«شروق الشمس»: كواليس الرؤية الأمريكية لتحويل غزة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والسياحة

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية، كشفت قناة "كان" العبرية عن مسودة مشروع أمريكي طموح يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يهدف إلى إعادة صياغة الواقع في قطاع غزة بشكل جذري ويسعى لتحويل القطاع إلى وجهة ساحلية تكنولوجية عالمية بتكلفة إجمالية تصل إلى 112 مليار دولار.

«شروق الشمس»: كواليس الرؤية الأمريكية لتحويل غزة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والسياحة
«شروق الشمس»: كواليس الرؤية الأمريكية لتحويل غزة إلى مركز عالمي للتكنولوجيا والسياحة

كشفت تقارير إعلامية عبرية عن ملامح مقترح أمريكي طموح تقوده إدارة الرئيس دونالد ترامب، وتحديداً عبر فريق يترأسه صهره جاريد كوشنر، يهدف إلى إحداث تحول جذري في مستقبل قطاع غزة. المشروع الذي يحمل اسم "شروق الشمس" يسعى لتجاوز المفهوم التقليدي لإعادة الإعمار، عبر طرح رؤية استثمارية تحول القطاع إلى مدينة تكنولوجية وحضرية متطورة، تعيد صياغة الواقع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.

تستند هذه الرؤية إلى استغلال الموقع الاستراتيجي لساحل غزة على البحر المتوسط، وتحويله إلى وجهة جذب عالمية تشبه "الريفيرييا"، من خلال إنشاء منتجعات سياحية فاخرة وفنادق دولية. ولا يقتصر الطموح على السياحة فحسب، بل يمتد ليشمل ثورة في قطاع النقل والمواصلات عبر إنشاء شبكة قطارات فائقة السرعة تربط المناطق الحيوية، بالإضافة إلى مطار وميناء بحري، وتطوير بنية تحتية ذكية تدار بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مع تخصيص مناطق صناعية متقدمة للتصنيع التكنولوجي.

يتطلب هذا التحول الضخم ميزانية تقدر بنحو 112 مليار دولار أمريكي على مدار عقد من الزمن، حيث تعتزم واشنطن لعب دور المحرك المالي الرئيسي بتقديم نحو 60 مليار دولار في شكل منح وضمانات ديون. وفي هذا السياق، بدأت التحركات الدبلوماسية الأمريكية فعلياً لحشد تحالف دولي ومانحين إقليميين لتوفير الغطاء المالي والسياسي اللازم لتنفيذ هذه المشاريع العملاقة.

ورغم الوعود الاقتصادية البراقة، يبرز جدل واسع حول التحديات السياسية والأخلاقية للمشروع، لا سيما فيما يتعلق بمصير سكان القطاع. فبينما يروج الفريق الأمريكي لمبدأ "السلام عبر الازدهار" وخلق واقع ينهي النزاعات المسلحة من خلال التنمية، تثار مخاوف جدية حول سيناريوهات التهجير، سواء عبر الضغوط أو عبر حوافز مالية للمغادرة، وهي نقطة تظل محل تضارب في التقارير والآراء المسربة.

وعلى مستوى المواقف السياسية، قوبلت الخطة برفض فلسطيني قاطع من مختلف الفصائل التي رأت فيها محاولة لمقايضة الحقوق الوطنية والسياسية بمكاسب اقتصادية، واصفة المقترح بأنه تجسيد لنهج استعماري جديد يتجاهل جوهر الصراع. وفي المقابل، يبدو الموقف العربي والدولي أكثر حذراً؛ حيث يرحب البعض بجهود وقف القتال وإعادة الإعمار، لكن مع ربط أي دعم اقتصادي بضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعدم تهميشه من المعادلة السياسية.

يظل مشروع "شروق الشمس" رهينة التوفيق بين الطموحات العمرانية الهائلة والواقع السياسي المعقد على الأرض. ومع استمرار التحركات الدبلوماسية الأمريكية ولقاءات المبعوثين مع قادة المنطقة، يبقى السؤال قائماً حول مدى قدرة فلسفة "السلام الاقتصادي" على الصمود أمام القضايا السياسية العالقة والتاريخ الطويل من الصراع في المنطقة.