بكل وضوح فج
في التراث العربي- الإسلامي، هناك ما هو عظيم، وهناك ما هو تافه أيضاً، وهذا طبيعي في تاريخ الأمم قاطبة، لكن العرب والمسلمين قدموا للبشرية من العلوم والفلسفة والآداب والفنون ما يجعلهم في مقدمة الأمم

في التراث العربي- الإسلامي، هناك ما هو عظيم، وهناك ما هو تافه أيضاً، وهذا طبيعي في تاريخ الأمم قاطبة، لكن العرب والمسلمين قدموا للبشرية من العلوم والفلسفة والآداب والفنون ما يجعلهم في مقدمة الأمم التي ساهمت بفاعلية في نسق الحضارة الإنسانية، وهذا يُستنتج من خلال المقارنة مع تقْدِماتِ الأمم الأخرى، تماماً كما ساهم جزءٌ من رموز العرب والمسلمين وحكامهم وفقهائهم في تمظهرات متوحشة وسخافات وهرطقات صارت من التراث بدورها !.
بعض هؤلاء قطعَ الرؤوس، نعم، و تزمت وشدَّدّ من إجراءات القمع الوحشي، وبث مقولات التخلف، لكن الأكثرية منهم أغنت الفكر والعلوم والفنون ورفدت الأخلاق البشرية بما هو قيِّم، ذلك باعتراف غالبية المؤرخين والدارسين، باستثناء الصهاينة متنوعي العناوين، وبقية الكارهين الحاقدين قومياً وطائفياً ودينياً، ومن لهم مآرب سياسية أيضاً.
تنضم إلى هؤلاء منذ سنوات شريحة عربية ساذجة أسميها" مثقفو وكتاب الفيس بوك وتويتر مثلاً" يستسهلون عن وعي وعن غير وعي- التهجم على الإسلام في سبيل الإساءة للعرب كأمة، والتهجم على العرب في سبيل الإساءة للإسلام كدين وثقافة، باحثين عن اسم ما ليجعلوا منه سفيراً لأحدهما، وهو ما ينم عن تخلف وسطحية، بخاصة عندما تقرأ لهم ما يكتبون من مفردات هابطة السويَّة، لا تمت للكتابة المهنية وحرفيَّتها بصلة.
... في بلاد الشام يكتب البعضُ الساذجُ منطلقاً من مرض نزعة الشوفينية المُتوهَّمة، داعين إلى نبذ وتحقير العروبة والإسلام ولغتهما والعودة إلى الآرامية والسريانية والفينيقية، وهم لا يعلمون تاريخ وفحوى العربية ولا الآرامية، وبغالبيتهم لا يعلمون أيضاً بأن ذلك مدفوع من قبل مؤسسات وجهات لا تريد لا للشامي والسرياني والمسيحي والمسلم ولا العربي خيراً وفي آنٍ معاً، فهي هجمة ممنهجة لتشويه ومحو ثقافة وتراث المنطقة بأكملها.
من ذلك مثلاً، الدعوة إلى نبذ اللغة العربية تماماً والتخلي عنها، وهي اللغة التي- ومن سخرية الحال أنهم يكتبون دعوتهم بها- باللغة العربية ذاتِها مهاجمين اللغةَ العربية ذاتَها!- متناسين أن العربية محت الآرامية باعتبارها تقدمت عليها كلغة أكثر نضجاً وحداثوية وقتها وهضمتها في داخلها – تشكل الآرامية أساس العربية الأول-، وهذا أمر طبيعي في تطور اللغات وتوسعها.
إن هؤلاء الذين لم يتعرفوا على التراث الحضاري إلا من خلال الشفهيات والنقليات وما قرأوا أصلاً لا التراث ولا الدين ولا التاريخ، وهم لا يعرفون حرفاً من الآرامية والكنعانية والتدمرية والسومرية وغيرها، هم مجموعة طبول فارغة ثقافياً تنفذ مآرب ضد ذاتها عن غير وعي، والبعض عن وعي وظيفي.
كما تراهم يهاجمون بفجاجة ويسخفون الحضارة الإسلامية والمسيحية وشعبها بناءً على مقولات وأفعال بعض من مروا من هنا منذ ألفي عام حتى اليوم، بحجة أنهم "لا دينيين"، ويتناسون أو يشيدون في الوقت عينه بسخافات اليهودية وتخلفها بشتى مكتوباتها وعاداتها المثيرة للسخرية فعلاً في جنباتها كافة، محتفلين بالعهد القديم الذي يعج سذاجةً وسخفاً، ويناقض في جُل صفحاته قيم وأخلاق الإنسانية ويدعو في صفحاته للقتل والعنصرية واللصوصية والإرهاب، باستثناء النص الفلستيني القديم والجميل – أصله قصيدة حب- المحشور بين صفحاته والمسمى سفر نشيد الإنشاد.
هؤلاء الشحيحو المعرفة، إنْ شاءوا أم أبوا هم جنود التخلف والوثنية والشر والإرهاب والفساد والعنصرية، ومساندو المجازر والذبح وأنواع الكراهية.
وليد عبد الرحيم