قراءة في مسيرة الاعلام

تابعت هذه المسيرة منذ انطلاقها وحتى نهايتها وكنت ادقق في كل التفاصيل لاخرج بالاستنتاجات التالية : 

قراءة في مسيرة الاعلام

تابعت هذه المسيرة منذ انطلاقها وحتى نهايتها وكنت ادقق في كل التفاصيل لاخرج بالاستنتاجات التالية : 

اولا : الفئة العمرية الغالبة على المشاركين هي من المراهقين والمراهقات ، الذين تم جمعهم من المستوطنات ،  كانت الفاظهم انعكاسا لما يتعلموه في المدارس من كراهية للعرب ، ومن الثوابت التربوية العنصرية التي يتلقونها في مدارسهم ، وكلكم سمعتم العبارات العنصرية التي تضج بالكراهية .

كان هؤلاء المراهقون والمراهقات يتصرفون وكانهم في رحلة مدرسية ولا يدركون من برنامج تلك الرحلة سوى انهم ذاهبون الى القدس نكاية باهلها ، كانوا يلتقطون الصور للمكان وكانهم في رحلة سياحية واحيانا يطلقون حركات واشارات امام كاميرات الاعلام ليسجلوا لحظات رحلتهم غير مدركين حجم المغامرة لو كان الامن غائبا . 

في تلك اللحظات تخيلت لو ان احدا اطلق مفرقعات عادية ، فإن هؤلاء المراهقين سيختبرون لحظات من الرعب وربما تدافعوا للنجاة بانفسهم ، وكم تمنيت ان تنطلق صافرة انذار بالخطأ او بالكيد والتدبير ، عندها ستنبعث رائحة بولهم من ثيابهم ، تنمروا فقط لاحساسهم بان الامن الذي كلف بحمايتهم قد تلقى اوامر صارمة بعدم السماح لحنجرة واحدة تهتف للقدس والاقصى . 

ثانيا : كبار السن او الناضجين كانوا قلة ، وهؤلاء مثل مشرفي الرحلات المدرسية ، لقنوا طلابهم ماذا يقولون او ذكروهم بالدروس الصفية العنصرية ، لذلك كانت بذاءاتهم واحدة ولم تصدر من اي واحد منهم شعارات فيها اجتهاد او ابداع .

ثالثا : غادروا الساحة دون ان يظهر على وجوههم الأسى على مكان يعتبرونه مقدسا من وجهة نظرهم ، بل كانوا فرحين بهذه الرحلة التي اتاحت لهم كسرا للروتين ، وخروجا  عن المألوف ، ولم يرسخ في اذهانهم غير صورة للمكان مكتظا بالبنادق التي تحميهم ، غادروا دون ان يسلكوا اي سلوك يشعر المتابع انهم جزء من المكان ، تركوا فيه قاذوراتهم ولم يحسوا ببرودة البلاط والادراج ولا بحميمية المكان ، كما فعل ابناء القدس الذين يحفظون عدد الدرجات وتفاصيل كل بلاطة وحجر وزاوية .

رابعا : على الرغم من عدد الاعلام ونظافتها لانها خرجت للتو من مخيطة الاعلام ، فإن علما فلسطينا واحدا كان مخبأ تحت عباءة امراة مقدسية ، طغى على كل تلك الاعلام ، واستفز كل اولئك المدججين بالسلاح ، فبدا لكل مشاهد كم استطاع علم واحد ان يكون الدرة المشرقة بين تلك الاعلام .
رابعا : لقد كان رجال الامن اكثر لؤما من المستعرضين بالاعلام ،  ولكن هؤلاء كانوا اكثر بذاءة ، فتكامل اللؤم مع البذاءة ، ليبرز صورة العنصرية الكريهة .

خامسا : الشتائم التي تلفظ بها هؤلاء العنصريون ليست جديدة ، وليست حكرا على المراهقين والمراهقات ، فهي البذاءات نفسها التي رددها جنودهم عام النكسة جماعيا ، وهم يخترقون بدباباتهم طرق المدن والقرى ، اتمنى ان يترك هؤلاء ولو لمرة واحدة ان يستعرضوا مثل هذا الاستعراض دون حماية امنية ، ليعرف العالم من هو المنتمي ومن هو الاقوى ومن هو الذي تعيش تفاصيل المدينة المقدسة في شرايينه .
للباطل جولة ثم يضمحل.


د. احمد عرفات الضاوي