أزمة النقد الأدبي في الأردن .

من ملاحظاتي الانطباعية ، ومتابعتي للإنتاج الأدبي الغزير في الأردن ، لاحظت غيابا للنقد الأدبي الذي يقيم ويوجه ويسلط الضوء على الإصدارات الأدبية شعرا ونثرا ، حتى باتت عملية النشر نمطية وآليتها مركبا وطيئا فاختلط الغث بالسمين

فبراير 13, 2023 - 13:40
فبراير 13, 2023 - 13:40
أزمة النقد الأدبي في الأردن .

من ملاحظاتي الانطباعية ، ومتابعتي للإنتاج الأدبي الغزير في الأردن ، لاحظت غيابا للنقد الأدبي الذي يقيم ويوجه ويسلط الضوء على الإصدارات الأدبية شعرا ونثرا ، حتى باتت عملية النشر نمطية وآليتها مركبا وطيئا فاختلط الغث بالسمين وتكدست المنشورات على الرفوف ، وتضاعف الهدر وتراجعت الفائدة من هذه الإصدارات .

النقد الموجود حاليا على قلته هو مجرد قراءات نقدية ، تعيد قراءة النصوص وتبسط فهمها للمتلقي وغالبا ما يتم ذلك بشكل انتقائي بمعايير تتعلق بالناقد ، وفي المحصلة لا تكون هذه القراءات كافية لتحقيق الغاية من النقد الذي ينتظره الكتاب والمبدعون . 

هناك بعض الجهود النقدية التي ينفذها إكاديميون بين الحين والآخر ، ويتم اختيار النصوص بشكل انتقائي ، وتسلط الضوء على النتاج الإبداعي للمشاهير الذين اخترقوا جدار الأهمال باعمال أدبية متطرفة او عابرة للتابوهات ، وكأن الناقد يوجه دعوة غير مباشرة للمبدعين بان يخترقوا الثوابت لتحظى أعمالهم بالاهتمام والتسويق .وحتى هذا النمط من النقد له جدوى اقتصادية للناقد الأكاديمي ، الذي يجمع ما كتبه في كتاب ، ويتم تسويقه للتلاميذ الذين يبحثون عن ضالتهم في هذه الكتب التي تساعدهم على معرفة ما يتيح لهم النجاح عندما يتبنون أفكار أساتذتهم . 

تغطي الرسائل الجامعية بعض النقص في الجهود النقدية ، وهي في المحصلة على الرغم من جديتها لا تتناول الا أعمال المشاهير . 

أتفهم أسباب الشح في الجهود النقدية ، وعلى رأس هذه الأسباب أن مقالة نقدية واحدة جادة تحتاج من الناقد جهدا ووقتا في قراءة العمل الأدبي أكثر من مرة ، ثم يتلو ذلك ننسيق الأفكار وكتابتها ، فالناقد يقرأ ليوجه ويضيء على عناصر تشكيل النص الأدبي ، ولا يقرأ للمتعة فقط ، ومثل هذا الجهد يحتاج وقتا وجهدا مضنيا ، وليس كما يظن بعض المبدعين ، الذين يلومون النقاد ويتهمونهم بالتقصير ، علما أن المردود المادي الذي قد يلقاه الناقد على هذا المجهود لا يتعدى مكافأة متواضعة من المجلات المتخصصة ، والناقد في المحصلة إنسان له حاجاته وطموحاته ، لذلك يتردد الناقد في الانغماس بأي بحث نقدي أو مقالة نقدية أو قراءة مسلوقة ، لأنه يعلم أن المردود المادي والمعنوي لا يساوي الجهد المبذول ، وهو يعلم أن ما كتبه قد لا يستوقف غير باحث يبحث عم مفاتيح تعزز بحثه .

ما الحل إذن : 

على الجهات المعنية بهذا الشأن الثقافي مثل وزارة الثقافة وجمعية النقاد ....، أن تخصص ميزانية وتفرغ نقادا لهذه الغاية ، وتشكل لجانا لاختيار نماذج من الإصدارات الأدبية من مستويات وأشكال أدبية مختلفة ، لتكون مادة للنقد تصدر عن هذه الجهات على شكل بحوث أو إصدارات . 

ومن المفيد أن تعيد دائرة المطبوعات والنشر قراءة القانون الخاص بالنشر ، فلا تتيح نشر التافه والضعيف والشاذ ، وتقدم لصاحب المخطوط ملخصا عن سبب منع النشر ، لأنه من شأن التساهل في شروط النشر أن يراكم الهدر والأصدارات المتواضعة التي لا تسهم بشكل جاد في إثراء الحركة الأدبية . 

تساهل دائرة المطبوعات والنشر في شروطها هو انسحاب غير منطقي من مسؤوليتها في اختيار الأفضل وإجازته للنشر . 

د. أحمد عرفات الضاوي

د.احمد عرفات الضاوي احمد عرفات الضاوي كاتب فلسطيني من الاردن. صدر له : دراسة في ادب احمد فارس الشدياق وصورة الغرب فيه . مطابع الدستور . عمان الأردن 1994، مجموعة كهف الارانب وقصص أخرى للفتيان . رابطة الكتاب الاردنيين . 1994، التراث في شعر الرواد . دبي . مطابع البيان .1998 .، المسرحية الشعرية احلام الطفل العربي وزارة الثقافة .عمان .2003، رواية للفتيان بعنوان خذوني إلى السماء .امانة عمان الكبرى عام 2003، بوح الزيتون .سيرة وزارة الثقافة .عمان 2019.، الرواية المنشورة . الدلال حسن . دار يافا للنشر . عمان .2018.