خشة زريفة : قصة قصيرة

زغيره لكنها نظيفة. فيها قوس فراش واربعة ايتام. مهذبون ومحبوبون. كل اطفال القرية يتجمعون في حوش خشة زريفة. يلعبون بحرية ولم تتذمر يوما من وجودهم

خشة زريفة : قصة قصيرة
د. احمد عرفات الضاوي

زغيره لكنها نظيفة. فيها قوس فراش واربعة ايتام. مهذبون ومحبوبون. كل اطفال القرية يتجمعون في حوش خشة زريفة. يلعبون بحرية ولم تتذمر يوما من وجودهم . خشة لكنها واسعة .هي قبلة نساء القرية.

يلجأن اليها في المواسم للمساعده. تساعد مع ابنائها في خراطة الزيتون ولا تملك زيتونة واحده. ويشارك ابناؤها الكبار الحصادين في القرية دون ان يطلب منهم احد ذلك. يعملون صامتين ويعودون صامتين .

لم تشترط زريفة على احد شيئا ولا اولادها. تكافا بالقليل من زيت الزيتون وتقبله رغم ان معظمه من الطرطب. وتقبل بقايا قمح البيدر الذي يخالطه القصل والزوان.

هو في الواقع خصص ليكون علفا للدجاج . تجمعه ليصبح كيسا. تمضي النهار وهي تستل حبات القمح القليله من هذا الخليط الذي زهد فيه اهل القريه. وقدموه اجره لها ولابنائها. تضع ابراهيم ابنها الصغير في الحذل المربوط بحبل صغير .

زريفة هي المراه الوحيده التي تعمل ثلاثة اشياء في وقت واحد. تربط حبل الحذل باصبع رجلها الكبير. وتجذب به الحبل ليتحرك ويسكت الصغير.

وفي الوقت ذاته تنكب على خليط الزوان والقمح لا تكل وتمضي نهارها بهذا العمل .لتكون حصيلة هذا العمل طوال النهار صاع قمح. وبجانبها مطراق جاج طويل.تهش به الدجاج المتطفل على مونتها.

تبتسم زريفة عندما يخدعها الدجاج فياتيها من جهتين ويختطف حبات قليله من قليلها.

لم ار زريفة في يوم عابسه او غاضبة. كانت ابتسامتها لا تفارقها. لم ار في خشة زريفة الا طنجرة المنيوم .غالبا ما توضع في زاوية في الخشه.عليها غطاء ليس لها مثل غطاء الطابون ولكنه ملائم لحجم طنجرتها .

ياكل الاولاد من الطنجره مباشره.اما عدس اوخبيزه. وياكل معهم من يكون حاضرا من ابناء الجيران الذين لا يخجلون ولا يترددون بل يتشاجرون مع ابناء زريفة فتبتسم زريفه ولا تعترض بل تفزع لاولاد الجيران وتقرع ابناءها.اكلت من طنجرة زريفه وزاحمت اولادها وكاني واحد من عائلتها.

لم اذق طعاما الذ من طبيخ زريفة . اولاد القرية يذهبون الى بيت زريفة يلعبون في حوش الخشة. ويتسلقون سطحها المنخفض.

ولكني لم ار اولادها في اي بيت بيوت القرية. ولم ار احدا يعاملهم كما تعامل زريفة ابناءهم .زريفة كانت موجوده في كل قرية فلسطينيه .وربما في كل مدينه.

 بعد الاحتلال عام 67 اختفى ولدان من ابناء زريفة . وبقي لها ولدان. الاولان استشهدا . والاخران كفناها ومشيا في جنازتها. زريفة كانت عادلة . اعطت نصف اولادها للوطن الذي اطعمها الزوان والطرطب.واستبقت اثنين ليرافقاها الى مثواها الاخير. 

د. احمد عرفات الضاوي