ناشط حقوقي: تحركات نشطة للاحتلال لتهجير كفاءات غزة ضمن مخطط ممنهج

ناشط حقوقي: تحركات نشطة للاحتلال لتهجير كفاءات غزة ضمن مخطط ممنهج
ناشط حقوقي: تحركات نشطة للاحتلال لتهجير كفاءات غزة ضمن مخطط ممنهج

كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عما وصفه بـ«تحركات نشطة» لتسهيل مغادرة أفراد من ذوي المهارات العلمية والمهنية من قطاع غزة، من بينهم أطباء وصحفيون وأكاديميون وباحثون، عبر آليات رسمية وغير رسمية، وغالبًا وفق إجراءات غير واضحة.

وأوضح رئيس المرصد الدكتور رامي عبدو، في تصريحات صحفية، أن هذه التحركات تتم عبر منح تأشيرات خاصة أو تسهيلات عبور، وترتيبات لتأمين ممرات خروج، تحت عناوين منح دراسية أو فرص عمل أو لمّ شمل وإجلاء عائلات.

وبيّن عبدو، وهو ناشط حقوقي فلسطيني يقيم خارج غزة منذ سنوات، أن هذه التحركات تركز بشكل خاص على تسهيل سفر الأطباء، مشيرًا إلى متابعة تواصل جهات – لم يسمّها – مع أطباء في تخصصات دقيقة يحتاجها القطاع، لتقديم تسهيلات سفر ووعود بعقود عمل وغيرها، بحسب ما نقلته «الجزيرة نت».

وفي السياق ذاته، أشار إلى وجود تسهيلات نسبية في سفر الصحفيين، لافتًا إلى أن غالبية الصحفيين المرموقين والأساسيين في وسائل الإعلام الدولية تمكنوا من مغادرة غزة، فيما جرى الاستعاضة عنهم بآخرين جدد.

وعند الربط بين هذه التحركات والاستهداف الإسرائيلي المنظم للمنظومة الصحية والمستشفيات، وقتل الطواقم الطبية واعتقال المئات منهم، تتضح – وفق عبدو – خطورة تسهيل سفر ما تبقى من الطواقم، ولا سيما الخبراء في علاج مصابي الحروب مثل اختصاصات الأوعية الدموية وغيرها.

واعتبر عبدو أن تحركات تهجير الكفاءات واستهدافها عبر عمليات اغتيال مباشرة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة تندرج ضمن «مخطط واحد وممنهج»، مؤكدًا أن الربط بين الأمرين واضح؛ إذ انتهج الاحتلال سياسة قتل الكفاءات، حيث وثّق المرصد اغتيال نحو 200 من أساتذة الجامعات وعشرات الخبراء في مجالات مختلفة، في مقابل تسهيل سفر من نجا منهم.

وأشار إلى أن ذلك يعكس سعيًا إسرائيليًا، مدعومًا من أطراف دولية، لإعادة هندسة المجتمع، بحيث يُقتل من يُستهدف، ويُهجّر من ينجو، ليبقى المجتمع هشًا دون نخب مؤثرة قادرة على التغيير وقيادة النضال والتوجيه.

ووفق توثيق هيئات فلسطينية محلية، قتلت قوات الاحتلال منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 نحو 1670 من الطواقم الطبية، و257 صحفيًا وصحفية، و830 معلمًا ومعلمة وموظفًا في سلك التعليم، إضافة إلى 13 ألفًا و500 طالب وطالبة.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنه لا يمتلك إحصاءً دقيقًا لعدد الكفاءات التي غادرت غزة، إلا أن عبدو قدّر مغادرة المئات منهم فعليًا، محذرًا من أن جزءًا كبيرًا من ذلك جرى بطرق غامضة وغير واضحة، ما يثير الشكوك حول الدوافع.

ورأى أن تحركات سفر ذوي المهارات والخبرات تُدار كسياسة ممنهجة تصب في الاتجاه ذاته الذي تسعى من خلاله إسرائيل إلى تدمير فرص الحياة والبقاء في القطاع، عبر تسهيل هجرة ما تبقى من العقول بعد استهدافها خلال حرب الإبادة.

ورفض عبدو توصيف هذه التحركات باعتبارها مغادرة طوعية، مؤكدًا أن تدمير سبل العيش وكل مفاصل الحياة يجعل المغادرة قهرية لا طوعية، ويحوّلها إلى ممارسة تهجير قسري محرم دوليًا.

وفرّق بين إجلاء الأفراد ضمن ظروف منظمة لحماية حياتهم أو تقديم رعاية طبية لهم، وهو ما لا يخالف القانون الدولي، وبين السياسات أو المشاريع التي تؤدي إلى خروج ممنهج للكفاءات أو السكان، والتي تندرج ضمن التهجير المحظور صراحة في اتفاقية جنيف.

وتحفظ عبدو على الكشف عن أسماء السفارات والقنصليات «المتورطة» في هذا المخطط، مؤكدًا أن هذه الممارسات، بغض النظر عن الجهات المنفذة، تتم بطريقة انتقائية أو متزامنة مع نهج إسرائيلي لتدمير آفاق الحياة، ووفق سياسات تهدف إلى تقويض قدرة المجتمع المحلي على الصمود والبقاء، عبر قتل العقول وتسهيل تهجيرها.

وأشار عبدو إلى أن مواقف وسياسات الدول تجاه غزة ليست واحدة، إذ تركز بعض الدول على تسهيل سفر رعاياها أو لمّ شملهم مع عائلاتهم، غير أن بعضها يتجاهل هذه الفئة لصالح تسهيل سفر كفاءات في مجالات مختلفة، غالبًا تحت غطاء منح دراسية.

وأكد أن محاولات إفراغ غزة من طاقاتها العلمية والمهنية تتزامن مع غياب مبادرات حقيقية وجادة لحماية السكان ودعم حقهم في عدم التهجير، إلى جانب حقهم في حرية الحركة والتنقل.

وحول دور المرصد الأورومتوسطي، أوضح عبدو أن الجهود تنصب على تسليط الضوء على ما يجري ووضع الأطراف كافة أمام مسؤولياتها، انطلاقًا من التأكيد على أن الحق في السفر والأمان مكفول، مع ضرورة حماية المواطنين من التهجير القسري، بما في ذلك الناتج عن فرض بيئة غير قابلة للحياة.

وشدد على أن تعزيز بقاء الفلسطينيين مسؤولية جماعية فلسطينيًا وإقليميًا ودوليًا، في ظل الواقع المعيشي المعقد الذي فرضته الحرب، حيث دُمّر القطاع، ونزح نحو مليوني إنسان دون مأوى، وكشف المنخفض الجوي الأخير عمق المأساة.

وأكد أن هذا الواقع يفرض متطلبات متعددة الأبعاد، تبدأ بالحماية والإيواء والإغاثة والرعاية الصحية، ولا تنتهي عند حق تقرير المصير، بما يضمن بقاء الفلسطيني على أرضه.