الفاقد التعليمي ..  هذا المقال لكل مرب .أب او أم أو معلم . 

استوقفني تصريح مسؤول تربوي عندما قال بما معناه : لقد تغلبنا على الفاقد التعليمي ، بحيث بذل المعلمون جهودا كبيرة في إنهاء المقرر الدراسي . وتفسير هذه المقولة أنه بعد إنهاء المقرر فقد تم سد هذه الفجوة ، وان الأهداف قد تحققت

فبراير 4, 2022 - 13:41
فبراير 4, 2022 - 13:42
الفاقد التعليمي ..   هذا المقال لكل مرب .أب او أم أو معلم . 

استوقفني تصريح مسؤول تربوي عندما قال بما معناه : لقد تغلبنا على الفاقد التعليمي ، بحيث بذل المعلمون جهودا كبيرة في إنهاء المقرر الدراسي . وتفسير هذه المقولة أنه بعد إنهاء المقرر فقد تم سد هذه الفجوة ، وان الأهداف قد تحققت .

لا ادري كيف استطاع هذا المسؤول أن يحكم بان الطلبة قد استعادوا كل ما فاتهم أثناء التعليم عن بعد . 

ان تحديد الفاقد التعليمي ، يحتاج فريق بحث يؤسس بحثه على مجموعة من المؤشرات والمعايير ، ولا ادري ما أداة القياس التي اعتمد عليها المسؤول ، ليقرر أن الفاقد التعليمي قد تمت السيطرة عليه ، وان الفجوة لم تعد موجودة .

الملاحظات الأولية والانطباعية التي يرصدها أولياء الأمور ، والمربين ، تؤكد أن الفاقد التعليمي متراكم ويزداد خطورة كل يوم للأسباب التالية : 

اولا : أن التعليم عن بعد لم يكن منصفا لشريحة عريضة من الطلبة ، بسبب الجغرافيا او امتلاك الأدوات او الوضع الاقتصادي للعائلات . كلنا يعلم ان المنصات لم تكن متاحة للفقراء ، وحتى لو اتيحت فهم لا يقدرون على تكاليفها . لذلك عاش كثير من الطلبة زمنا منقطعين عن التعليم ، وأحدث هذا الوضع فجوة هائلة في التحصيل بين الطلبة .

ثانيا : المهارات الأساسية القراءة والكتابة والاستماع والتحدث ، لم يتم اثراؤها ، او تسليط الضوء عليها ، لأن للتعليم عن بعد خصوصية لا تجعله قادرا على مواكبتها . وهذا يثير سؤالا كبيرا ، كيف استطاع المسؤول التربوي قياس هذه الفجوة ليتجرإ على القول بأنه تم تجاوز الفاقد التعليمي .

ثالثا : الطلبة من مرحلة التعليم الدنيا ، لا يملكون من الخصائص ما يمكنهم من متابعة المنصات والتركيز على المحتوى التعليمي ، مما يعني أن الطريقة الوحيدة لتجاوز هذه الفجوة أن يقوم الأهل بمهمة المتابعة والجلوس مع الطفل . فإذا علمنا انه من خصائص المرحلة العمرية من عمر 6 إلى 12 سنة ، أن الطفل لا يتمكن من التركيز اكثر من خمس دقائق وفي الحد الأعلى سبع دقائق في الظروف الطبيعية ، فإن هذا يعني أن طلبة هذه المرحلة العمرية لم يكونوا قادرين على التركيز في غياب مطلق للدهشة التي يحتاجها المتعلم في التعليم الوجاهي حتى يظل حاضرا ومتفاعلا .   

كل المؤسسات التربوية مدعوة لتشكيل فرق بحث ، تقوم بدراسة علمية لتحديد حجم الفاقد التعليمي ، ووضع البرامج التعويضية وتجاوز التراكم السلبي على المدى البعيد ، وغير ذلك فإننا ذاهبون إلى حالة من الضعف الكارثي ، الذي ينتقل مع الطلبة في مراحلهم العمرية اللاحقة . وبخاصة ان كل تربوي يعلم ان المهارات تتدفق في المناهج تدفقا مدروسا بنائيا وان اي فجوة في تدفق هذه المهارات يصعب علاجه عندما يتراكم . 

ما نلاحظه أن المؤسسات التربوية لا تعي حجم هذه الكارثة الا عندما نشخص مستوى الاجيال القادمة ، فيدو لنا أن الطالب في المرحلة الثانوية لا يختلف عن طالب في نهاية المرحلة الابتدائية . 

وهذا يعني أن جيلا كاملا ، سيحمل على عاتقه مسؤولية التنمية لاحقا ، هو جيل هزيل ، بل هو عبء على التنمية ومعطل لها .

د. احمد عرفات الضاوي

د.احمد عرفات الضاوي احمد عرفات الضاوي كاتب فلسطيني من الاردن. صدر له : دراسة في ادب احمد فارس الشدياق وصورة الغرب فيه . مطابع الدستور . عمان الأردن 1994، مجموعة كهف الارانب وقصص أخرى للفتيان . رابطة الكتاب الاردنيين . 1994، التراث في شعر الرواد . دبي . مطابع البيان .1998 .، المسرحية الشعرية احلام الطفل العربي وزارة الثقافة .عمان .2003، رواية للفتيان بعنوان خذوني إلى السماء .امانة عمان الكبرى عام 2003، بوح الزيتون .سيرة وزارة الثقافة .عمان 2019.، الرواية المنشورة . الدلال حسن . دار يافا للنشر . عمان .2018.