نصوص من “الوداع في مثلث صغير”
أحمد يماني احتضار كنت أمشي في هذا الطريق قبل أن يموت صديقي. ربما مشيت أيضا في هذا الطريق بعد أن مات صديقي. لكن بينما كنت أتمشى ذات مساء في هذا الطريق بلا شمس وبعصافير كثيرة ذاهبة لتنام، في تلك اللحظات تحديدا كان صديقي يسمع العصافير ويحتضر. * انهيار جسدي كل انهيار جديد لجسدي أكافئه بملابس ... Read more The post نصوص من “الوداع في مثلث صغير” appeared first on موقع الكتابة الثقافي.
أحمد يماني
احتضار
كنت أمشي في هذا الطريق
قبل أن يموت صديقي.
ربما مشيت أيضا في هذا الطريق
بعد أن مات صديقي.
لكن بينما كنت أتمشى ذات مساء
في هذا الطريق
بلا شمس وبعصافير كثيرة
ذاهبة لتنام،
في تلك اللحظات تحديدا
كان صديقي يسمع العصافير ويحتضر.
*
انهيار جسدي
كل انهيار جديد لجسدي أكافئه بملابس جديدة،
مع السقوط الجماعي للشعر أشتري جاكتا،
مع ابيضاض الحاجبين حذاء طويلا،
مع تجاعيد الجبهة بنطلونا،
ولانحناءة الكتف كوفية صوفية.
لست متأسياً على الفقد ولا فرحا بالاكتساب،
فقط أضع لكل مقام غطاء.
*
مقايضة
كنت أصرخ في الليل
مخاطبا الإله:
مقابل كل ألم كبير امنحني قصيدة،
مقابل كل حبيبة ذهبت امنحني كتابا،
مقابل كل نظرة كسيرة بيتا من الشعر،
وفي مقابل شرور البشر امنحني ليلة كاملة
أكتب فيها ثم أنام في الخامسة صباحا
ناسيا شرورهم.
لم يكن جيدا أبدا أن أخاطب الإله بتلك الطريقة.
*
مواساة
كان يوما مهلكا
رأيت فيه لمرات عدة
وضاعة النفوس
وعند العودة إلى البيت
عابرا الحديقة العامة
وقفت كلبة صغيرة فجأة
ونظرت إلي مطولا بعينين واسعتين.
ابتسمت صاحبتها وسحبتها بعيدا.
*
نوافذ البيوت
لي بيت أضيء نوافذه
ويمكن للجميع أن يلمح أضواءه من الخارج.
رغم ذلك لا تزال تلك الغصة تصاحبني
وأنا عائد من العمل
وألمح كل تلك النوافذ المضاءة
والتي وددت أن أكون داخلها جميعا.
*
العودة
أحلم دائما بالعودة، أنني في بلد ولا بُدّ أن أرجع إلى بلد ثان،
لكن أحداثا غامضة تحدث في السماء دوما
كأن يكون هناك دخان يطير وحده
أو نباتات غريبة معلقة من جذورها،
أو شيء ما يجعل الباب نافذة لا تفتح ولا تغلق
وأنا في النهاية لا أعود أبدا.
*
سينما الحي
صانع معارك السينما المعروف
سكن شارعنا في آخر حياته.
في العصاري يضع كرسيا مريحا
أمام باب بيته ويجلس بوجهه المحمر.
لا يتحرك عند اندلاع معركة في الشارع
ينظر للمتعاركين بطرف عينه،
لكنه أحيانا كان يهم بالوقوف
كمن يريد تعديل ضربة ما
أو وضع أحد المتعاركين في موضع آخر.
وفجأة يسحب كرسيه إلى الداخل
يلقي نظرة أخيرة على المعركة
ويضرب كفيه ببعضهما
متحسرا على تلك الأشباح التي تتحرك أمامه
صارخة فقط ومبتعدة قدر الإمكان عن التشابك.
بفمه في طريقه للداخل يضع المؤثرات الصوتية
وفجأة يصبح للضربات معنى
إذ يشتبك الحشد في النهاية
على وقع أصواته
ويذهب هو إلى سريره.
……………………….
*نصوص من ديوان “الوداع في مثلث صغير” ـ يصدر قريباً