يوم الاثنين يوم القمر (٤)

يوم الاثنين يوم القمر (٤)
يوم الاثنين يوم القمر (٤)

4
يوم الاثنين في الاغريقية القديمة هو يوم القمر سيلينيس hemera selenes ، و بتقديري ان الاغريقية قلبت النون لاما وظاهرة القلب بين الحرفين طاغية في لسان العرب أي ان سيلين مشتقة من سوين-سن الاكدية التي تقابل (زوين-زين) Suen /ZUENبمعنى القمر-تعني حرفيا السيد الحكيم- الذي اسمه لدى الصابئة  سينSIN  وهي ذات التسمية الاكدية. 
واما الرب االمشرف عليه فهو Sin/Suen.  والاله سن هو الاله السامي القديم والاهم وورثت اللغة عدة صور له يزن وزين وزينون وحاسن وحسن وحسين ويسين...الخ. واما سنمار كاسم للقمر فهو مركب من سن ومور بمعن القمر الأبيض او اللامع -قارن امرأة مارية بيضاء براقة والمرو حجارة بيض براقة والمارِيُّ ولد البقرة الأَبيضُ الأَمْلَس.  وبتقديري ان الاله Amurru هو من ألقابه لدى القبائل العمورية.  واما رب القمر في السومرية فهو NANNA. ويعتقد البعض ان نهاية التسمية حرف راء لا يلفظNANNA(R)  ومنه جذر نور. 
القمر عند الفلكيين هو وزير السلطان وشرفه الثور. وفي نقش نبونئيد يظهر كدائرة تحتها هلال وهيكله مثمنا من الفضة. اغلب الآراء تربطه بالابيض ومعدنه الفضة. وهناك من يربطه بالاخضر قارن القُمْرَة: لون إِلى الخُضْرة، وقيل: بياض فيه كُدْرَة . 

ترد تسمية الاثنين في الجاهلية بثلاث صور أهْوَن وأوْهَد وأهْوَد. استبعد دقة ما قاله ابن بري من ان اسم يوم الاثنين أَوْهَدُ من الوَهْدة، وهي الانحطاط لانخفاض العدد من الأَول إلى الثاني الا إذا اقترن بالتأثر التراتبي للأيام حيث حل القمر ثانيا بعد الشمس اول، وان يكون جذر ثنى من تسمية القمر سن لورود الابدال بين الثاء والسين. وأيضا على صلة بميزة القمر بمراحل تراجعه بعد اكتماله.  
بادءات الالف المضمومة توحي بصلتها بـ E السومرية بمعنى بيت او بـ U بمعنى فراش او تخت (عرش عرش -ترادف U في الاكدية eršu ) – قارن استخدام التنجيم مصطلح بيوت وشرف الكواكب-. ولهذا فإن تسمية أُوَل للاحد تفترض ان لفظة الاثنين هي أَهَد. والتسميات المنتهية بالدال قريبة من القمر بالسومرية ITUD. ولا تنفى العلاقة مع اسم الشمس UD او كرب  UTUلخصوصية العلاقة بين العرب الرحل والقمر سن بوصفه أهم الالهة فهو حاميهم ودليلهم في ترحالهم الذي يغلب عليه الليل. 
صيغ أوْهَد وأهْوَد على صلة بصيغ لفظ اله القمر ـود وهدد وأدد وحدد وعدد كألقاب قديمة للقمر سن، وتكمن الصلة في أن هدد (حدد/ادد) Addu، Adad، Hadad ، Dadu  الموصوف بـ اله العواصف والامطار Hadda في الابلاوية  - قارن الهدة - صوت الرعد. الدوي صوت الرعد - هو ابن للقمر. والقمر بحسب اساطير انجب من  NINGAL إضافة الى هدد (ادد/حدد)  الشمس UTU وعشتار- إنانا INANNA . وأما وصفه أحيانا كابن لانليل فبتقديري لتداخل الثقافات القديمة التي تعمد كل واحدة لإعلاء شأن إلهها على الالهة الاخرى. بتقديري اثناء تطور المعتقدات وربطها بالكواكب السيارة بعد ان كانت مقتصرة على القمر والشمس ثم شملت  الزهرة (الانثى)، انتقلت التسمية هدد للمشتري في مرحلة البابلية القديمة فبات يمثل اقوى الارباب وهي المرحلة التي شهدت تطورا في المعارف الزراعية، وبدأ فيها يخبو ويتقاعد دور الالهة الاقدم.  
وباعتبار أولوية عبادة القمر كمرحلة رعوية سابقة على مرحلة الزراعة المقرونة بعبادة الشمس اعتقد ان التسمية اد بالاصل كانت تطلق على الأب فعبادة الاسلاف من العبادات التاريخية القديمة السالفة على الكوكبية، ففي السومرية ad-da، ad  تعني اب abu. واما معنى جد في السومرية ad.da.ab.ba ويبدو ان ما ورثناه هو كلمة جد بافتراض ان البادءة كانت تلفظ أيضا بالياء التي قلبت جيما وللمقارنة تسميته ود التي باتت تعني الحب وهي مقترنة بحب الإباء والاجداد لنسلهم. والدلالة ان من بين الألقاب التي كان اليمنيون يطلقونها على القمر  اب بصفته جدهم الأكبر وأيضا بصفته الحكيم والعادل والقدوس. وصفة الحكيم -قارن اقتران الأجداد بالحكمة- هي ذات تسمية القمر السومرية EN.ZU التي تعني السيد العارف او الحكيم الذي يكتب بصورةZUEN.    
يرد اسم هدد في السومرية بصورة. ويوصف أيضا بأنه ابن ANU  وتوأم انكي ENKI الشقيق وهو سيد الخصب والذي يقود العواصف وهو اسد الجنة. ويرد أيضا ان انكي ENKI عندما قرر المصائر نصب Iškur قيما على  شؤون الكون وفي ابتهال يخاطب على انه الثور اللامع العظيم، واسمه الجنة. 
في الفترة الاشورية اخذ طابعا حربيا وكان يتشارك مع الاله انوANU  المعبد ويتقاسمه الابتهالات. من صور تسمياته في أسماء الملوك الاشوريين المركبة Dadu، Bir، Dadda. وأيضا Pidar، Rapiu،  Baal-Zephon، وأيضا  Baʿal كغيره من الالهة. 
يرمز لهدد Adad بالثور، وفي الفترة البابلية القديمة تجسدت عبادته به. ترد صوره في المنحوتات الاكدية ملتحيا بقرون مزدوجة.  لا استبعد ان Iškur هو من اشكال فيوض  الهلال حيث  uskāru ( askāru ، asqāru، aškāru، ašqāru، usqāru) في الاكدية المرادفة لـ U4.SAKAR تعني الهلال . Iškur- قارن ما ورد سابقا حولusakar [MOON]-
السَّاهُورُ والسَّهَرُ: نفس القمر. السَّاهُور دَارَةُ القمر، كلاهما سرياني.
والصلة باله المطر والعواصف: اشْتَكَرَتِ السماءُ وحَفَلَتْ واغْبَرَّتْ: جَدَّ مطرها واشتْدَّ وقْعُها. واشْتَكَرِت الرياحُ: أَتت بالمطر. واشْتَكَرَتِ الريحُ: اشتدّ هُبوبُها. 
في العربية صلة القمر بجذر هدد تكمن في القياس، حيث الهَدُّ: الهَدْمُ الشديد والكسر. ومن أَسماء الله تعالى سبحانه: الهادي. في الحديث: طَلَعَتْ هَوادي الخيل يعني أَوائِلَها. وهَوادي الليل: أَوائله لتقدمها كتقدُّم الأَعناق.  واغلب ما ارتبط اله القمر ود بالمعينيين، واما تسميته كهلن فتقديري رفعا بمستواه لمقام الاله انو (ايل) باداة التشبيه الكاف الداخلة على الاسم إيلو (هيلو). ولا استبعد أن يكون نعت ود بصورة ( ال هن) تعني الاله السماوي الأعلى. في السومرية لكلمة اله ILU المرادفة لـ ilu في الاكدية  ذات رمز النجم المقرون بالالهة وأيضا الذي يلفظ بصورة AN بمعنى سماء وجنة وعلوي وتاج. 
يرتبط القمر في الثقافات القديمة بالقرون والعرجون، وكما اشير سابقا بأن اغلب ما له صلة بـ AGA في العربية له صفة الانحناء لا استبعد أن يكون اهون اسم منقرض للقمر وعلى علاقة بصفة التراجع والانحسار - الهمزة والهاء والنون كلمة واحدة لا يقاس عليها. قال الخليل: الإهان: العُرْجون، وهو ما فوقَ شماريخ عِذْق التّمر، أي النخلة. العُرْهونُ والعُرْجُونُ والعُرْجُد كلُّه الإِهانُ، والعُرْجُون العِذْقُ عامَّة، وقيل: هو العِذْقُ إذا يَبس واعْوجَّ، وقيل: هو أَصل العِذْق الذي يعْوَجُّ وتُقْطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابساً، وقال ثعلب: هو عُود الكِباسة. قال الأَزهري: العرجون أَصْفرُ عريض شبه الله به الهلالَ لما عاد دقيقاً. 
للاله ود صور قراءة بالهمزة أُدٌّ وأدد. ولهذا لا استبعد ان أُهدُ هي من صور قراءة اسم الاله القمر أُدٌّ  او اد او ود، ومنها تسمية يوم الاثنين اوهد وأهود. ولا استبعد ان جذري عدد وعود بالاصل مشتقان من اسم القمر أد لان له صلة بالتقويم والتعداد والاعياد مثل يرخ والتأريخ- اسم القمر ارخ وأيضا يعني بقر، واما شهر فبتقديري انها صورة قراءة لـ سهر وكلاهما تعنيان القمر وكذلك زهر فالأزهر هو القمر -، كما لا استبعد ان عاد وهود كقبيلة ونبيها ما هي الا أسماء تعود للقمر، وافترض ان اسمه قبل ان يتحول ليطلق على الشمس في السومرية كان UD. وربما على صلة ما يورده الثعلبي في عرائس المجالس فالاولوية هي لخلق القمر الذي هو بحجم الشمس ثلاث مرات ولهذا ليس صدفة ان يبتوأ القمر مكان القمة في الهياكل البابلية والصابئية- يقول الثعالبي " وكان الله انظر لعباده وارحم بهم فارسل جبريل عليه السلام فامر جناحه على وجه القمر وهو يومئذ مثل الشمس ثلاث مرات فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور فذلك قوله تعالى وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا آية الليل وجعلنا اية النهار مبصرة فالسواد الذي في جوف القمر مثل الخطوط فيه- قارن رمز القمر في السومرية itud (iti, itid) عبارة عن رمز الشمس وبداخله ثلاثة اهلة-انما هو اثر المحو ثم خلق الله تعالى الشمس من ضوء نوره ثم خلق الله تعالي للشمس عجلة فيها ثلثمائة وستون عروة ووكل بالشمس وعجلتها ثلثمائة وستين ملك امن الملائكة من اهل سماء الدنيا". 
واميل الى ان اوهد من صور القراءات الأولية في الفترة التي لم تتمايز بها احرف الهاء والحاء والعين عن احرف العلة والاصل هو أد ومنه اهد و أُحَد لأن الأولوية  للقمر السابق على العبادة الشمسية واما وضعه في قائمة الأيام تاليا بعد الشمس يعود الى غلبة الثقافة الزراعية على الرعوية، ومع ذلك فقد احتفظت العربية بصفته في التعداد ولقرابة اللفظ بين اوهد واوحد فبتقديري ان نظام التعداد الذي يبدأ بواحد له صلة بالتسمية وبالتالي فهو يتبوأ صفة الأولوية. تقول: أَحَّدْتُ الله تعالى ووحَّدْته، وهو الواحدُ الأَحَد. الأَحَدُ من الأَيام، معروف.  

 ثمة تقارب وتداخل كبير وتبادل في تسميات الشمس والقمر البدائية فمثلا في العربية يُوحُ الشمسُ ولكن الأرجح انها بالاصل للقمر  ولها صلة بـ IAH  اله القمر المصري واليهودي، كما هو حال تسميات الشمس UD فيما هي اقرب للقمر مع العلاقة بالتعداد والأيام. وأما أهون فربما احدى صيغ قراءة AN أي الاله الأعلى. 
إضافة لاحتمال الصلة بين تسمية اهون والعرجون فإن من المحتمل ان تكون للتسمية علاقة مع (يوح) يهو آن أي يهو العلوي وهو الاله اليهودي المقرون بالعنف فالعبرانيون على الأرجح من القبائل العمورية ولا يعقل ان لا يكون القمر هو جوهر ربهم الأعلى، ومن غير المستبعد أيضا ان صور قراءة أهد واوهد تعني القمريين، وهي صفة ربما اطلقت على اليهود أي عباد القمر. وما يعزز اعتقادي هو ان من بين صور قراءة  اسم القمر في المصرية IAH  أيضا Yahو  Yah(w)و  Jahو Jah(w)و Joh او Aah .  وللاشارة فإن ارتباط اليهود بسيناء المشتقة من القمر ونزول موسى وكأنما ظهر بقرنين من على الجبل توحي بهذه العبادة. واما حية موسى فربما تمثل جانبا من الاله القمر الموصوف بالحكمة  والافعى عادة ما ترمز للحكمة- للمقارنة الهِلالُ الحيَّة ما كان، وقيل: هو الذكَر من الحيّات. والهِلال الحيَّة إِذا سُلِخَت. والأرجح ان لليهودية تأثيرا في الثقافة العربية الجنوبية ولا استبعد وجود صلة بين حية موسى ووصف ود بـ " نحس طب" (نحش طب) أي الافعى الطيبة وأيضا الصلة بين النحاس (البرونز) -حية موسى برونزية وكلمة نحاس باعتقادي مصرية قديمة-  ولون القمر. ومما يضاف في هذا الصدد ما ورد في اللسان حَنَشُ: الحيَّةُ، وقيل: الأَفْعى، وهو ما يوحي باقدمية الصلة بين الحية والقمر وربما الشمس -انظر ما ورد سابقا عن تسمية القمر والشمس في السومرية والمصرية. والصلة واردة بين حنش وخنس أي بين الحية والقمر لان من طبيعة الحية الخُنُوس: الانقباضُ والاستخفاء.  ومما يوضح الصلة مع التحوية وهي صفة مشتقة من الحية ما ورد في اللسان  قال الفراء في الخُنَّسِ والكُنَّسِ: هي النجوم الخمسة تُخْنُسُ في مَجْراها وترجِع، وتَكْنِسُ تَسْتَتِر كما تَكْنِسُ الظِّباء في المَغار، وهو الكِناسُ، والنجوم الخمسة: بَهْرام وزُحَلُ وعُطارِدٌ والزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي، وقال الليث: هي النجوم التي تَسْتَسِرُّ في مجاريها فتجري وتَكْنِسُ في مَحاوِيها فَيَتَحَوَّى لكل نجم حَوِيّ يَقِف فيه ويستدِيرُ ثم ينصرف راجعاً، فكُنُوسُه مُقامُه في حَويِّه، وخُنُوسُه أَن يَخْنِسَ بالنهار فلا يُرى. الصحاح: الكُنَّسُ الكواكِب لأَنها تَكْنِسُ في المَغيب أَي تَسْتَسِرُّ، وقيل: هي الخُنَّسُ السَّيَّارة. 
وتبقى الإشارة الى ان القمر في اغلب الثقافات المشرقية والاروروبية بوصفه صديقا لانسان، وقد ارتبط بالخصب والنماء -قارن دور القمر علميا في الزراعة- وفي اور فاق الاله حيا EA مكانة فهو" سيد الالهة السامي في العرش السماوي وهو أبو الجميع" . ومن القابه انو Anu العظيم ما يعني انه احد تجليات اله السماء Anu. وكان الاعتقاد بأنه والد الشمس وهو الذي يبدد الظلام ويقلل مخاطر الليل.