مفاوضات الحد من التسلح تصعبها أسلحة روسية جديدة

توقع محللون ألا تسفر نتائج الاجتماع المقرر في جنيف، الأربعاء، بين مفاوضين أميركيين وروس حول قضايا الحد من التسلح عن "انفراجة كبيرة"، لكنهم اعتبروا أن اللقاء خطوة "جيدة" يتوقع أن تتبعها خطوات أخرى.

مفاوضات الحد من التسلح تصعبها أسلحة روسية جديدة

توقع محللون ألا تسفر نتائج الاجتماع المقرر في جنيف، الأربعاء، بين مفاوضين أميركيين وروس حول قضايا الحد من التسلح عن "انفراجة كبيرة"، لكنهم اعتبروا أن اللقاء خطوة "جيدة" يتوقع أن تتبعها خطوات أخرى.

وقبل نحو يومين من بدء المفاوضات الجديدة، أعلنت موسكو عن الشروع في تصنيع طائرتين لنسخة جديدة من طائرة يطلق عليها "يوم القيامة" تعمل كمركز قيادة وتحكم في حالة نشوب صراع نووي، وفق موقع شبكة "فوكس نيوز"، وهي خطوة أثارت مخاوف من قيام روسيا بتعقيد هذه المفاوضات.

وتهدف طائرة Ilyushin Il-96، وهي نسخة معدلة من Ilyushin Il-80 التي ظلت في الخدمة منذ أواخر الثمانينيات، إلى تأمين القيادة الروسية في حالة وقوع هجوم كبير وتمكين كبار المسؤولين من الاتصال بالقوات المسلحة وإعطاء أوامر لمنصات إطلاق صواريخ نووية أرضية وغواصات في نطاق يزيد عن 3700 ميل.

والطائرة لا يوجد بها نوافذ باستثناء قمرة القيادة، وستكون مصحوبة بطائرات مقاتلة في حالات الطوارئ. وذكرت وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء أنه من المتوقع أن يكون للطائرة الجديدة ضعف مدى التحليق.

الخبير في شؤون الاستخبارات وقضايا الأمن القومي الأميركي، الضابط الأميركي المتقاعد توني شافر، قلل في تصريح نقلته قناة "الحرة" من أهمية الإعلان الروسي واعتبر أن الأسلحة الروسية المتطورة التي تسعى موسكو لامتلاكها تأتي فقط في سبيل محاولتها فرض نوع من "الهيمنة" وإظهار أنها "قوى عظمى".

واعتبر ماثيو بون، الأستاذ المساعد في السياسية العامة بكلية جون كينيدي بجامعة هارفارد، أن الأسلحة الروسية ليست مصممة لتهديد الولايات المتحدة وإنما فقط محاولة لتجاوز قدرات الأسلحة الدفاعية الصاروخية الأميركية التي هي في الأساس مصممة لردع كوريا الشمالية وإيران وغيرها.

وستكون قضايا التسلح في صلب المحادثات التي سيجريها ممثلو الولايات المتحدة وروسيا في جنيف في الجولة الأولى من مفاوضات صعبة اتفق عليها الرئيسان جو بايدن، وفلاديمير بوتين، في قمتهما، الشهر الماضي.

شبكة "فوكس نيوز" اعتبرت أن محادثات "الاستقرار الاستراتيجي" كما أطلق عليها بادين ستكون "مجالا واعدا" بالنظر إلى الخلافات العميقة الأخرى بين البلدين حول قضايا مثل هجمات برامج الفدية والتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.

داريل كيمبل، المدير التنفيذي لـ"جمعية الحد من التسلح" في واشنطن قال إن المفاوضات "خطوة للأمام تتيح للطرفين فهم  أنظمتهما النووية ويمكن تؤدي إلى جوالات مفاوضات جديدة لإبرام اتفاقات تضع حدا للأسلحة في البلدين".

يقود الجانب الروسي في المفاوضات نائب وزير الخارجية، سيرغي ريابكوف، الذي قال للصحفيين إن الغرض من جلسة الأربعاء سيكون "تحليلا تفصيليا لمواضع الخلافات ومحاولة إيجاد اتجاهات للعمل المشترك حيث توجد فرصة معينة".

وسيترأس الوفد الأميركي نائبة وزيرة الخارجية، ويندي شيرمان، التي قادت وفد المفاوضين الأميركيين في مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، عام 2015.

ويسعى الطرفان إلى التوصل إلى اتفاقات جديدة تحل محل "معاهدة ستارت الجديدة"، والتي تتطرق فقط إلى الأسلحة النووية طويلة المدى ومن المقرر أن تنتهي صلاحيتها في عام 2026.

قضايا أخرى
وبحسب تقرير لشبكة "إيه بي سي" هناك أيضا قضايا تسلح أخرى "على المحك" ليست أقل أهمية من الأسلحة النووية قال الرئيس بايدن إنها "أسلحة جديدة وخطيرة ومتطورة تأتي على الساحة الآن تقلل من أوقات الاستجابة، وتزيد من احتمالات نشوب حرب عرضية".

وقال التقرير إن بايدن ربما يشير إلى الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والذكاء الاصطناعي وأسلحة الفضاء، والتي لا تسعى إلى امتلاكها الولايات المتحدة وروسيا فحسب، بل الصين أيضا التي أدى تقدمها العسكري السريع إلى تعقيد مسألة الحد من التسلح.

وقالت إن الأمر ربما يتعلق أيضا بسعي روسيا لامتلاك أسلحة نووية جديدة مثل صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية ومزود بسلاح نووي، بالإضافة إلى طائرة بدون طيار تعمل بالطاقة النووية تحت الماء.

ومن المتوقع أيضا أن تطلب موسكو من واشنطن الحد من صواريخها الدفاعية والتي يعتبرها الروس "تهديدا طويل الأمد" وفق "إيه بي سي". ويزعم الروس كذلك أن الدفاعات الصاروخية الأميركية أجبرتهم على البحث عن أسلحة جديدة يمكن أن تتجنب تلك الدفاعات.

وكان ريابكوف قد أكد أن إصرار موسكو أن يكون مسألة الدفاع الصاروخي الأميركي جزءا من أي ترتيب مستقبلي للحد من التسلح، وقال خلال مؤتمر دولي في يونيو الماضي: "معالجة مسألة الدفاع الصاروخي ليس لها بديل بالنسبة لنا" مشيرا إلى أن موسكو لا تعتبر أن هذه الدفاعات تهدف فقط إلى إسقاط الصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية أو ربما إيران.

وقال كيمبل إن البلدين يحدثان ترسانتهما النووية والصواريخ والغواصات وينفقان عشرات مليارات الدولارات سنويا على هذه الأسلحة.

وأشار إلى أن العديد من الأسلحة الروسية "المزعزعة للاستقرار" التي تسعى لامتلاكها مثل طوربيدات مزودة بأسلحة نووية وصواريخ كروز تعمل بالطاقة النووية، وكذلك الولايات المتحدة التي تسعى أيضا لتصنيع صواريخ كروز نووية تطلق من البحر، وهو ما يؤكد أهمية المفاوضات الجارية.

شافير، من جانبه، استبعد استخدام روسيا الأسلحة بطريقة "عدوانية"، ورأى أن بوتين يسعى فقط إلى تأسيس "الجمهورية الروسية" وهذه الأسلحة تسعى موسكو من خلالها أن تكون "تلك الدولة العظمى على غرار حقبة الاتحاد السوفيتي"، ورأى أنها لن تسخدمها للاعتداء على أوروبا كما كانت تفكر في السابق، "فهي لديها الآن مصالح اقتصادية هناك تدر عليها الكثير من الأموال".

ويعتقد الخبير أن الأسلحة الروسية مثل تلك التي تفوق سرعة الصوت ربما سوف تعطي موسكو "ميزة" نسبية في سباق التسلح، لكنه استبعد إنتاجها بكميات كبيرة وشن هجمات.

أما عن مخاوف روسيا من الأسلحة الدفاعية الصاروخية فقال إنها فقط مصممة للتصدي لردع دول "مارقة" أو استخدامها في دول أخرى مثل كوريا الجنوبية، لكن لن تستخدمها الولايات المتحدة في هجمات متبادلة مع روسيا تزيد التوتر بين البلدين.

وتوقع، بون، في حديث نقلته قناة "الحرة" إجراء "نقاشات مختلفة حول موضوعات تسلح عديدة" في المستقبل بعد جولة الأربعاء في جنيف.

كيمبل توقع أيضا أن تأخذ المباحثات وقتا طويلا "وقد فعل البلدان ذاك من قبل بالفعل فلديهما مصلحة مشتركة لوضع حد للتسلح"، وأشار إلى أهمية هذه المفاوضات بالنظر إلى اهتمام الإدارتين الأميركية والروسية بها وقال إن إجراء مثل هذه النقاشات كان "تقريبا القضية الوحيدة التي اتفق عليها بايدن وبوتين في اجتماعهما الأخير".