الشهيد المبحوح: صائمًا مقبلاً غير مدبر.. أمّن طحين الجياع قبل أن يرحل

هكذا خطّ رسالته الأخيرة لشعبنا وأمتنا "نحن لا نستسلم ننتصر أو نستشهد"، اللواء الشهيد فائق المبحوح مدير عام العمليات المركزية لوزارة الداخلية

الشهيد المبحوح: صائمًا مقبلاً غير مدبر.. أمّن طحين الجياع قبل أن يرحل

هكذا خطّ رسالته الأخيرة لشعبنا وأمتنا “نحن لا نستسلم ننتصر أو نستشهد”، اللواء الشهيد فائق المبحوح مدير عام العمليات المركزية لوزارة الداخلية، ظلّ صامدًا حتى آخر قطرةٍ من دمه لتأمين الطحين للجياع في شمال غزة، وتولى التنسيق مع مخاتير العشائر والموظفين الأمميين بكل مهنيةٍ وإتقانٍ، ما أصاب العدوّ الصهيوني بالذهول، فكيف يُعقل ذلك، إنهاء الفوضى التي سعى لها على مدارس الشهور الماضية تختفي بغمضة عين ليحلّ مكانها طوابير منتظمة وتوزيع للدقيق على المواطنين بكلّ سهولةٍ ويسر.

لم يرق للعدوّ المجرم هذا المشهد الراقي الذي نظمّه “المبحوح” وإخوانه المخلصون في القطاع، فأراد قطع العقد المنظوم وفرط حباته مرة أخرى، ظنًا منه – وهو واهمٌ – بأنّ قتل القادة سيسهم بفرض حالة الفوضى التي يسعى لها مرة أخرى وسحب البساط من تحت أهل غزة الصامدين وإدارتهم المبدعة في كل الحقول والمجالات سياسيا وإنسانيا وعسكريًا، فواصل جريمة “الطحين المغمّس بالدم” لمنتظريه ومؤمّنيه للأفواه الجائعة على حدٍ سواءٍ.

يعرفه أهل غزة جيدًا، فهو شخصية وطنية وشقيق القائد الشهيد محمود المبحوح، أمضى 15 عاما في سجون الاحتلال الصهيوني، وسليل عائلة مجاهدة قدمت التضحيات في سبيل فلسطين والقدس والمسجد الأقصى.

ومن المهام الأساسية للشهيد فائق المبحوح، والتي أغاظت الاحتلال أشد الغيظ، تأمين شاحنات المساعدات الإنسانية لإغاثة شعبنا في محافظتي غزة والشمال، والتي صمد فيها سبعمائة ألف غزيّ رافضين كل المؤامرات لتهجيرهم قسرًا حتى وإن دفعوا حياتهم ثمنًا لذلك تحت حصار القصف وحرب التجويع.

وإن كان الشهيد المبحوح، يقوم على مهمة عظيمة، رصدها الاحتلال سريعًا، وعرف أهميتها وخطورتها على مشاريعه الحالية والقادمة، فأقدم على جريمته ضد شخصية يُفترض أنّ القانون الدولي يلزم بحمايتها وليس استهدافها، وظنّ واهمًا أنّ المبحوح وإخوانه يمكن أن يستسلموا لإرادة هذا المحتلّ الغاصب ويرضخوا لأوامره.

رفض اللواء الشهيد – رحمه الله – تسليم نفسه، فاشتبك بصلابة وشجاعة واقدام بسلاحه الشرطي مع العدو فأوقع قتلى وجرحى في صفوف العدوّ، قبل أن يسلم الروح لباريها صائمًا مجاهدًا مقبلاً غير مدبر.

ولن يخفى على أحد أنّ هدف جيش العدو الصهيوني من اغتيال القائد المبحوح هو التأثير على مسار حماية المساعدات، وترسيخ حالة الفوضى الأمنية التي سعى لفرضها على أهل القطاع منذ اليوم الأول للعدوان على غزة.

استنكر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة جريمة إقدام الاحتلال الإسرائيلي على اغتيال العميد في الشرطة الفلسطينية فايق المبحوح الذي يتولى عملية التنسيق مع العشائر و”الأونروا” لإدخال وتأمين المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة.

وقال المكتب الإعلامي في، تصريح صحفي، وصل المركز الفلسطيني للإعلام، إن العميد المبحوح يمارس عملاً مدنياً إنسانياً بحتاً، وكان يتوجب حمايته وعدم التعرض له بموجب القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان، مُحمّلا الاحتلال “الإسرائيلي” والإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن الجرائم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني والمدنيين والأطفال والنساء.

وأضاف المكتب الإعلامي أن استهداف الاحتلال للقائمين على العمل الإنساني؛ “يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنه يسعى بكل قوة إلى نشر الفوضى والفلتان في قطاع غزة، وإلى منع تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مئات آلاف الجوعى في محافظتي غزة والشمال”.

ولفت النظر إلى أن هذا الاغتيال جاء بعد يومين من نجاح جهود إدخال 15 شاحنة مساعدات إلى شمال غزة بعد أربعة أشهر من تعطيل الاحتلال، ما يدلل على أن الاحتلال مصمم على نهج التجويع وحرمان السكان من الحصول على المواد الغذائية رغم محدوديتها.

وعمّت حالة من الحزن في مواقع التواصل على الراحل الكبير فائق المبحوح – رحمه الله – باعتباره أحد الرموز الوطنية الكبيرة التي أسهمت في صمود شعبنا الفلسطيني في غزة، ودافعت عن حقوقه بوجه العدوان الغاشم حتى آخر رمق.

واستذكروا مناقب الفقيد رحمه الله الذي كان سمحا في تعامله راقيا في حبه لوطنه وشعبه، مخلصا في أداء عمله، حتى دفع ثمن ذلك روحه – حسبة لله وابتغاء الأجر والثواب عنده – فليس وحده فهو سليل عائلة مجاهدة قدمت الشهيد تلو الشهيد، رحل تاركا خلفه إرثا كبيرًا وشعبا عظيما سيكمل الطريق حتى تحقيق النصر ودفن العدوّ الصهيوني في رمال غزة.