حالنا الثقافي بين الأمس واليوم ..!

بعد نكبة العام 1948 التي أحاقت بشعبنا الفلسطيني، تمكنت جماهيرنا العربية الفلسطينية التي بقيت في وطنها، بمثقفيها ومبدعيها وقيادتها وطليعتها السياسية آنذاك

مايو 9, 2021 - 17:19
مايو 9, 2021 - 17:21
حالنا الثقافي بين الأمس واليوم ..!
حالنا الثقافي بين الأمس واليوم ..!

بعد نكبة العام 1948 التي أحاقت بشعبنا الفلسطيني، تمكنت جماهيرنا العربية الفلسطينية التي بقيت في وطنها، بمثقفيها ومبدعيها وقيادتها وطليعتها السياسية آنذاك الحزب الشيوعي، من مواجهة سياسة التجهيل والعدمية القومية، ونجحت بكسر الحصار السياسي والثقافي، وامتلأت حياتنا بزخم من النشاط الثقافي والأدبية والفني. وكان لصحافة وأدبيات الحزب الشيوعي( الاتحاد، الغد، الجديد) ولنواديه في الكثير من قرانا ومدننا العربية، الدور الطليعي والريادي الهام في بناء النهضة الثقافية لشعبنا، ونشر وتعميق الوعي الوطني السياسي والثقافي الكفاحي، وإرساء القاعدة الأساسية للتطور والنمو الثقافي، وكل ذلك في ظروف سياسية صعبة، بل لنقل في أصعب مرحلة من تاريخنا. وأزدهر ما يسمى بأدب الرفض والاحتجاج والالتزام بالقضايا الوطنية والطبقية، وشهدنا إقامة المهرجانات الشعرية التي كان يشارك فيها شعراء الشعب والوطن والمقاومة، وكانت تحضرها أعداد هائلة من أبناء شعبنا وشرائحه وقطاعاته المختلفة، وفي كل مظاهرة أو أي نشاط احتجاجي كان للشعر نصيب بمشاركة أحد شعرائنا. 
وأثبت أدبنا الفلسطيني حضوره الجيد بمميزاته الخاصة على الساحة العربية، وتخطى الحدود والأسوار، وحظي باهتمام النقاد والمثقفين والأوساط الأدبية والشعبية، ولا ننسى صرخة شاعرنا الراحل محمود درويش في حينه "انقذونا من هذا الحب القاسي". وهنا لا بد من الإشارة والتذكير بالجهد الذي قام به الأديب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني بإصدار دراسته عن الشعر الفلسطيني المقاوم والتعريف بأدبنا الفلسطيني وأعلامه.
وحاليًا، كل من ينظر إلى الوراء، ويقارن بين واقعنا الثقافي بين الماضي والحاضر، يرى الاختلاف والتراجع الكبير الذي طرأ على الوضع، والانتكاسة الثقافية التي نعيشها، رغم الاسهال الأدبي والشعري والثقافي الراهن، والإصدارات العديدة التي لا تعد ولا تحصى، وندوات التكريم والتبجيل وإشهار الكتب. 
فنحن اليوم بلا نوادي حزبية وثقافية، وبلا مجلات أدبية وثقافية شهرية، سوى مجلة "الإصلاح" الشهرية التي تصدر عن دار الاماني في عرعرة بالمثلث، التي يشرف عليها ويرأس تحريرها الأديب مفيد صيداوي، ومجلة  "شذى الكرمل" الفصلية، والصحافة الأسبوعية بلا ملاحق ثقافية وأدبية، ونلمس انحسار الوعي القرائي، وقلة الحضور الشعبي ومقاطعة الناس للندوات الأدبية والثقافية، واحيانا يكون عدد المتحدثين أكثر من الحضور. ولعلنا نعزو ذلك إلى غياب الدور الفاعل للمؤسسات الثقافية، وبروز ظاهرة النرجسية وسيطرة الأنا والتنافس على النجومية، وهي ظواهر كانت قليلة بل نادرة في الماضي، وكذلك نتيجة التكنولوجيا الحديثة والعولمة، وبروز شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تأخذ الحيز الأكبر والواسع من اهتماماتنا. 
إننا أمام تحديات كبيرة، والمطلوب استعادة دور المثقفين في بناء مجتمع ثقافي يقدر الكلمة والثقافة ودورها في معارك الشعب الحضارية والكفاحية والتحررية، والمساهمة في النهضة الثقافية بالانطلاق مجددًا في نشر الوعي وصيانة الانتماء والهوية الوطنية لشعبنا، وتجذير الثقافة الطليعية المستنيرة، ثقافة العقل، وفكر التقدم النهضوي، ومواجهة كل الافكار الرجعية والانهزامية البعيدة عن قيم مجتمعنا، وكل ما يعيق تطورنا العلمي والثقافي الحضاري والعصري، والتصدي لكل الظواهر السلبية المدمرة السائدة في حياتنا الثقافية الراهنة.

شاكر فريد حسن اغبارية صحفي وكاتب فلسطيني مقيم في فلسطين .. السيرة الذاتية ولدت في التاسع والعشرين من آذار 1960 في قرية مصمص بالمثلث الشمالي، نشأت وترعرعت بين أزقتها واحيائها وشوارعها، أنهيت فيها تعليمي الابتدائي والاعدادي، والتعليم الثانوي في كفر قرع. لم أواصل التعليم الجامعي نتيجة الظروف والاوضاع الاقتصادية الصعبة حينئذ. التحقت بسلك العمل واشتغلت بداية كساعي بريد في قرية مشيرفة، وفي بقالة بمدينة الخضيرة، ثم في الأشغال العامة، وفي مجال الصحافة مراسلًا لصحيفة الاتحاد الحيفاوية، ثم تفرغت للعمل الثقافي والكتابة. شغفت بالكلمة وعشقت القراءة ولغة الضاد منذ صغري، تثقفت على نفسي وقرات مئات الكتب والعناوين في جميع المجالات الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتراثية والفلسفية، وجذبتني الكتب الفكرية والسياسية والتاريخية والبحثية والنقدية. وكان ليوم الأرض ووفاة الشاعر راشد حسين أثرًا كبيرًا على تفتح وعيي السياسي والفكري والثقافي. وكنت عضوًا في لجنة احياء تراث راشد حسين، التي عملت على اصدار أعماله الشعرية والنثرية وإحياء ذكراه. وكذلك عضوًا في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين برئاسة المرحوم سميح القاسم. بدأت الكتابة منذ نعومة اظفاري، ونشرت أولى محاولاتي وتجاربي الكتابية في مجلة " لأولادنا " للصغار، وفي مجلة " زهرة الشباب " للكبار، وفي مجلة " مجلتي "، التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، بعدها رحت أنشر في مجلة المعلمين " صدى التربية " وفي صحيفة " الانباء " ومجلة " الشرق " لمؤسسها د. محمود عباسي، وفي مجلة " المواكب ". بعد ذلك تعرفت على الصحافة الفلسطينية في المناطق المحتلة العام 1967، وأخذت انشر كتاباتي في صحيفة " القدس " و " الشعب " و" والفجر " و " الميثاق "، وفي الدوريات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك كالفجر الأدبي والبيادر الادبي والكاتب والشراع والعهد والعودة والحصاد، ومن ثم في صحيفتي " الأيام " و " الحياة الجديدة. هذا بالإضافة إلى أدبيات الحزب الشيوعي " الاتحاد " و " الجديد " و " الغد ". وكذلك في صحيفة القنديل التي كانت تصدر في باقة الغربية، وفي الصحف المحلية " بانوراما " و " كل العرب " و " الصنارة " و " الأخبار " و " حديث الناس " و" الآداب " النصراوية التي كان يصدرها الكاتب والصحفي الراحل عفيف صلاح سالم، وفي طريق الشرارة ونداء الأسوار والأسوار العكية ومجلة الإصلاح، وفي صحيفة المسار التي اكتب فيها مقالًا أسبوعيًا، بالإضافة إلى عشرات المواقع الالكترونية المحلية والعربية والعالمية ومواقع الشبكة الالكترونية. تتراوح كتاباتي بين المقال والتعليق والتحليل السياسي والنقد الأدبي والتراجم والخواطر الشعرية والنثرية. وكنت حصلت على درع صحيفة المثقف العراقية التي تصدر في استراليا.