قراءة في مسيرة الاعلام

تابعت هذه المسيرة منذ انطلاقها وحتى نهايتها وكنت ادقق في كل التفاصيل لاخرج بالاستنتاجات التالية : 

يونيو 17, 2021 - 20:20
يونيو 17, 2021 - 20:21
قراءة في مسيرة الاعلام

تابعت هذه المسيرة منذ انطلاقها وحتى نهايتها وكنت ادقق في كل التفاصيل لاخرج بالاستنتاجات التالية : 

اولا : الفئة العمرية الغالبة على المشاركين هي من المراهقين والمراهقات ، الذين تم جمعهم من المستوطنات ،  كانت الفاظهم انعكاسا لما يتعلموه في المدارس من كراهية للعرب ، ومن الثوابت التربوية العنصرية التي يتلقونها في مدارسهم ، وكلكم سمعتم العبارات العنصرية التي تضج بالكراهية .

كان هؤلاء المراهقون والمراهقات يتصرفون وكانهم في رحلة مدرسية ولا يدركون من برنامج تلك الرحلة سوى انهم ذاهبون الى القدس نكاية باهلها ، كانوا يلتقطون الصور للمكان وكانهم في رحلة سياحية واحيانا يطلقون حركات واشارات امام كاميرات الاعلام ليسجلوا لحظات رحلتهم غير مدركين حجم المغامرة لو كان الامن غائبا . 

في تلك اللحظات تخيلت لو ان احدا اطلق مفرقعات عادية ، فإن هؤلاء المراهقين سيختبرون لحظات من الرعب وربما تدافعوا للنجاة بانفسهم ، وكم تمنيت ان تنطلق صافرة انذار بالخطأ او بالكيد والتدبير ، عندها ستنبعث رائحة بولهم من ثيابهم ، تنمروا فقط لاحساسهم بان الامن الذي كلف بحمايتهم قد تلقى اوامر صارمة بعدم السماح لحنجرة واحدة تهتف للقدس والاقصى . 

ثانيا : كبار السن او الناضجين كانوا قلة ، وهؤلاء مثل مشرفي الرحلات المدرسية ، لقنوا طلابهم ماذا يقولون او ذكروهم بالدروس الصفية العنصرية ، لذلك كانت بذاءاتهم واحدة ولم تصدر من اي واحد منهم شعارات فيها اجتهاد او ابداع .

ثالثا : غادروا الساحة دون ان يظهر على وجوههم الأسى على مكان يعتبرونه مقدسا من وجهة نظرهم ، بل كانوا فرحين بهذه الرحلة التي اتاحت لهم كسرا للروتين ، وخروجا  عن المألوف ، ولم يرسخ في اذهانهم غير صورة للمكان مكتظا بالبنادق التي تحميهم ، غادروا دون ان يسلكوا اي سلوك يشعر المتابع انهم جزء من المكان ، تركوا فيه قاذوراتهم ولم يحسوا ببرودة البلاط والادراج ولا بحميمية المكان ، كما فعل ابناء القدس الذين يحفظون عدد الدرجات وتفاصيل كل بلاطة وحجر وزاوية .

رابعا : على الرغم من عدد الاعلام ونظافتها لانها خرجت للتو من مخيطة الاعلام ، فإن علما فلسطينا واحدا كان مخبأ تحت عباءة امراة مقدسية ، طغى على كل تلك الاعلام ، واستفز كل اولئك المدججين بالسلاح ، فبدا لكل مشاهد كم استطاع علم واحد ان يكون الدرة المشرقة بين تلك الاعلام .
رابعا : لقد كان رجال الامن اكثر لؤما من المستعرضين بالاعلام ،  ولكن هؤلاء كانوا اكثر بذاءة ، فتكامل اللؤم مع البذاءة ، ليبرز صورة العنصرية الكريهة .

خامسا : الشتائم التي تلفظ بها هؤلاء العنصريون ليست جديدة ، وليست حكرا على المراهقين والمراهقات ، فهي البذاءات نفسها التي رددها جنودهم عام النكسة جماعيا ، وهم يخترقون بدباباتهم طرق المدن والقرى ، اتمنى ان يترك هؤلاء ولو لمرة واحدة ان يستعرضوا مثل هذا الاستعراض دون حماية امنية ، ليعرف العالم من هو المنتمي ومن هو الاقوى ومن هو الذي تعيش تفاصيل المدينة المقدسة في شرايينه .
للباطل جولة ثم يضمحل.


د. احمد عرفات الضاوي

د.احمد عرفات الضاوي احمد عرفات الضاوي كاتب فلسطيني من الاردن. صدر له : دراسة في ادب احمد فارس الشدياق وصورة الغرب فيه . مطابع الدستور . عمان الأردن 1994، مجموعة كهف الارانب وقصص أخرى للفتيان . رابطة الكتاب الاردنيين . 1994، التراث في شعر الرواد . دبي . مطابع البيان .1998 .، المسرحية الشعرية احلام الطفل العربي وزارة الثقافة .عمان .2003، رواية للفتيان بعنوان خذوني إلى السماء .امانة عمان الكبرى عام 2003، بوح الزيتون .سيرة وزارة الثقافة .عمان 2019.، الرواية المنشورة . الدلال حسن . دار يافا للنشر . عمان .2018.