في اصل التكوين الانساني الظاهري
في اصل التكوين الانساني الظاهري ، يعتمد الأمر فقط على كروموسومين ، هما X الذي يمثل الجنس الأنثوي ، والكرموسوم Y الذي يمثل الجنس
في اصل التكوين الانساني الظاهري ، يعتمد الأمر فقط على كروموسومين ، هما X الذي يمثل الجنس الأنثوي ، والكرموسوم Y الذي يمثل الجنس الذكري ، وعند التقاء كروموسومين أنثويين يكون الناتج أنثى ، وعند التقاء كرموسوم أنثوي مع كروموسوم ذكري يكون الناتج ذكر ، وهذا الألتقاء يحدث بالتزاوج ، وهذا التزاوج ليس إلا من أجل التكاثر ، وكل ما يدور من مشاعر تختلج الانسان في لحظتها ليس الا لتجميل الامر وتزيينه في نفسه ونظره لأخذه بهذا الاتجاه.
في التطور الجنيني ألأصل في التطور هو الشكل الظاهري الأنثوي بأعضائها التناسلية ، وأن الذكر ليس الا تثبيط لهذا التطور .
هناك قناتين في التطور الجنيني ، تسمى الأولى قناة الكلوة الجانبية الاضافية ، والقناة الاخرى تسمى قناة مولر ، ويأتي التطور التناسلي من هاتين القناتين ، وهما المسؤلتان عن تشكل الاجهزة التناسلية ، وهي بالأصل اجهزة تناسلية الأنثوية ، ولكن ما يحدث تحت تأثير الرسم الكروموسومي الذكري يكون هناك هرمون مثبط لقناة مولر ، تنتجه خلايا تدعى خلايا سرتولي ، وتحت تأثير هذا الهرمون يحدث تثبيط لقناة مولر بالتطور نحو الجنس الانثوي فتظهر الاعضاء التناسلية الذكريه ، فيتشكل الظاهر الذكوري تحت تأثير هذا التثبيط .
ما اريد قوله ان الاصل في التطور هو الظاهر الأنثوي ، أي أن الذكر في الأصل هو أنثى تم تثبيط تطورها ، وهنا أصل الى ما اريد الوصول إليه ، وهو أن لا علاقة بين الظاهر والنفس الانسانية في عمقها ، وأن النفس الانسانيه في الباطن الانساني متشابهه جدا اذا ما تجرد الانسان من جنسه ، وأن النفس تتطور بشكل مكتسب ما بعد الولادة ، أي من المجتمع والمحيط والبيئة وثقافتهم من معتقدات وعادات واديان وما شابه ذلك ، ولذلك لا نجد اختلاف كبير بين الذكر والأنثى في الطفولة ، بل يبدأ التمايز فيما بعد بسبب تشكل الوعي الفردي من خلال الوعي الجمعي السائد ، فتتجه الأنثي للعب بألعاب المطبخ ، ويتجه الذكر للعب بالكرة أو ألعاب الأسلحة ، وربما سائد لدينا في مجتمعاتنا ان الذكر الوحيد في العائلة على عدة اخوات فتيات يميل للاهتمامات الأنثوية ، وكذلك الفتاة الوحيدة على عدة إخوة ذكور تميل للاهتمامات الذكورية .
الاصل لا فرق في باطن الانسان بين ذكر وأنثى ، بل كل هذه الفروقات في التمايز هي مكتسبة ، ولو تجرد الانسان من كل مكتسب ، ووضعنا ذكرا في موقف معين لكن شعوره بتجرد مشابه تماما لشعور الانثى ، وحتى طريقة التفكير والتصرف ، فيمكن أن يبكي الرجل كما تبكي النساء ، وأن هذا الجبروت الذكوري ليس الا مكتسب مفروض عليه من العقل الجمعي السائد .
في نزلة جامعة حلب ، وهو الشارع المؤدي من دوار الجامعة الى المريديان الى جسر سكة القطار فالجميلية فالبلد ، يسار النزلة تتربع كليه الهندسة على عرشها ، ويمينها سوق لمكتبات ومكاتب عقارية وصيدليات ، ومطعم ابو صطيف للسناكات .
كنت وعدة أشخاص من زملائي متوجهين للجامعة صعودا ، وكان في المقابل فتاتين ، وعلى مسافة تتجاوز المئة متر قبل التقائنا تحديت أحد الاصدقاء إن كان جريئا ، وقبل التحدي ، وكان التحدي هي تلك الحركة بتخويف إحدى الفتانين بيده مع ذلك الصوت ( امزو ) ، وكأنما يريد ضربها على أعضائها التناسلية ، وجميعنا نعلم ردة الفعل الطبيعية اذا ما تعرض ذكر لهذه الحركة ، ضم الساقين لبعضهما ، وانحناء للامام ووضع اليدين فوق الاعضاء التناسلية ، تتبعهم كلمة ( أي ) التي توحي بألم بسبب توقع الألم حتى لو لم يتلقى ضربة فعليه ، وهي حركات لا ارادية طبيعية ومنعكس لحماية أعضائه التناسليه ، لكن لا ندري عن ردة فعل الأنثى في حالة مشابهه ، فتكوينها الجنسي الظاهري لا يوحي أبدا بذات المنعكس الذكري للحماية أو الشعور بالألم ذاته ، ولكن كانت الصدمة فعليا بأن ردة فعلها كانت مشابهه جدا لردة الفعل الذكورية، بل وذهبت للجلوس بكلها ويديها بين ساقيها وتتألم ، حتى استعادت وعيها على صخب الضحك الذي حدث في حينها ، لتتمالك نفسها وتقف وتضحك رغما عنها هي وصديقتها .
ردة الفعل هذه توحي جدا بأن الانسان في باطنه متشابه جدا ، ولا فرق بين ذكر وأنثى ، وأن الفروقات ليست الا مكتسبة من الوعي الجمعي الذي يفرض طبيعة ونمط تفكير معين على الانثى ، وكذلك على الذكر .
فمثلا لو وضعنا طفلين في مكان معزول عن هذا العالم وتركناهما ليكبرا وراقبناهما ، وعرضناهما لظروف مشابهه جدا من التجارب التي لا تخص الجنس كجنس ، ولكن ردود فعل انسانيه بحته ، كتعريضهما لعامل مثير للحزن ، او عامل مثير للفرح ، لوجدنا أن رد الفعل متشابه جدا حد التطابق ، لكنه لن يتشابه ابدا على فردين في مجتمع .
الأمر ليس فقط ما بين ذكر وأنثى ، بل ينسحب حتى بين ابناء الجنس الواحد ، وأن الاختلاف الحاصل ليس الا لطبيعة موروث وبيئة ومعتقدات تفرض نفسها على نمط التفكير ، فلا يوجد انسان انساني وانسان لا إنساني ، ولكن تعريف الانسانية يختلف من شخص لآخر ، ويخضع الامر لمنط تفكيره ومعتقداته والعقل الجمعي السائد ، حتى لو حصل تغيير يحدث أيضا لشي مكتسب كتأثر أحدهم بتوجه سياسي أو قراءة كتاب .
الانسان ظاهره الجنسي لا يؤثر على العقل الباطن ، بل هما من ذات الاصل ، والاختلاف مكتسب ، كما هو مكتسب داخل نوع الجنس الواحد .