عملية الأغوار تهزّ مؤسسة الاحتلال الأمنية وتنذر بالانفجار

عملية المقاومة بالأغوار تهزّ المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فعامل التحدّي الفلسطيني ورفض واقع الاحتلال ينذر بانفجار ميداني وشيك.

عملية الأغوار تهزّ مؤسسة الاحتلال الأمنية وتنذر بالانفجار

عملية المقاومة بالأغوار تهزّ المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، فعامل التحدّي الفلسطيني ورفض واقع الاحتلال ينذر بانفجار ميداني وشيك.

الجديد في عملية الأغوار أنها لم تقع في الضفة المحتلة وتجاوزت حاجز الجغرافيا والتوقع الأمني لتؤكد على وحدة الهوية والقضية فوق كامل أرض فلسطين التاريخية المحتلة.

ووقعت أول أمس عملية للمقاومة حين استهدف مقاومون حافلة لجنود الاحتلال بالرصاص على شارع 90 قرب منطقة الحمرة بالأغوار؛ فأصابوا سبعة منهم، وأجلتهم طائرة مروحية من المكان.

ووصف إعلام الاحتلال في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عملية الأغوار بـ"القفزة النوعية للعمل المسلح", في عملية خطط لها جيداً وكان من الممكن أن تنتهي بالكثير من القتلى.

ووفق المعطيات المنشورة حول العمل المقاوم، والتي باتت تنشر يوميا وأسبوعيا وشهريا؛ فإن ساحة الضفة الغربية المحتلة، منذ بداية العام الجاري 2022 وحتى منتصف أغسطس الماضي، سجلت 6384 عملًا مقاومًا.

ويرى كثيرون أن هذه هي أولى مراحل العودة للكفاح المسلح التي تلي مرحلة الاستياء والململة كما في كل الثورات الشعبية التي قاومت الاحتلال والاستعمار على مدى التاريخ وفلسطين مثال حاضر ومستمر.

وتشهد منطقة شمال الضفة المحتلة خلال الأشهر الأخيرة، تصعيداً في اقتحامات الاحتلال ولا تكاد تخلو أي عملية اعتقال من إطلاق النار تجاه الجنود أما في اقتحام المستوطنين المتكرر لقبر يوسف في نابلس فقد زاد تعداد القوات إلى 4 كتائب.

ويؤكد اللواء يوسف شرقاوي الخبير في الشئون العسكرية أن عملية الأغوار تعد عملاً "جديداً وخطيراً" تحمل تحدي كبير بعد وصول الكفاح الوطني ضد الاحتلال مرحلة جديدة.

ويضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "مثل هذه العمليات إما تسبق اندلاع موجة مقاومة وانتفاضة شعبية وإما تأتي بعد نجاح المقاومة كاستثمار للفوز".

وسجّل يناير الماضي 623 عملًا مقاومًا منها 28 عملية إطلاق نار، وارتفعت هذه العمليات في فبراير، ووصلت إلى 835 عملًا مقاومًا، منها 52 عملية إطلاق نار.

وفي مارس نفذ 821 عملًا مقاومًا منها 52 عملية إطلاق نار، وفي إبريل 1510 أعمال مقاومة منها 76 عملية إطلاق نار.

وفي وقت سابق حذر جهاز "الشاباك" الإسرائيلي من أن شمال الضفة الغربية "بات أقرب إلى الفوضى العارمة" مع فقدان السلطة الفلسطينية للسيطرة على الأرض رغم تنفيذها اعتقالات تكمل مهمة التنسيق الأمني.

وزعم جيش الاحتلال أنه اعتقل شابين نفذا عملية إطلاق نار على حافلة للمستوطنين في الأغوار الأردن وهما: وليد ومحمد تركمان من سكان جنين.

بينما لا يزال الثالث وهو ماهر السعيد 50 عاما من جنين، الذي نفذ العملية مع ابنه وابن أخيه طليقاً، وفق مزاعم الاحتلال.

ويرى محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلية أن العمل المنظم للمقاومة لم يعد بشكل واضح للضفة لكن هناك تطور في الحسّ الوطني والدافعية للعمل العسكري المسلح.

ويتابع في حديث لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "التطور في عملية المقاومة جرى في بيئة سياسية وأمنية تجاوزت حضور جيش وأمن الاحتلال ودور السلطة الفلسطينية وقفزت عن كل وسائل استخدموها من حصار واعتقالات وقتل".

انهارت خطة فصل الساحات بين الضفة المحتلة وغزة والأراضي المحتلة عام 1948 وبدا أن الضفة الآن تتصدر المشهد الأمني والسياسي.

ويقول الخبير مصلح إن الضفة المحتلة الآن تعد أولوية للمقاومة الشعبية وأن الضغط السياسي على مقاومة غزة خاصة من مصر يقابله عمل مقاوم متواصل بالضفة مفيد "ولسنا في يد أحد".

وتتفاعل غزة منذ عامين مع مجريات عدوان الاحتلال المستمر بالضفة والقدس المحتلة لكن تطور المقاومة الشعبية يتجاوز الآن حدود الجغرافيا ليسجل ويراكم نقاط عمل جديدة فوق أرض فلسطين التاريخية.

ونجحت العملية التي جرى التخطيط لها جيداً وباحترافية كبيرة رغم غياب العمل المنظم منذ سنوات عن ساحة الضفة والداخل المحتل.

تذكر عملية الأغوار التي تحمل طابع تحدي أكبر من طابع الاحترافية المسلحة بنماذج لعمليات شهدها العقد الخامس والسادس والسابع من القرن العشرين في أمريكا اللاتينية واليابان.

ويقول الخبير شرقاوي إن منظمات "التوباماروس" في أمريكا اللاتينية و"الكابيكال" الياباني كانت تنفذ عملية مسلحة في الستينيات والخمسينيات تشبه عملية الأغوار الأخيرة.

وتجري العمليات مؤخراً بالضفة على يد شبان غاضبين من عدوان الاحتلال ولا ينتمون لفصائل أو أجنحة عسكرية وقد قيّم الاحتلال عملية الأغوار بأنها عمل مسلح لأشخاص غير مدربين لكنهم يجيدون الرصد وإطلاق النار.

وجرت عملية الأغوار بشكل احترافي معقد فقد أطلق النار على سائق حافلة المستوطنين كي يفقد السيطرة وتنقلب الحافلة قبل مواصلة إطلاق الرصاص.

ويشير الخبير شرقاوي أن فشل الاحتلال الأمني تجلى بفشل منظومة الأمن المركبة بينه وبين السلطة الفلسطينية التي تحاول إمساك زمام المشهد في الضفة بواسطة التنسيق الأمني وعمليات الاعتقال.

ويتابع:"سيكون تقليد وتجديد لنموذج عملية الأغوار وستذهب أرواح وضحايا ويقابل ذلك بطش شديد من جيش الاحتلال حتى يدرك مجتمع إسرائيل أن اليمين المتشدد هو السبب".

وبعد التخطيط والتنفيذ الناجح في عملية الأغوار جرت العملية للمرة الأولى في موقع بعيد جغرافياً عن أماكن عمليات مقاومة سابقة ودخل عنصر الجغرافيا كتحد جديد أمام الاحتلال.

ويؤكد الخبير مصلح أن جغرافيا المقاومة لم يعد لها حدود وأن التمسك بالهوية الوطنية لفلسطيني 48 والضفة المحتلة تلعب دور مهم في تحريك الصراع الآن.

وأثبت العمل العسكري الميداني مؤخراً بالضفة والداخل المحتل حسب رؤية الخبير مصلح بأنه أفضل من نقل المعركة دوماً لجهة غزة التي تحتضن المقاومة أدبياً ومعنوياً وتواجه كثيراً تناغماً مع بقية ساحات فلسطين.

ورغم اعتياد الاحتلال تنفيذ أعمال استباقية ووقائية لإجهاض أي فعل مقاوم فإن الفشل الأمني تجلى في غياب المعلومة لإبطال نجاح عملية الأغوار.