تركي الفيصل: الفشل الغربي في أفغانستان يعكس تحولات كبرى
أكد الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، أن الفشل الغربي في أفغانستان يؤشر على تحولات كبرى في موازين القوى العالمية.
أكد الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، أن الفشل الغربي في أفغانستان يؤشر على تحولات كبرى في موازين القوى العالمية.
وطالب في كلمته خلال المؤتمر السنوي الأول الذي يعقده مركز "تريندز" للبحوث في إطار استراتيجيته العالمية ورؤيته الاستشرافية لأمن الشرق الأوسط في عالم متغير الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة النظر في سياستها الخارجية في ضوء الواقع الجيوسياسي الجديد.
وقال الفيصل، مؤسس وعضو مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل ورئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث، "أثق أن الإدارة الأمريكية الحالية لن تختلف عن الإدارات السابقة في تثمين العلاقات الأمريكية الخليجية".
وحول أمن الشرق الأوسط، قال الفيصل، إن "الحديث عنه ليس بالأمر السهل فأمن هذه المنطقة المضطربة كان على مر التاريخ أمر ليس بالسهل وكان مرتبطا بالقوى الكبرى المهيمنة على العالم لكن الأمور تتغير".
ولفت إلى أن "هناك تحولات تحدث في العالم وبعضها يثير نوعا من الصعوبات والتحديات، ولذلك فإن هناك العديد من التداعيات لهذه التحولات وهناك نوع من الضبابية فيما يخص الأبعاد الاستراتيجية فيما يحدث".
واستطرد: "نبدأ مثلا بما يحدث في أفغانستان والانسحاب الأمريكي بعد 20 سنة في أفغانستان وما نشهده اليوم هو بداية لسياسة خارجية جديدة".
وأوضح أن "الفشل الغربي في أفغانستان وكذلك شبه الفشل في العراق أدى إلى هزيمة القوى الكبرى وخصوصا أمريكا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وهذا سيكون له أثر كبير على ما ستؤول إليه الأمور في أفغانستان وفي بعض الأماكن الأخرى حول العالم".
ونبه إلى أن "هذا التحول خصوصا على مستوى دور أمريكا في العالم سيؤثر على ميزان القوى بعدما حدث في أفغانستان وسيلقي بظلاله على كل المناطق بالعالم".
وبين أن "الغرب يجب أن يعيد النظر في رؤيته للمستقبل بناء على التغيرات الجيوسياسية التي وقعت خلال العقود الأخيرة الماضية".
وتابع: "إذا تذكرنا فإن سقوط الاتحاد السوفييتي 1989 غير العالم والتطور الذي حدث مؤخرا أيضا في أفغانستان سيغير العالم وسنرى كيف سيحدث ذلك".
ولفت إلى أن "التطور الأخير في أفغانستان يعكس الارتباك الذي وقعت فيه أمريكا والغرب وسيكون هناك العديد من التحديات التي سيشهدها هذا الجزء من العالم وخصوصا موجات الهجرة".
وأشار إلى أن "العالم سيواصل العيش في لحظات من الضبابية وعدم اليقين وخصوصا بعدما حدث خلال العقود الماضية".
واستطرد: "دعونا نأمل بأن ما حدث في أفغانستان لن يؤدي إلى انقسامات جيوسياسية والتحديات ومن بينها التراجع في القيم التي تخدم الأمن والاستقرار وهذ يقودنا إلى سياسة القوة حيث كان هناك تنافس كبير بين القوى الكبرى على العديد من الموارد".
وقال: "ليس هناك أي دولة تشعر بالارتباك الذي يقع على المستوى الأمني والجيوسياسي بالشرق الأوسط أكثر من الجيران بالشرق الأوسط".
وأضاف: "هناك العديد من النزاعات وهناك متنافسون عديدون يؤثرون ولهم نفوذ في المنطقة ويتدخلون بشكل مباشر وبالوكالة، وهناك العديد من القوى الطائفية والدينية والفاعلين غير الحكوميين والإرهابيين والتدخلات الدولية".
وحول الدور الأمريكي بالمنطقة، قال الفيصل، إن "الولايات المتحدة كانت المهيمن الأبرز خلال العقود السبعة الماضية ولكن التزامها بأمن المنطقة والذي كان قد تراكم في العقود الماضية لن يستمر بنفس الزخم وإنما أدى فقط إلى ارتباك أكثر".
وأضاف أن "التزام الولايات المتحدة مع حلفائها ليس بالضرورة وصفة لأمن والاستقرار في المنطقة لكن أمريكا يمكنها مساعدة الدول في المنطقة من أجل إقامة نظام جديد يخدم المصلحة العالمية ويرسي الأمن والاستقرار".
ولفت إلى أن "هذا موضوع معقد خاصة بالنسبة لعدد النزاعات والأزمات لكن ليس هناك أي مفر من جني النتائج والتداعيات في المستقبل".
وأشار إلى أن "الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط ما تزال قائمة وهناك دول تحتاج ألا تخير بين القوى الكبرى والانخراط في نزاعات كبرى".
وأوضح الفيصل أن "هناك نظام إقليمي جديد نحن بحاجة إليه، في الوقت الحالي، فهناك تكتلات متعددة وعلينا أن نتجاوز العثرات والعقبات وعلى الولايات المتحدة وباقي القوى أن تسهم في إقامة هذا النظام الإقليمي الجديد".
وأضاف: "ليس هناك مبادئ واضحة وموحدة حول حل النزاعات في الشرق الأوسط ونحن نعرف أنه يجب أن ندير تلك الانقسامات والأزمات المباشرة وغير المباشرة دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وذلك من أجل أن نخلق ثقة بين الدول في الشرق الأوسط حتى تنخرط في خدمة ازدهار اقتصاد شعوبها".
وتابع: "إذا فعلنا ذلك فإننا سنسهم في إقامة منطقة خالية من الأسلحة الخطيرة والمحظورة".
وبين أنه "ليس هناك إجماع حول الطريقة الفضلى للعمل في الشرق الأوسط لكن إذا أردنا أن نتعلم من مسار هلسنكي التجربة السابقة في القرن العشرين، يمكن أن نسترشد ببعض دروس والمسارات التي قد تفيدنا وقد تلهم بعض الدول في الشرق الأوسط والعالم بأن يكون هناك اتفاق على عدم التدخل واحترام السيادة وأن يكون هناك تسوية سلمية لكل النزاعات".
وأشار الفيصل إلى أن "الفشل المتواصل في حل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية يصعب على الدول أن تصل إلى تسويات سلمية".
وأضاف: "مع انخراط أمريكا في تحقيق السلام في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم كان هناك بعض أنواع وأشكال التسويات لكن القضية الفلسطينية لم تراوح مكانها وهذا يلقي بظلاله على الأزمات الناشبة في كل المنطقة".
وحول العلاقات الخارجية الأمريكية، قال إنها "مهمة جدا لإرساء الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف وهذا سيخدم كل الأطراف بصرف النظر عن الصعوبات التي تظهر من وقت لآخر".
وعبر عن ثقته بأن الإدارة الأمريكية الحالية لن تختلف عن الإدارات السابقة في تثمين العلاقات الأمريكية الخليجية"
ولفت إلى أن "هناك عناصر أساسية لهذه العلاقة تسهم في بسط الاستقرار على مستوى السوق النفطية وكبح التصرفات الإيرانية وإرساء السلام في الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب وهذه هي الركائز الأساسية التي تجمع العلاقات الأمريكية الشرق أوسطية".
وطالب الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ"أن يكون حذرا في كل الخطوات التي يتخذها وأن يبني على ما تحقق من أجل أن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة"