المتسولون على منصات التواصل الاجتماعي .

عندما تتاح هذه المنصات لكل من يملك هاتفا ، فإنك سترى عجبا من المحتويات التافهة ، ولما كان التافهون من المتابعين هم الأغلبية ..

المتسولون على منصات التواصل الاجتماعي .

عندما تتاح هذه المنصات لكل من يملك هاتفا ، فإنك سترى عجبا من المحتويات التافهة ، ولما كان التافهون من المتابعين هم الأغلبية ، فإن هذه المنصات تزدهر وفق معايير التوكتوك واليوتيوب ، فإدارات هذه المنصات لم تحدد معايير وفق قيمة المنشور ، ولا يهمها غير عدد المتابعين ، وقد رأينا في مناسبات مختلفة نماذج تافهة تقدم محتويات لا قيمة لها كيف يصعدون ، وكيف اقتحم مصطلح ترند معجمنا ، وأصبح يتردد على لسان كل تافه ، بل وأصبح يشكل طموحا ماليا لكل هاو او مغامر ، حتى باتت المحتويات المحترمة في ذيل اهتمام الجمهور ، وفي مؤخرة احترام هذه المؤسسات الربحية التي لا يعنيها المحتوى بقدر ما يعنيها كم تحقق من أرباح على حساب التافهين من المتلقين ومن صانعي هذه المحتويات .

لقد أضحت هذه المنصات تتدخل في تشكيل قيمنا الثقافية وتؤثر في التربية ، فلم نعد نحن أصحاب القرار في اختيار ما نشاء وما يصلح للنشء ، لذلك لا تستغربوا بعد الآن حجم الانحدار في الذوق والقيم ، وطغيان ثقافات هزيلة على عقول أبنائكم ، 

ومما يثير الاشمئزاز ، أن أغلب أصحاب هذه المنصات يبتكرون طرقا وأساليب متنوعة لاستجداء الاعجابات والمشاركات ، ولما كانت هذه الطلبات لا تكلف المتلقي شيئا ، فغالبا ما ينجح الاستجداء والابتزاز . وبهذا تكتمل معادلة التشويه ويصبح بذلك التافهون قدوة ، والمحتويات التافهة ( ترند ) ، مما يدفع كثيرين لاختراع محتويات لا قيمة لها ، ولا يملكون شروط الحضور المؤثر شكلا ولفظا ، حتى بتنا نتجول على هواتفنا عبر غابة مزدحمة بالحفر والمطبات والفخاخ كبارا وصغارا ، ونتشكل بهدوء ودون ان نشعر وفق أهواء المتسولين على منصات التواصل بأنواعها .

وأغرب ما لاحظته أن التافهين أكثر جرأة على الولوج الى هذه التجربة من أصحاب المحتويات الجادة ، بمعنى انه امام كل الف حالة تافهة تجد حالة جادة واحدة ، مع الفارق ان التافهين لا يحتاجون إلى تسويق أنفسهم ، فتفاهتهم كافية لتحقيق الانتشار ، بينما أصحاب المحتويات الجادة ذات القيمة لا يكاد يراها أحد .

ووفق هذه المعادلة ، استطاع تجار الدين اللعب على عواطف الماس ومشاعرهم واستقطبوا الملايين ، وهم في المحصلة إما تجار او صناعة رسمية لأهداف سياسية ، ومن هذا الباب دخل علينا ما يسمى الذباب ، واختيار هذا الاسم موفق ، لأن الذباب يتسم بالكثرة والقذارة .

كثيرون وقعوا ضحية الإعجاب ببعض المنصات فوجدوا انفسهم دون علمهم جزءا من هذا الذباب ، فلوثوا وتلوثوا .

أين نحن ذاهبون ؟! وكيف نحصن أنفسنا من هذه المخاطر ؟! صدقا أنا لا أملك حلا ، لأن الحلول تحتاج قرارات سيادية لا أملكها ، وربما لا تماكها دول هزيلة من وزن ريشة .

الموضوع للنقاش . ولا استجدي من أحد أن يؤيد وجهة نظري ، لكني لا أقبل أن يتنمر أحد علي او على أحد من أصدقائي على صفحتي . وان اتيح لهذا الموضوع النشر على حسابات أخرى - آمل ذلك - فالقرار عائد لإدارة تلك الحسابات . 

د. احمد عرفات الضاوي