وعد بلفور للتخلص من يهود أوروبا
أن هذه الجريمة التي كان ضحيتها الشعب الفلسطيني ماثلة أمام العالم، ولم تزل آثارها ترهق كاهل الشعب الفلسطيني الذي تستمر معاناته بسبب هذا الوعد؛ فالنكبة هجرتهم من ديارهم عام 1948م، ودمرت بيوتهم عام 1967م، ولا زال القتل والتدمير وكل أشكال الانتهاكات والإجرام بحق الشعب الفلسطيني مستمر حتى اللحظة.
منذ عام 1841 شجَّعت وزارة الخارجيّة البريطانيّة إلى هجرة اليهود بنشاط إلى فلسطين، حيث كان 24 ألف يهوديّ فقط يعيشون في فلسطين بنسبة 3٪ من مجمل سكان فلسطين.
أصدرت حكومة بريطانيا بيان علني خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس «وطن قوميّ للشعب اليهوديّ» في فلسطين، والتي كانت تحت حكم العثمانين آنذاك، وذات أقليّة يهوديّة.
كان لهذا الوعد دوافع وأسباب قادت بريطانيا إلى تبني وإصدار هذا الوعد، هو تلاقي المصالح الاستعمارية وتقاطعها مع الحركة الصهيونية انطلاقاً من قيمة فلسطين الإستراتيجية باعتبارها بوابة العبور إلى آسيا، فقال تيودور هرتزل عن دور الدولة اليهودية في فلسطين: "سنكون بالنسبة إلى أوروبا، جزءاً من حائط يحميها من آسيا، وسنكون بمثابة حارس يقف في الطليعة ضد البربرية".
بالإضافة إلى رغبة بريطانيا في كسب تأييد يهود العالم لها أثناء الحرب العالمية الأولى، وتخوفها من موجات الهجرة اليهودية نحو أوروبا لما تحمله هذه الهجرات من أعباء وتبعات تضر ببريطانيا ودول أوروبا الأخرى فعمدت إلى تحويلها باتجاه فلسطين.
جاء هذا الوعد من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك (آرثر جيمس بلفور) في الثاني من تشرين الثاني من عام 1917م إلى اللورد روتشيلد (أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية)، حيث كان حوالي 8.000 من أصل 300.000 يهودي بريطاني ينتمون إلى المنظمة الصهيونيّة قبيل إعلان وعد بلفور.
زاد وعد بلفور من الدعم الشعبي للصهيونية في أوساط المجتمعات اليهوديّة في أنحاء العالم ودعوا يهود العالم إلى الهجرة إلى فلسطين وقامت بحشد الدعم المالي والعسكري لتمكين وجودهم.
لم يستسلم شعبنا الفلسطيني للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرضها على الأرض الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة؛ بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929م، ثم تلتها ثورة 1936م والثورة الفلسطينية المعاصرة.
أن هذه الجريمة التي كان ضحيتها الشعب الفلسطيني ماثلة أمام العالم، ولم تزل آثارها ترهق كاهل الشعب الفلسطيني الذي تستمر معاناته بسبب هذا الوعد؛ فالنكبة هجرتهم من ديارهم عام 1948م، ودمرت بيوتهم عام 1967م، ولا زال القتل والتدمير وكل أشكال الانتهاكات والإجرام بحق الشعب الفلسطيني مستمر حتى اللحظة.
ومازالت دول العالم تستمر بالحماية والدعم والرعاية والتفوق العسكري لدولة الإحتلال، وتغض النظر عن أفعالها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني.
رغم اعتراف الحكومة البريطانيّة عام 1939 أنه كان من المفترض أخذ آراء السكان المحليين بعين الاعتبار، وإعتراف بريطانيا عام 2017 بأنه كان ينبغي أن يدعو إعلان بفور إلى حماية الحقوق السياسيّة للعرب الفلسطينيِّين، ألا أنه مجرد كلام فارغ في ظل دعمهم للاحتلال على الأرض منذ أكثر من 150 عاماً، بل ويجب الإعتذار من الشعب الفلسطيني والتراجع عن جميع إعترافاتها بدولة الإحتلال في الأمم المتحدة.
أن الأجيال الفلسطينية المتعاقبة لن تغفر لمن ارتكب هذه الجريمة المستمرة التي كانت الأساس في تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه ومعاناته في مخيمات اللجوء والشتات، وستفشل كافة المشاريع والخطط الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وستبقى هذة الأجيال متمسكةً بحقوقها غير القابلة للتصرف في الحرية والاستقلال والعودة.