مجلة طبية بريطانية: فايزر انتهكت معايير علمية خلال اختبار اللقاح

كشفت المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، الأربعاء، أن شركة الأدوية متعددة الجنسيات فايزر، ارتكبت "انتهاكات جسيمة" للمعايير العلمية، على حساب تكامل البيانات وسلامة المرضى، أثناء إجراء التجارب السريرية للقاح كوفيد-19.

مجلة طبية بريطانية: فايزر انتهكت معايير علمية خلال اختبار اللقاح

كشفت المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، الأربعاء، أن شركة الأدوية متعددة الجنسيات فايزر، ارتكبت "انتهاكات جسيمة" للمعايير العلمية، على حساب تكامل البيانات وسلامة المرضى، أثناء إجراء التجارب السريرية للقاح كوفيد-19.

وقالت المجلة، إن انتهاكات الشركة التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، شملت "تزييف بيانات، وكشف تعمية المرضى، وإخفاء آثار جانبية سلبية".

والتعمية blinding، هي تقنية تُستخدم لتجنب المشكلات الناجمة عن تأثير الدواء الوهمي، إذ لا ينبغي ألا يعلم المرضى المشاركون في الدراسة ما إذا كانوا يحصلون على الدواء الجديد أم القديم. وقد يكشف الطبيب أو الممرضة للمريض (بشكل غير مقصود) طبيعة الدواء الذي يحصل عليه، وبالتالي "يكشف تعمية" المريض.

وأجرت المجلة هذا التحقيق بعد أن تلقى مكتب تحريرها، اتصالاً من بروك جاكسون، المدير الإقليمي لـ"مجموعة فينتافيا للأبحاث"، وهي شركة أبحاث سريرية خاصة مقرها في تكساس ساعدت شركة فايزر في إجراء التجارب. 

وقالت جاكسون للمجلة، إن شركة فايزر "زيّفت البيانات، وكشفت تعمية المرضى، ووظفت مُلقحين يفتقرون إلى التدريب الكافي، وكانت بطيئة في متابعة الآثار الجانبية التي يجري الإبلاغ عنها في تجربة المرحلة الثالثة المحورية". 

وأشارت جاكسون إلى أنها فُصلت في سبتمبر 2020، بعد أن أبلغت المكتب الرئيسي للشركة بصورة متكررة عن انتهاكات جسيمة للتجارب السريرية.

ووفقاً المجلة، "اصطدم الموظفون الذين أجروا مراجعات تتعلق بمراقبة الجودة، بحجم المشكلات التي كانوا يكتشفونها. وبعد إخطار فينتافيا بصورة متكررة، بهذه المشكلات، أرسلت جاكسون، شكوى عبر البريد الإلكتروني إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه)، لكن فينتافيا فصلتها في وقت لاحق من نفس اليوم".

وقدمت الموظفة المطرودة للمجلة، العشرات من وثائق الشركة الداخلية والصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية، ما أقنع المحررين بأن أقوالها كانت صحيحة. 

وأثناء التحقق من صحة المعلومات، تلقت الدورية البريطانية المزيد من الأدلة التي تؤكد أن تجارب اللقاح لم تفِ بالمعايير التي أعلنتها شركة فايزر.

وأوضحت المجلة، أنه بشكل خاص، لم تُخزن اللقاحات دوما بمراعاة الشروط اللازمة، إذ أتيحت لجميع الطاقم الطبي للشركة تقريباً إمكانية الوصول إلى بيانات بشأن هوية المرضى، وهو ما يتعارض مع معايير إجراء تجارب التعمية. 

علاوة على ذلك، اكتشفت جاكسون وزملاؤها في كثير من الأحيان أخطاء في البيانات المُجمعة وعجزوا أيضاً عن الاستجابة بسرعة لشكاوى المرضى بشأن الآثار الجانبية الخطيرة.

ووفقاً لجاكسون، هذه الأخطاء جعلت المجلس التنفيذي لشركة فايزر متخوفاً من عمليات التدقيق التي أجرتها "إف دي إيه"، والهيئات الرقابية الأخرى، ما أفضى إلى تزييف البيانات، بالإضافة إلى التستر على بعض المعلومات.

وقد أبلغت رؤسائها مراراً بسوء إدارة المختبر وأعربت عن مخاوف بشأن سلامة المرضى ومسائل تكامل البيانات. كانت جاكسون مراقبة تجارب سريرية متمرسة، وشغلت سابقاً منصب مدير عمليات وجاءت إلى "فينتافيا" مع أكثر من 15 عاماً من الخبرة في تنسيق البحوث السريرية وإدارتها.

وبعد أن ضاقت ذرعاً من عدم تعامل شركتها مع المشاكلات، وثقت جاكسون عدة أمور في وقت متأخر من إحدى الليالي، والتقطت صوراً على هاتفها المحمول.

وأظهرت إحدى الصور التي قدمتها إلى المجلة الطبية البريطانية إبراً ملقاة في كيس واقي من المخاطر البيولوجية بدلاً من حاوية الأدوات الحادة. وأظهرت صورة أخرى مواد تغليف لقاح مكتوب عليها أرقام هوية المشاركين في التجارب ومتروكة في مكان مفتوح، ما قد يؤدي إلى "كشف تعمية" المشاركين. وفي وقت لاحق استجوب المسؤولون التنفيذيون في "فينتافيا" جاكسون لالتقاط الصور.

وفي تسجيل لاجتماع في أواخر سبتمبر 2020 بين جاكسون واثنين من المديرين، يمكن سماع أحد المديرين التنفيذيين في "فينتافيا" يوضح أن الشركة لم تتمكن من تحديد أنواع وعدد الأخطاء التي اكتشفوها عند فحص مستندات التجارب لمراقبة الجودة. وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في فينتافيا: "في رأيي، إنه شيء جديد كل يوم. نحن نعلم أن هذا أمر خطير".

وتظهر الوثائق أن المشكلات كانت مستمرة منذ أسابيع. في قائمة "عناصر العمل" التي تم توزيعها على قادة "فينتافيا" في أوائل أغسطس 2020، بعد فترة وجيزة من بدء التجارب وقبل تعيين جاكسون، حدد مسؤول تنفيذي في "فينتافيا" ثلاثة موظفين في الموقع، يمكنهم "مراجعة مسألة المذكرات الإلكترونية/ تزييف البيانات، إلخ...". وتشير إحدى الملاحظات إلى أن أحدهم "نُصح شفهياً بتغيير البيانات، وعدم الإشارة إلى الإدخال المتأخر".

وفي عدة نقاط خلال اجتماع أواخر سبتمبر، ناقشت جاكسون والمديرين التنفيذيين في "فينتافيا" إمكانية حضور إدارة الغذاء والدواء للتفتيش، وقال مسؤول تنفيذي: "سنحصل على نوع من الرسائل الإعلامية على الأقل، عندما تصل إدارة الغذاء والدواء إلى هنا.. وتعرف ذلك".

في صباح اليوم التالي، 25 سبتمبر 2020، اتصلت جاكسون بإدارة الغذاء والدواء الأميركية للتحذير من الممارسات غير السليمة في التجارب السريرية لشركة فايزر في فينتافيا، ثم عبرت عن مخاوفها في بريد إلكتروني إلى الوكالة. في فترة ما بعد الظهر، فصلت شركة فينتافيا جاكسون التي اعتبرت "غير مناسبة"، وفقاً لرسالة إنهاء خدمتها 

وقالت جاكسون للمجلة البريطانية، إنها المرة الأولى التي تُطرد فيها من عملها خلال حياة مهنية 20 عاماً في مجال البحث.

في غضون ساعات، تلقت جاكسون رسالة بريد إلكتروني من إدارة الغذاء والدواء تشكرها على مخاوفها، وتبلغها بأن الوكالة لا يمكنها التعليق على أي تحقيق قد يترتب عليها. وبعد بضعة أيام، تلقت جاكسون مكالمة من مفتش إدارة الغذاء والدواء لمناقشة تقريرها، لكنها أُبلغت إنه لا يمكن تقديم مزيد من المعلومات. ولم تسمع شيئاً آخر فيما يتعلق بتقريرها.

وحسب ما كشف موظفو "فينتافيا"، ظل الوضع على حاله بعد إقالة جاكسون، وشركة فايزر تواصل استخدام خدمات الشركة أثناء إجراء تجارب لقاحات جديدة.

واللقاحات، التي طوّرتها شركتا فايزر وموديرنا، عبارة عن جزيئات نانوية دهنية تحتوي على جزء من الحمض النّوويّ الريبي الرّسول (RNA) لفيروس كوفيد-19، ويمكن أن تدخل الخلايا البشرية وتحفزها على إنتاج كميات كبيرة من شظايا البروتينات التي تغطي فيروس "سارس-كوف-2"، ما يؤدي إلى استجابة مناعية.

وفي أبريل 2020، أطلقت شركة فايزر التجارب السريرية، وانتهت من المرحلتين الأوليين في أوائل خريف 2020، بينما بدأت المرحلة الثالثة في نوفمبر 2020، ولا تزال مستمرة حتى اليوم. 

وبعد استخدام اللقاح على نطاق واسع، أبلغ عن بعض الآثار الجانبية الخطيرة التي لم تكن معروفة من قبل، وكان معظمها نادراً للغاية.