الفاقد التعليمي .. هذا المقال لكل مرب .أب او أم أو معلم .
استوقفني تصريح مسؤول تربوي عندما قال بما معناه : لقد تغلبنا على الفاقد التعليمي ، بحيث بذل المعلمون جهودا كبيرة في إنهاء المقرر الدراسي . وتفسير هذه المقولة أنه بعد إنهاء المقرر فقد تم سد هذه الفجوة ، وان الأهداف قد تحققت

استوقفني تصريح مسؤول تربوي عندما قال بما معناه : لقد تغلبنا على الفاقد التعليمي ، بحيث بذل المعلمون جهودا كبيرة في إنهاء المقرر الدراسي . وتفسير هذه المقولة أنه بعد إنهاء المقرر فقد تم سد هذه الفجوة ، وان الأهداف قد تحققت .
لا ادري كيف استطاع هذا المسؤول أن يحكم بان الطلبة قد استعادوا كل ما فاتهم أثناء التعليم عن بعد .
ان تحديد الفاقد التعليمي ، يحتاج فريق بحث يؤسس بحثه على مجموعة من المؤشرات والمعايير ، ولا ادري ما أداة القياس التي اعتمد عليها المسؤول ، ليقرر أن الفاقد التعليمي قد تمت السيطرة عليه ، وان الفجوة لم تعد موجودة .
الملاحظات الأولية والانطباعية التي يرصدها أولياء الأمور ، والمربين ، تؤكد أن الفاقد التعليمي متراكم ويزداد خطورة كل يوم للأسباب التالية :
اولا : أن التعليم عن بعد لم يكن منصفا لشريحة عريضة من الطلبة ، بسبب الجغرافيا او امتلاك الأدوات او الوضع الاقتصادي للعائلات . كلنا يعلم ان المنصات لم تكن متاحة للفقراء ، وحتى لو اتيحت فهم لا يقدرون على تكاليفها . لذلك عاش كثير من الطلبة زمنا منقطعين عن التعليم ، وأحدث هذا الوضع فجوة هائلة في التحصيل بين الطلبة .
ثانيا : المهارات الأساسية القراءة والكتابة والاستماع والتحدث ، لم يتم اثراؤها ، او تسليط الضوء عليها ، لأن للتعليم عن بعد خصوصية لا تجعله قادرا على مواكبتها . وهذا يثير سؤالا كبيرا ، كيف استطاع المسؤول التربوي قياس هذه الفجوة ليتجرإ على القول بأنه تم تجاوز الفاقد التعليمي .
ثالثا : الطلبة من مرحلة التعليم الدنيا ، لا يملكون من الخصائص ما يمكنهم من متابعة المنصات والتركيز على المحتوى التعليمي ، مما يعني أن الطريقة الوحيدة لتجاوز هذه الفجوة أن يقوم الأهل بمهمة المتابعة والجلوس مع الطفل . فإذا علمنا انه من خصائص المرحلة العمرية من عمر 6 إلى 12 سنة ، أن الطفل لا يتمكن من التركيز اكثر من خمس دقائق وفي الحد الأعلى سبع دقائق في الظروف الطبيعية ، فإن هذا يعني أن طلبة هذه المرحلة العمرية لم يكونوا قادرين على التركيز في غياب مطلق للدهشة التي يحتاجها المتعلم في التعليم الوجاهي حتى يظل حاضرا ومتفاعلا .
كل المؤسسات التربوية مدعوة لتشكيل فرق بحث ، تقوم بدراسة علمية لتحديد حجم الفاقد التعليمي ، ووضع البرامج التعويضية وتجاوز التراكم السلبي على المدى البعيد ، وغير ذلك فإننا ذاهبون إلى حالة من الضعف الكارثي ، الذي ينتقل مع الطلبة في مراحلهم العمرية اللاحقة . وبخاصة ان كل تربوي يعلم ان المهارات تتدفق في المناهج تدفقا مدروسا بنائيا وان اي فجوة في تدفق هذه المهارات يصعب علاجه عندما يتراكم .
ما نلاحظه أن المؤسسات التربوية لا تعي حجم هذه الكارثة الا عندما نشخص مستوى الاجيال القادمة ، فيدو لنا أن الطالب في المرحلة الثانوية لا يختلف عن طالب في نهاية المرحلة الابتدائية .
وهذا يعني أن جيلا كاملا ، سيحمل على عاتقه مسؤولية التنمية لاحقا ، هو جيل هزيل ، بل هو عبء على التنمية ومعطل لها .
د. احمد عرفات الضاوي