لماذا تسعى فتح والسُّلطة لتأجيج الرَّأي العام بغزَّة ضدَّ المُقاومة؟

منذ بداية عملية "طوفان الأقصى"، حرضت الماكنة الإعلامية لحركة فتح والأجهزة الأمنية للسلطة برام الله ضد كل ما هو مقاوم في فلسطين، وبدأت بالهجوم على كل من يدعم المقاومة وتحرض ضدهم في تساوق مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
السلطة برام الله بجميع هيكلياتها ومؤسساتها غابت كلياً عن المشهد الفلسطيني طوال فترة الحرب لأكثر من 16 شهرًا، وعن معاناة أهالي قطاع غزة، وجاءت الآن لتشغل أدواتها وقنواتها لتحريض الشعب الفلسطيني الصامد ضد المقاومة، في ظل تواصل حرب الإبادة التي طالت كل ما هو فلسطيني.
كما تعمل من خلال هذه الحملات على ضرب وحدة الشعب الفلسطيني وتشويه نضاله المشروع من خلال التناسق والتناغم الكبير مع خطاب المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، مما يؤكد تماهي سياسة الحركة مع الإبادة الجماعية التي تشنها حكومة الاحتلال على قطاع غزة.
والأكثر غرابة أن هذه الأبواق تهاجم بشكل واضح وممنهج المقاومة وكل من يتحدث في سرب المقاومة، بينما يُترك الاحتلال المجرم دون أي إدانة، بل يقوم بعضهم بالتبرير للاحتلال ارتكابه الجرائم بقصد أو بدون قصد.
وبحسب مراقبين، فإن مظاهر التنسيق الأمني المشترك بين الاحتلال والسلطة لاستغلال الضغط العسكري والإنساني الذي يمارسه الاحتلال على غزة أصبحت أكثر وضوحًا.
ووفقا للمراقبين فإن السلطة وإعلامها يحاولون تبرئة الاحتلال، متناسين عمدًا أنه المسؤول عن جريمة الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يعاني منها المواطنون في قطاع غزة منذ بدء العدوان، مؤكدين على أن وعي شعبنا سيفشل هذه المخططات الرامية إلى ضرب النسيج الاجتماعي.
ووفق مراقبون، كان من الأولى على فتح والسلطة أن يوجّهوا سهامهم وهجومهم إلى الاحتلال وحكومته المتطرّفة التي تشنّ حرباً وعدواناً على مدن ومخيمات الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأن يعلنوا موقفاً وطنياً في وقف التنسيق الأمني فوراً، ووقف ملاحقتهم للمقاومين وقتلهم.
دعوات التحريض والتظاهر ضد المقاومة، جاءت مع أهداف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تبجح في خطابه أمام الكنيست وقال إن "الاحتجاجات في قطاع غزة تُظهر نجاح سياسات إسرائيل"، وأضاف: "في الأيام القليلة الماضية شهدنا واقعة غير مسبوقة، احتجاجات علنية في غزة ضد حكم (حماس). ويُظهر ذلك أن سياساتنا ناجحة. نحن عازمون على تحقيق جميع أهداف حربنا".
كما دعا وزير الحرب بحكومة الاحتلال يسرائيل كاتس سكان قطاع غزة للخروج في تظاهرات ضد حماس والإفراج عن الأسرى المختطفين باعتبار أن هذه الطريقة الوحيدة لوقف الحرب".
كما أفردت القنوات العبرية مساحات للتغطية الإعلامية لحملات التحريض ضد المقاومة في قطاع غزة، كما استضافت العديد من الشخصيات الفتحاوية للتعليق والتحريض ضد المقاومة.
ومن جانبه، قال الصحفي الإسرائيلي في القناة 14 العبرية، هاليل روزين، إن جيش وحكومة الاحتلال الإسرائيلي يعولون على الضغوطات الداخلية في قطاع غزة، ويدعمون المظاهرات والاحتجاجات، وهي تأتي بديلا من الحرب البرية للضغط على حركة حماس.
وكثيراً ما كانت تعول حكومة الاحتلال الإسرائيلي على تحريض الفلسطينيين وتأجيجهم ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، ولعبت على وتر الانقسام الداخلي تمرير مشاريعها ومخططاتها.
ومن جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو إنه من المستغرب أن يكون هناك أي مواقف فلسطينية تعمل على خلخلة الجبهة الداخلية الفلسطينية، خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني بظروف ومفاوضات حساسة جدًا.
وأضاف سويرجو، أتمنى على حركة فتح أن يبتعدوا عن هذا المشهد والا يكونوا جزء من هذه العملية لأن تدخلهم سيبوء بالفشل، مشددًا على أن أي موقف لطرف فلسطيني في هذا الإطار قد يشكل خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني.
وتابع الكاتب والمحلل السياسي، الجمهور الفلسطيني لم يعد يرى بديلًا في حركة فتح نفسها التي غابت لأكثر من 16 شهرًا عن معاناة أهالي قطاع غزة.
وأردف، الجمهور الفلسطيني لا يمكنه أن يصدق حركة فتح التي تذكرت الآن أن هناك شعب فلسطيني في قطاع غزة، بعد أن خرجت بعض التظاهرات النابعة من الغضب جراء الضغط المهول الذي يتعرض لها أهالي القطاع جراء حرب الإبادة.
وقال سويرجو، أعتقد أن الشعب الفلسطيني على درجة عالية من الوعي، وكذلك قدرة على التمييز بين المواقف الحقيقية والمزيفة والتي تدعي أنها حريصة عليه.
وأوضح أن الشارع الفلسطيني عبر عن نفسه في بعض التظاهرات والتي كان الهدف منها إرسال رسالة للعالم أن هناك شعب يرغب في الحياة ووقف الحرب، ولم يكن الهدف الأساسي كما حاول البعض اظهاره بأنه مطالبة المقاومة بالرحيل.
وواصل سويرجو، بلا شك الضغط المهول الذي يتعرض له شعبنا بسبب الحصار والقصف واستمرار حرب الإبادة خلق حالة من القلق والضيق لدى المواطنين، مبينًا أن الاحتلال من وراء ذلك يسعى إلى تفجر الجبهة الداخلية في وجه القائمين على الحكم.
وأكد على أن الاحتلال الذي مارس عملية الإبادة لا يمكنه أن يتوانى عن استخدام كل الأساليب القذرة وغير القذرة من أجل تحقيق أهدافه، وسيعمل على استغلال هذه التظاهرات في اتجاه حرف البوصلة والقول بأن السبب في كل ما يجري للشعب الفلسطيني هو مقاومته وليس من ارتكب الجرائم بحقه عبر أكثر من سنة ونصف.
ومن جانبه، أكد القيادي الوطني الفلسطيني عمر عساف أن محاولات "الاستغلال الرخيص" لمعاناة أهالي قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا، تهدف فقط إلى خدمة أعداء الشعب الفلسطيني.
وأشار عساف، إلى أن الإعلام الصهيوني وأدواته، مثل أفيخاي أدرعي وإيدي كوهين، روجوا لما وصفه بـ"التحركات ضد المقاومة" في محاولة لضرب وحدة الصف الفلسطيني، مؤكدًا على أن من يستغل احتياجات المواطنين للعب دور "الطابور الخامس" يطعن في المقاومة في وقت يقف فيه العالم احترامًا لها.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني مُجمع على خيار المقاومة في مواجهة الاحتلال الذي يرتكب المجازر في غزة، ويواصل عدوانه في الضفة الغربية المحتلة، حيث تسبب في تهجير نحو 50 ألف فلسطيني من منازلهم.
ولفت عساف إلى ضرورة توحيد الصف الفلسطيني على قاعدة المقاومة، وليس على أي خيار آخر، داعيًا كل من يحاول إثارة الشارع الفلسطيني (في إشارة إلى السلطة) إلى مراجعة مواقفه، وإدراك أن الاحتلال هو العدو الوحيد الذي يجب مواجهته بوحدة الصف والارتقاء إلى مستوى التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في معركته المستمرة من أجل نيل حقوقه.
الكاتب والمحلل السياسي، ماجد الزبدة، أكد أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبدورها المريب و العلني في ملاحقة المقاومة، تسهّل مهمة اليمين الإسرائيلي المتطرف ومخططاته لتهجير جميع الفلسطينيين من الضفة المحتلة للأردن، ولا تحظى باحترام شعبها ولا حتى المجتمع الدولي.
واضاف الزبدة، إن "السلطة الفلسطينية بإصرارها على نهج التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال، تبدو اليوم كمن يشنق نفسه بيديه وهي تفقد أوراق القوة بدءاً بضعف تأثيرها السياسي والدبلوماسي، ومروراً بفقدان الحاضنة الشعبية التي تؤمن بخيار المقاومة كفطرة طبيعية لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال عبر التاريخ".
وتابع" للأسف فإنه في حال استمرت السلطة الفلسطينية في ذات النهج فإن مستقبل الضفة المحتلة ذاهب باتجاه التيه الوطني بإسهام من أيادٍ فلسطينية؛ وإكمال اليمين الصهيوني سيطرته على جميع أراضي الضفة المحتلة من خلال الإستيطان الإحلالي لصالح المستوطنين اليهود".
وبدوره، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، باسم نعيم، إن "من حق الناس جميعا أن تصرخ من شدة الألم وأن ترفع صوتها عاليا ضد العدوان على شعبنا والخذلان من أمتنا".
وأضاف نعيم: "لكن مرفوض ومستنكر استغلال هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية، سواء لتمرير أجندات سياسية مشبوهة أو إسقاط المسؤولية عن المجرم المعتدي وهو الاحتلال وجيشه".
وتابع: "نقول لأصحاب الأجندات المشبوهة أين هم مما يحدث في الضفة الغربية من قتل وتهجير وتدمير وضم للأراضي على مدار الساعة؟ فلماذا لا يخرجوا هناك ضد العدوان أو يسمحوا للناس أن تخرج إلى الشارع للتنديد بهذا العدوان".
وشهدت الساعات الماضية خروج مسيرات شعبية في قطاع غزة تطالب بإنهاء الحرب، فيما يحاول مسؤولو الاحتلال وإعلامه، ومن خلفهم إعلام السلطة، استغلال مطالبات المواطنين للهجوم على حركة حماس والمقاومة.
المصدر: شهاب