الفرزدق يهجو وجرير يرد، فاعتبروا يا أولي الألباب

في شعر النقائض الذي يعد قمة الشعر الفصيح ونهاية عصر الاحتجاج ، هذا الشعر من نفائس الشعر العربي والذي ما زال حاضرًا وبقوة..

الفرزدق يهجو وجرير يرد، فاعتبروا يا أولي الألباب
الفرزدق يهجو وجرير يرد، فاعتبروا يا أولي الألباب

خلاصة الكلام ماذا استفاد الفرزدق وجرير من إضاعة حياتهما التي تجاوزت السبعين عاما سوى الموت المؤكد للاثنين.

تركا الاستمتاع بالحياة وتفرغا للانتقام من بعضهم البعض ، فسبوا وشتموا وانتهكوا الأعراض حتى والديْ الشاعرين لم يسلما من لسانهما اللاذع.

كان بإمكانهما الاستمتاع بحياتهما ومنح الإنسانية من شعرهم الرائع الجميل في الحب والجمال والطبيعة واحترام التاريخ لهما فلم يصل إلينا إلا القليل من شعرهم الإنساني الفريد ، لكن تم التركيز على براعتهما في السب والشم وهتك العرض .

مضت السنوات أو أقصد ضاعت السنوات هباء منثورا ، واستمر الاثنان في معاركهما الفنية المجنونة، فمات الفرزدق وانحنى ظهر جرير، و بكى جرير ألد أعدائه دما.

لم يعد هناك من يناكفه وينافسهء حتى أن كثيرا من الشعراء في ذلك العصر الذهبي حاولوا استفزازه ، فهجوه شعرا كي يرد عليهم فيخلدهم التاريخ، لكن جرير لم يرد على أحد منهم حتى لو طعنوا بشرفه ، بل تركهم لمزبلة التاريخ،

تنبه جرير بأنه أضاع حياته في عداء شخص واحد، ولم يستمتع بحياته كبقية البشر ، همه الوحيد كيف يحرق قلب عدوه ، وعدوه عامله بالمثل .

تنبه جرير أن الموت الذي نفر منه فإنه ملاقينا ... تنبه جرير أن الشهرة والغنى لا تعدل ساعة من الصحة أو اللعب مع أطفاله.

تنبه جرير أن 80 عاما قضاها بإضاعة الوقت بالانتقام، ولم يستغل منها ساعة للاستمتاع بحياته ... مات جرير والفرزدق ولم ينفعهما شهرة ولا انتصار ولا حتى تخليد التاريخ لهما ... فالكل قد تساوى في الثرى ... التاريخ يعيد نفسه بتقنيات لم يستخدمها بشر سوانا.