل" بأنها "أيديولوجية وغير مسؤولة"، وتعهد بـ"تصحيح الأخطاء" التي قال إن الحكومة السابقة ارتكبتها.
وفي آذار/مارس 2024، اتهم كاست بوريك بـ"معاداة السامية" على خلفية قرار حكومته استبعاد "إسرائيل" من معرض "فيداي" الجوي الدولي، واعتبر الخطوة "غير مسؤولة ومنحازة أيديولوجيًا". كما أعلن إدانته "الكاملة وغير المشروطة" لهجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، واعتبر قرار سحب السفير التشيلي من "تل أبيب" للتشاور "إحراجًا جديدًا لتشيلي".
ويأتي هذا التحول السياسي المحتمل في وقت شهدت فيه تشيلي خلال الأشهر الماضية تصعيدًا دبلوماسيًا غير مسبوق ضد حكومة الاحتلال الإسرائيلي. ففي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، وصف الرئيس بوريك ما يجري في قطاع غزة بأنه "أزمة إنسانية عالمية"، مؤكدًا أن آلاف الفلسطينيين يُقتلون "لمجرد أنهم فلسطينيون".
وشدد بوريك في خطابه على أن مواجهة الجرائم يجب أن تكون عبر العدالة لا الانتقام، قائلاً: "لا أريد أن أرى نتنياهو يُقصف بصاروخ مع عائلته، بل أريد أن أراه هو والمسؤولين عن الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية"، في تأكيد لتمسك بلاده بمسار المساءلة القانونية الدولية.
وترافقت هذه التصريحات مع حزمة إجراءات سياسية واقتصادية أعلنتها تشيلي في حزيران/يونيو الماضي، شملت استدعاء السفير للتشاور، وسحب الملحقين العسكريين، وتعليق مشاركة "إسرائيل" في معرض (FIDAE) الجوي، ودعم دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، ومطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيقات في جرائم الحرب المرتكبة في غزة.
كما منح بوريك صفة الاستعجال لمشروع قانون يحظر استيراد منتجات المستوطنات، ووجّه بتنويع التعاون الدفاعي بعيدًا عن الصناعة العسكرية الإسرائيلية، مؤكدًا أن ما يجري في غزة يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي".
ويُوصف كاست، وهو سياسي كاثوليكي محافظ يبلغ من العمر 59 عامًا، بأنه أكثر رؤساء تشيلي يمينية منذ انتهاء دكتاتورية أوغستو بينوشيه قبل أكثر من 35 عامًا. وقد ركز في حملته الانتخابية على تشديد السياسات الأمنية، ومكافحة الجريمة، وطرح خطة أمنية صارمة، إلى جانب تعهده بترحيل مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين، غالبيتهم من الفنزويليين.
وتسود أوساط مراقبين وناشطين داخل تشيلي وخارجها مخاوف من توجهات الإدارة الجديدة، لا سيما في ما يتعلق بالسياسة الخارجية وملفات حقوق الإنسان، وسط مخاوف من تراجع المواقف المتقدمة التي تبنتها تشيلي في عهد بوريك تجاه القضية الفلسطينية.