سوريا .. أحداث جرمانا وتبعاتها على السلم المجتمعي

شهدت مدينة جرمانا في ريف دمشق تصاعداً في التوتُّرات ومواجهات عنيفة، إثر تداول تسجيل صوتي يُنسب لشخص من الطائفة الدرزية يحتوي على إساءات للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عبر تطبيق "واتساب". أدى انتشار المقطع إلى تفجير غضبٍ واسع، تسبَّب في اشتباكات مسلحة داخل المدينة، وانعكست تداعيات الحدث على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبَّر نشطاء عن رفضهم لاستخدام الخطاب الطائفي، محذرين من كونه محاولةً ممنهجة لإشاعة الفتنة وزعزعة الاستقرار في سوريا.
تفاعلات ودعوات للمساءلة
أكَّد مغردون على ضرورة محاسبة المُسيء دون تمييز، معتبرين أن مثل هذه الأفعال "لا تمثل سوريا الجديدة". وفي الوقت ذاته، لفت بعض المتابعين إلى مخاوفهم من تصاعد العنف، خاصةً مع تداول مقاطع تُظهر انتشار أسلحة ثقيلة تعود لترسانات النظام السابق بحوزة مجموعات مسلحة.
استجابة رسمية فورية
أصدرت وزارة الداخلية السورية بياناً دعت فيه المواطنين إلى ضبط النفس، والالتزام بالنظام العام، وعدم الانجرار خلف أي استفزازات. وأكَّدت الوزارة فتح تحقيقٍ عاجل لتحديد هوية صاحب التسجيل المسيء تمهيداً لمحاكمته. كما أشار بيانٌ لاحق إلى أن الاشتباكات شملت مجموعاتٍ من داخل المدينة وخارجها، وأسفرت عن سقوط ضحايا بين المدنيين وقوى الأمن، ما استدعى تعزيز الوجود الأمني وفرض طوقٍ حول المنطقة لمنع تصعيد الأوضاع.
مواقف دينية ورسمية حازمة
سارع قادة دينيون من الطائفة الدرزية إلى إدانة الحادث، حيث صرَّح الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، بأن "كل من يتعدى على المقدسات سيواجه عقاباً صارماً"، مؤكداً تعاون المشيخة مع الجهات المعنية لضبط الأمن. من جانبه، نبَّه محافظ السويداء مصطفى البكور إلى أن "التعدي على الرموز الدينية جريمة لا تُغتفر"، مشيراً إلى توجيه الشرطة للتحقيق الفوري.
دعوات لنبذ العنف
تصدَّرت دعوات لاحتواء الأزمة واجهة التفاعلات على منصات التواصل، حيث طالب مدونون بـ"إخماد نار الفتنة بالحكمة"، معتبرين أن "الخطاب التحريضي يُفاقم الأزمات ولا يحلها". وأكد آخرون أن جرمانا – بتركيبتها الاجتماعية المتناغمة – ترمز لوحدة النسيج السوري، وأن حل الأزمة يقع على عاتق الدولة عبر تطبيق القانون وجمع السلاح غير المرخَّص.
انتقادات لسياسات الدولة
في سياق متصل، حمَّل بعض المعلقين الحكومة السورية مسؤوليةَ التصدي المتأخر للأزمة، داعين إلى "تعزيز آليات الضبط الأمني وسحب الأسلحة من الأيدي العابثة قبل تفاقم الأزمات"، معتبرين أن "التدخل السريع هو الضامن الوحيد لاستقرار البلاد".
وتُظهِر هذه الأحداث هشاشة الوضع الأمني في ظل استمرار انتشار السلاح، وتؤكد الحاجة إلى تعزيز الحوار المجتمعي وترسيخ ثقافة التسامح، مع تفعيل آليات قانونية رادعة للحفاظ على السلم الأهلي.