4 أدلة تؤكد تورط الاحتلال في مجزرة الدقيق على دوار الكويت بغزة
فند المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان محاولة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" التملص من مجزرة الدقيق الأخيرة ضد مدنيين فلسطينيين تجمعوا للحصول على إمدادات إنسانية قرب دوار "الكويت" على أطراف مدينة غزة
عبر استراتيجية تضليل دعائية تسعى قوات الاحتلال الإسرائيلي لإثارة الجدل بعد كل مجزرة كبيرة ترتكبها ضد المدنيين الفلسطينيين لمحاولة التهرب من مسؤولياتها في محاولة لحرف الأنظار وتخفيف التنديد الدولي المتصاعد.
وبعد مجزرة الدقيق الجديدة على دوار الكويت على أطراف مدينة غزة ليلة الخميس/الجمعة، التي ارتفعت حصيلتها إلى أكثر من 80 شهيدًا و200 مصاب عدد منهم بحالة حرجة، نشرت قوات الاحتلال مقطع فيديو غير واضح الدلائل لتحاول التهرب من مسؤولياتها عن المجزرة المروعة.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فنّد محاولة جيش الاحتلال التملص من مجزرة الدقيق الأخيرة ضد مدنيين فلسطينيين تجمعوا للحصول على إمدادات إنسانية.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان له تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه: إنه تابع نشر جيش الاحتلال مقطع فيديو يظهر شخص مسلح ومحاولة الادعاء بأن ضحايا المجزرة الجديدة قضوا بإطلاق نار من مسلحين فلسطينيين.
وأوضح الأورومتوسطي أن مقطع الفيديو المذكور، ومع عدم التسليم بصحته، لا يثبت صحة ادعاء جيش الاحتلال، بل على العكس، يؤكد أن ضحايا هذه المجزرة من الشهداء والجرحى لم تكن إصابتهم بسبب إطلاق النار الذي يظهر في هذا المقطع المصور.
وبيّن أنه وصل إلى هذه النتيجة حسب أربعة أدلة تبينت خلال التحقيقات الأولية التي أجراها في الجريمة ومقطع الفيديو الذي نشره الاحتلال.
وهذه الأدلة هي:
أولا- في الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي يظهر أن المكان الذي وقع فيه إطلاق النار من الشخص المسلح كان في مكان مختلف عن مكان المجزرة، حيث إن الشخص المسلح كان يطلق النار في محيط دوار (دولة) جنوب شرق مدينة غزة، والذي يُبعد نحو 2 كيلو متر عن دوار (الكويت) جنوب شرق مدينة غزة موقع ارتكاب المجزرة.
ثانيا- إن معاينة عدد من الشهداء والجرحى في مجزرة الدقيق الأخيرة يظهر أنهم تعرضوا للاستهداف المباشر برصاص 5.56×45)مم ناتو( والذي يطلق من أسلحة يستخدمها الجيش الإسرائيلي، وقد سبق أن تم معاينة مجموعة من نفس الرصاصات في أجساد شهداء ومصابين وفي مكان وقوع مجزرة الدقيق الأولى يوم 29 كانون شباط/فبراير الماضي والتي خلفت مئات الشهداء والإصابات في حينه.
ثالثا- يظهر بشكل واضح في الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي بإن إطلاق النار من شخص واحد فقط وكان في الهواء -في محاولة على ما يبدو للحيلولة دون توجه المدنيين إلى محيط تمركز منطقة الآليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، بدلالة أنه رغم إطلاق النار القريب لم يسقط أي أحد بقربه، ولم يظهر أي جثث على الأرض أو مصابين من حوله، وهذا يتضح خلال الثانية (21) من الفيديو حين أطلق المسلح النار في الهواء قرب رجل واقف أمامه مباشرة، ولم يصب ذلك الرجل بأذى واضح وواصل مسيره دون أي ارتباك أو ذعر وسط الحشود.
رابعا- إن مقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الاعلام وشهود العيّان بعد المجزرة تظهر حجم الدمار والضرر الكبيران اللذان خلفتهما النيران التي أطلقت على المدنيين المتجمعين المنتظرين للمساعدات، وهذا لا يتناسب مع الضرر أو الدمار الذي يسببه السلاح الناري الذي كان يستخدمه الشخص الذي ظهر بالفيديو.
وأبرز الأورومتوسطي أن هذه الأدلة تأتي بالإضافة إلى ما وثقه من شهادات لمصابين وشهود عيان كانوا في منطقة دوار (الكويت) أو محيطه لحظة ارتكاب المجزرة الجديدة، تؤكد تعرضهم لإطلاق نار بالأسلحة الرشاشة من الطيران المروحي والمسيرات من نوع (كوادكابتر)، إضافة إلى قذائف مدفعية من الدبابات، في استهداف متعمد جماعي بهدف قتل أكبر عدد منهم.
وقال “زياد سعيد مدوخ” أحد الجرحى في المجزرة: إن الجيش الإسرائيلي بدأ بإطلاق الرصاص الحي بشكل كثيف فور قرب وصول شاحنات المساعدات إلى دوار “الكويت” باتجاه حشود المدنيين، وتم مواصلة إطلاق النار باتجاههم حتى بعد استلام بعض المساعدات بغرض القتل العمد.
من جهته قال “إبراهيم النجار” الذي أصيب بعيار ناري في إحدى يديه: إنه حاول الحصول على كيس دقيق لأطفاله من دوار “الكويت” لكنه تعرض مع الآخرين لإطلاق الرصاص الحي والقذائف المدفعية رغم تجمعهم في منطقة مسموح بها مسبقا.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنه لا يمكن للجيش الإسرائيلي التهرب والتملص من الجريمة المروعة التي ارتكبها في مجزرة الدقيق التي وقعت ليلة الخميس وغيرها من المجازر التي تتكرر بشكل شبه يومي ضد المدنيين الفلسطينيين منذ أسابيع لدى محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية، وذلك بالقول إن قواته “لم تطلق أي نيران باتجاه قافلة المساعدات على دوار الكويت”، فيما في الوقت ذاته يعلن أنه يواصل تحقيقاته فيما جرى.
وذكر أن التحقيقات الأولية وإفادات المصابين والشهود والمعطيات الميدانية تؤكد في مجملها تعمد الجيش الإسرائيلي مواصلة ارتكاب مجازره ضد المدنيين الفلسطينيين في مدينة غزة وشمالها أثناء محاولتهم الحصول على أي إمدادات إنسانية في خضم ظروف مجاعة لا مفر منها يتسبب بها في القطاع المحاصر.
وشدد الأورومتوسطي على أن تاريخ مقطع الفيديو، وهوية الشخص المسح الذي ظهر فيه تبقى مجهولة، ولا يعفي الجيش الإسرائيلي من جريمته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التسليم بصحة ومصداقية ما ينشره الجيش الإسرائيلي لتبرئة نفسه من الجرائم التي يرتكبها، دون إمكانية فحص ما يصدر عنه من جهة تحقيق خارجية مستقلة ولديها إمكانية الوصول الكامل إلى المعلومات الموجودة لدى الجيش الإسرائيلي، وإلا نكون أمام حالة عبثية بأن الجيش هو الجاني والمحقق والقاضي في الوقت ذاته.
وقال إن جميع هذه الأدلة تشير إلى نية إسرائيل في استخدام التجويع ومنع المساعدات وقتل الجياع لتنفيذ جريمة التهجير القسري ضد الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وأن هذه الأفعال تشكل جزءًا أساسيًا من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد جميع سكان قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأشار الأورومتوسطي إلى تكرار حالات نشر الجيش الإسرائيلي فيديوهات غير صحيحة لتبرير استهدافه مدنيين فلسطينيين، منها نشره في 3 مارس/آذار الجاري مقطع فيديو لاستهداف شخصين في غزة زعم أن أحدهما كان يحمل قذيفة صاروخية.
وبيّن أن تحقيقات الأورومتوسطي وتحليل أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أكد أن المدنيين كانا أعزلان من أي سلاح وأن أحدهما يقود دراجة هوائية وهو ما أجبر الجيش على الاعتراف بخطأ الاستهداف، ورغم ذلك لا يزال مقطع الفيديو والتعليق غير الصحيح عليه منشور على الموقع الإلكتروني للجيش وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن الإجراءات التي تطبقها إسرائيل والعقوبات الجماعية التي تفرضها على قطاع غزة تهدف بشكل مباشر وواضح إلى تجويع جميع السكان، وتعريضهم لخطر الهلاك الفعلي، وأن إسرائيل تستخدم التجويع ليس فقط كأسلوب من أساليب الحرب، كجريمة حرب قائمة بحد ذاتها، بل كذلك تنفيذًا لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد سكان القطاع منذ خمسة أشهر.
وأكد المرصد أن عمليات القتل المتعمدة وغير القانونية والإعدامات خارج نطاق القانون والقضاء التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين بصفتهم هذه وبدون أن يكون لهم أية مشاركة مباشرة في الأعمال الحربية، تشكل انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كجرائم قائمة بحد ذاتها، بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأعاد الأورومتوسطي التأكيد على ضرورة حماية عمليات الإغاثة التي تشتد الحاجة إليها في قطاع غزة، وأنه ينبغي على إسرائيل -باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال- الامتثال بصورة كاملة لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني بتزويد السكان المدنيين بالإمدادات الغذائية والطبية اللازمة، وضمان حصول السكان على المساعدات الإنسانية الحيوية المنقذة للحياة بما يتناسب مع احتياجاتهم.
ودعا بهذا الصدد إلى تشكيل ضغط دولي فوري على إسرائيل لوقف جرائمها في قطاع غزة، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتجويع، ومساءلتها ومحاسبتها على جرائمها وانتهاكاتها الجسيمة ضد قطاع غزة وسكانه.