تصاعد الاستفزازات الإسرائيلية جنوب سوريا

تصاعد الاستفزازات الإسرائيلية جنوب سوريا
تصاعد الاستفزازات الإسرائيلية جنوب سوريا

شهد الجنوب السوري خلال الأسابيع الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاستفزازات الإسرائيلية، ولا سيما بعد أحداث "يت جن"بتاريخ 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 التي شكلت نقطة تحول في مستوى التوتر الميداني.

ومنذ تلك الحادثة، اتسعت رقعة التوغلات في ريفي "القنيطرة" و"درعا" جنوب سوريا، وترافقت مع ممارسات انعكست مباشرة على حياة المواطنين السوريين، من اعتقالات متكررة، وترهيب للأهالي، ومنع من الوصول إلى الأراضي الزراعية، ومحاولات فرض تواصل مباشر عبر ما سمي بالمساعدات.

وبالتوازي مع تصاعد هذه التطورات، دخلت بعثة تابعة للأمم المتحدة إلى ريف القنيطرة السبت الماضي، حيث أجرت لقاءات ميدانية مع أهالٍ ووجهاء محليين، ونفذت استبيانات للاستفسار عن طبيعة الانتهاكات التي يتعرض لها السكان.

وتركزت الأسئلة حول التوغلات، الاعتقالات، أثر الوجود العسكري على الحياة اليومية، والخسائر المعيشية، إضافة إلى الأثر النفسي على النساء والأطفال.

وأكد عدد من الأهالي أن البعثة استمعت إلى شهاداتهم بشكل مباشر، في خطوة اعتُبرت مهمة لتوثيق ما يجري، مع تأكيدهم أن المطلوب هو ترجمة هذا التوثيق إلى إجراءات عملية تحمي المدنيين.

في هذا السياق، قال يحيى العيساوي، أحد وجهاء بلدة "صيدا الجولان"، في تصريحات لـ "قدس برس" إن الاحتلال كثف من توغلاته في القرى خلال الفترة الماضية، وأشار إلى أن الدوريات باتت تدخل في أوقات مختلفة، أحياناً نهاراً وأحياناً ليلاً، وتنتشر قرب المنازل والأراضي الزراعية.

وأوضح العيساوي أن أكثر ما يثير القلق بين الأهالي هو ملف الاعتقالات، حيث يقوم جنود الاحتلال باختطاف شبان من القرى خلال التوغلات أو عند الحواجز.

وأضاف أن بعض الشبان يُفرج عنهم بعد ساعة أو ساعات قليلة، بينما يُحتجز آخرون لأيام أو أشهر، في حين لا يزال عدد من الشبان مجهولي المصير حتى اليوم دون أي معلومات عن أماكن وجودهم.

وأشار إلى أن هذه الممارسات لم تقتصر على الاعتقال فقط، بل امتدت إلى حرمان الأهالي من زراعة أراضيهم، خاصة الأراضي القريبة من مناطق التماس.

ولفت إلى أن كثيراً من المزارعين اضطروا لترك أراضيهم دون عمل، خوفاً من التوقيف أو إطلاق النار، ما أدى إلى خسائر معيشية كبيرة لعائلات تعتمد بشكل أساسي على الزراعة.

ودعا العيساوي الدول المعنية والأمم المتحدة إلى التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات، مؤكداً أن سكان المنطقة مدنيون، وأن مطلبهم الأساسي هو العيش بأمان دون توغلات أو اعتقالات أو تهديد دائم.

من جهتها، قالت "أم وليد" سيدة سورية من قرية "صيدا الجولان" إن قوات الاحتلال دخلت القرية ليلاً خلال إحدى التوغلات، ما تسبب بحالة هلع بين الأهالي.

وأضافت أن أصوات الآليات وانتشار الجنود قرب المنازل أرعب النساء والأطفال، وأشارت إلى أن الجنود حاولوا اعتقال عدد من الشبان، ما دفع الأهالي إلى حالة توتر شديد استمرت لساعات.

وأوضحت أن الأطفال تأثروا بشكل كبير بهذه الأحداث، حيث باتوا يخافون من النوم ليلاً، ويرتعبون عند سماع أي صوت مرتفع، لافتة إلى أن هذه الممارسات تركت آثاراً نفسية واضحة على العائلات.

وفي مقابلة أخرى، قالت فاطمة من قرية "الحانوت" من المنطقة إن قوات الاحتلال حاولت خلال إحدى التوغلات إغراء الأهالي عبر تقديم المساعدات للأهالي.

وأضافت أن هذه المحاولة قوبلت برفض قاطع، وأكدت أن الأهالي لا يريدون أي شيء من الاحتلال، سوى أن يتركهم يعيشون بسلام دون اقتحامات أو اعتقالات أو ضغوط.

وأشارت إلى أن رفض المساعدات كان موقفاً جماعياً، معتبرة أن محاولات الاحتلال شراء ذمم أهالي القرية باءت بالفشل.

وتأتي هذه الشهادات في وقت شهد فيه ريف القنيطرة أحدث ممارسات الاحتلال، حيث قامت قواته بقطع طريق دمشق – القنيطرة، وأقامت حواجز عسكرية، وأطلقت النار على ثلاثة شبان على أوتستراد القنيطرة ما أدى إلى إصابتهم.

وبين تصاعد التوغلات، الاعتقالات، ترهيب الأهالي، ومنعهم من أراضيهم، يبقى سكان الجنوب السوري أمام واقع ضاغط ومتواصل، وسط انتظار تحرك دولي فعلي يضع حداً لهذه الانتهاكات ويحمي المدنيين.