أزمة النقد الأدبي في الأردن .

من ملاحظاتي الانطباعية ، ومتابعتي للإنتاج الأدبي الغزير في الأردن ، لاحظت غيابا للنقد الأدبي الذي يقيم ويوجه ويسلط الضوء على الإصدارات الأدبية شعرا ونثرا ، حتى باتت عملية النشر نمطية وآليتها مركبا وطيئا فاختلط الغث بالسمين

أزمة النقد الأدبي في الأردن .

من ملاحظاتي الانطباعية ، ومتابعتي للإنتاج الأدبي الغزير في الأردن ، لاحظت غيابا للنقد الأدبي الذي يقيم ويوجه ويسلط الضوء على الإصدارات الأدبية شعرا ونثرا ، حتى باتت عملية النشر نمطية وآليتها مركبا وطيئا فاختلط الغث بالسمين وتكدست المنشورات على الرفوف ، وتضاعف الهدر وتراجعت الفائدة من هذه الإصدارات .

النقد الموجود حاليا على قلته هو مجرد قراءات نقدية ، تعيد قراءة النصوص وتبسط فهمها للمتلقي وغالبا ما يتم ذلك بشكل انتقائي بمعايير تتعلق بالناقد ، وفي المحصلة لا تكون هذه القراءات كافية لتحقيق الغاية من النقد الذي ينتظره الكتاب والمبدعون . 

هناك بعض الجهود النقدية التي ينفذها إكاديميون بين الحين والآخر ، ويتم اختيار النصوص بشكل انتقائي ، وتسلط الضوء على النتاج الإبداعي للمشاهير الذين اخترقوا جدار الأهمال باعمال أدبية متطرفة او عابرة للتابوهات ، وكأن الناقد يوجه دعوة غير مباشرة للمبدعين بان يخترقوا الثوابت لتحظى أعمالهم بالاهتمام والتسويق .وحتى هذا النمط من النقد له جدوى اقتصادية للناقد الأكاديمي ، الذي يجمع ما كتبه في كتاب ، ويتم تسويقه للتلاميذ الذين يبحثون عن ضالتهم في هذه الكتب التي تساعدهم على معرفة ما يتيح لهم النجاح عندما يتبنون أفكار أساتذتهم . 

تغطي الرسائل الجامعية بعض النقص في الجهود النقدية ، وهي في المحصلة على الرغم من جديتها لا تتناول الا أعمال المشاهير . 

أتفهم أسباب الشح في الجهود النقدية ، وعلى رأس هذه الأسباب أن مقالة نقدية واحدة جادة تحتاج من الناقد جهدا ووقتا في قراءة العمل الأدبي أكثر من مرة ، ثم يتلو ذلك ننسيق الأفكار وكتابتها ، فالناقد يقرأ ليوجه ويضيء على عناصر تشكيل النص الأدبي ، ولا يقرأ للمتعة فقط ، ومثل هذا الجهد يحتاج وقتا وجهدا مضنيا ، وليس كما يظن بعض المبدعين ، الذين يلومون النقاد ويتهمونهم بالتقصير ، علما أن المردود المادي الذي قد يلقاه الناقد على هذا المجهود لا يتعدى مكافأة متواضعة من المجلات المتخصصة ، والناقد في المحصلة إنسان له حاجاته وطموحاته ، لذلك يتردد الناقد في الانغماس بأي بحث نقدي أو مقالة نقدية أو قراءة مسلوقة ، لأنه يعلم أن المردود المادي والمعنوي لا يساوي الجهد المبذول ، وهو يعلم أن ما كتبه قد لا يستوقف غير باحث يبحث عم مفاتيح تعزز بحثه .

ما الحل إذن : 

على الجهات المعنية بهذا الشأن الثقافي مثل وزارة الثقافة وجمعية النقاد ....، أن تخصص ميزانية وتفرغ نقادا لهذه الغاية ، وتشكل لجانا لاختيار نماذج من الإصدارات الأدبية من مستويات وأشكال أدبية مختلفة ، لتكون مادة للنقد تصدر عن هذه الجهات على شكل بحوث أو إصدارات . 

ومن المفيد أن تعيد دائرة المطبوعات والنشر قراءة القانون الخاص بالنشر ، فلا تتيح نشر التافه والضعيف والشاذ ، وتقدم لصاحب المخطوط ملخصا عن سبب منع النشر ، لأنه من شأن التساهل في شروط النشر أن يراكم الهدر والأصدارات المتواضعة التي لا تسهم بشكل جاد في إثراء الحركة الأدبية . 

تساهل دائرة المطبوعات والنشر في شروطها هو انسحاب غير منطقي من مسؤوليتها في اختيار الأفضل وإجازته للنشر . 

د. أحمد عرفات الضاوي