سوء التغذية يفتك بأطفال غزة

سوء التغذية يفتك بأطفال غزة
سوء التغذية يفتك بأطفال غزة

في إحدى خيام النزوح بمخيمات شمال قطاع غزة، تطهو لبنى دكة بعض حبات الأرز التي حصلت عليها، بعد تعب شديد، ومحاولات بائسة للحصول على المزيد منه، حتى يكفي أطفالها الأربعة وجبة كاملة، بعدما أنهكهم الجوع لثلاثين ساعة متواصلة دون طعام.

دكة التي حاولت قدر استطاعتها شراء بضع كيلوات من الدقيق، لم تنجح بذلك، لأن ما تملكه من مال بالكاد استطاعت أن تشتري به نصف كيلو أرز، كي تُطهيه لأطفالها.

وتتزامن معاناة الثلاثينية دكة مع نقص حاد في الخضراوات والفواكة والدقيق الصالح للاستخدام، فضلًا عن اشتداد فصول المجاعة التي تضرب القطاع، مع استمرار إغلاق الاحتلال للمعابر ومنع دخول المساعدات والمواد الغذائية.

ويعاني الأطفال في قطاع غزة من أوضاع صحية مزرية للغاية، بسبب سوء التغذية الحاد، مما يهدد بفقدان أرواح المزيد منهم، جراء استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع ومنع دخول المساعدات منذ الثاني من آذار/مارس الماضي.

ويُضاعف الاحتلال معاناة الأطفال الفلسطينيين عبر سياسة تجويع ممنهجة، وسط تفشٍ غير مسبوق لحالات سوء التغذية الحاد. 

سوء التغذية 

تقول دكة: "ابنتي عمرها سنة ونص، وتعاني من تأخر في نمو أسنانها وضعف عام وهزال، بسبب نقص الطعام وقلة التغذية، لا يوجد إلا أربع أسنان فقط في فمها، من يراها يحسبها طفلة بالأشهر العشر الأولى".

وتضيف "الأمر لا بقتصر على الأسنان، بل تعاني أيضًا، من عدم إتزان في المشي، والسقوط على الأرض، مما دفعني تكرار ذلك للذهاب بها إلى المستشفى، كونها مصابة بمرض ما".

وتوضح أن الطبيب أخبرها أن هذه أعراض سوء التغذية وفقر الدم، ولا بد من حصولها على المغذيات اللازمة لنموها في هذه الفترة من عمرها.

وتشير دكة إلى أن ما تحتاجه طفلتها من مغذيات لا يتوفر، لأن الفواكه والخضار والبيض والدقيق الجيد أمنيات يصعب تحقيقها في ظل ما تعيشه غزة.

وتبين أن الطبيب أصّر على أن تتناول طفلتها بعض أقراص الفيتامينات وشراب الكالسيوم والحديد، والذي لم تتمكن من الحصول عليه بعد خلو مستودعات وزارة الصحة من الأدوية، وعدم توفرها في الصيدليات الخاصة.

وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الحاد، والتي وصلت إلى المستشفيات والمراكز الطبية تجاوز 65,000 حالة، من أصل 1.1 مليون طفل يعانون من الجوع اليومي في القطاع.

معاناة مضاعفة

ولا تختلف المعاناة كثيرًا عند الأم بتول السرساوي، والتي تعاني طفلتها ذات السبعة أشهر من ضعف شديد في جسمها.

تقول السرساوي لوكالة "صفا": إن "طفلتي تعاني من نحول في الجسد، وعدم زيادة في الوزن، بسبب اعتمادي في تغذيتها على الرضاعة الطبيعية في أغلب الأحيان، والذي يخلو من المغذيات، نتيجة سوء الطعام الذي نتناوله".

وتضيف "بالنسبة لحليب الأطفال الصناعي والسيريلاك، فأنا لا أستطيع توفيره لها باستمرار، بسبب ارتفاع ثمنه، فأضطر إلى طحن الأرز وخلطه ببعض الماء المُحلى، والذي ترفض تناوله بين الحين والآخر".

وتتابع "في مثل هذا العمر يبدأ الطفل بتناول البيض المسلوق والفواكة، وبعض الخضار المطبوخة، وهذه الأشياء غير متوفرة بالسوق، وإن وجدت لا أستطيع توفيرها لارتفاع ثمنها".

وتبين السرساوي أن نقص الغذاء الأساسي لطفلتها وشح وجود الخضار والفواكه يجعل حياتها في خطر.

والثلاثاء، حذرت رئيسة قسم السياسات الإنسانية بمنظمة "أنقذوا الأطفال" أليكساندرا سايح، من خطر فقدان أرواح المزيد من الأطفال في قطاع غزة، بسبب سوء التغذية؛ جراء الحصار الإسرائيلي للقطاع.

وقالت سايح في تصريحات صحفية: إن "وضع أطفال غزة مزرٍ للغاية وآلاف منهم يعانون سوء التغذية الحاد".

المصدر: وكالة صفا