القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات.
إن الغاية من تزييف التاريخ بإبعاد المغول عن عاصمتهم الأولى القسطنطينية ودفعهم بعيداً نحو شرق آسيا تكمن في محاولة "الفرنجة" (القوط الأنكلوساكسون) لسلب تاريخ أوروبا بعد سلب الأرض. قيستان-بول (إسطنبول) هي عاصمة البلاد الأصلية للمغول وأوروبا موطنهم، وما نقرأه اليوم في كتب التاريخ ليس إلا زيفاً.
3. القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات.

ويجدر التذكير أيضاً بحزن النبي صلى الله عليه وسلم على خسارة الروم مقابل الفرس، وأرى أن حزنه لم يكن لضعف الروم مقابل الفرس المتحضرين والذين لا يشكلون خطراً وجودياً على الشعوب، بل كان لضعف الروم أمام الفرنجة الهمجيين الذين لم يتحضروا إلى زماننا الراهن واستشعاراً لخطر أن تتقدم الهمجية نحو البلاد المتحضرة. إن هذا الضعف هو ما مهد لاحقاً للهجمات الصليبية بإتجاه بلاد الروم والشام وشمال إفريقيا، إنها نظرة مستقبلية ثاقبة عبر عنها رسول عظيم.
إن ذلك يبدو جلياً من خلال تتبع تاريخ الإسلام، فبمجرد إزالة عرش كسرى انتشر الإسلام في بلاد الفرس بسرعة فائقة، ويمكن فهم ذلك كرد فعل لشعوب الإمبراطورية الفارسية على سياسة كسرى المتهورة والتي قدمت خدمة كبيرة للفرنجة ضد الروم. فالإسلام إذن قد أسس لثورة مجتمعية ليس فقط في بلاد العرب وإنما في كل العالم المتحضر آنذاك.
إن رد فعل شعوب الإمبراطورية الفارسية على تهور كسرى وجنوحها بسرعة نحو الإسلام يدل بوضوح على مدى تحضر ورقي القيم الإنسانية والوعي السياسي لديها. وإن هزيمة كسرى بهذه السرعة والسهولة تدل على تركه وتخلي جيوشه عن نصرته.
ويمكن فهم ذلك من خلال تقدم دولة الإسلام في العصر العباسي حتى وصلت إلى الصين وسيبيريا دون أن تطرق باب الروم، بل أن المسلمين قد واجهوا الغزوات الصليبية بالتحالف مع الروم في شرق أوروبا وبقيادة القبيلة الذهبية، وهذا جزء من التاريخ المهمل أو المحظور في أيامنا.
تقول ويكيبيديا أن الإسم الحديث "إسطنبول" ينحدر من التعبير الإغريقي "eis tin polin" بمعنى "(في) إلى المدينة" وهذا طرح سخيف.
إسطنبول تقسم إلى إي-سطان-بول وهي مشتقة نفس الجذر "سطان" كما الأسماء القديمة ولا جديد في الأمر. ودليلنا على ذلك هو إختصار هذا الإسم إلى آستانا بعد إزالة لاحقة بول التي تفسر بمعنى مدينة، والكلمة تقسم إلى آ-ستان-ا وتعود إلى نفس الجذر "سطان" مع تخفيف لفظ حرف الطاء.
إن إستخدام الجذر "ستان" في البلاد التي ينسب إليها المغول شائع في أيامنا، مثل كازاخستان وتتارستان وباكستان واوزبكستان وغيرها، ويفسر عندهم الجذر بمعنى "بلاد". فهل ثمة تناقض؟
لتعود أولاً إلى أصل الإسم في تسمية "بيزنطة" وجذرها "زان"، وهو يعود إلى أكثر من ٦٥٧ سنة قبل الميلاد، فلا بد أن الألفاظ قد مرت بتطورات كثيرة خلال تلك القرون، ما أراه أن لفظ الجذر "زان" قد تحول عبر القرون إلى "سطان" أو أن العكس قد حدث فلا فرق، الآن يوجد لدينا لفظان لنفس الجذر، وثالث باللفظ المخفف. أرجح أن كلمة "بيزنطة" هي تحريف لفظي لكلمة "بيستانطة".
وقبل ذلك نعود إلى تسمية "ليغوس" المرتبطة بمعنى "الإغارة" و"المغول" لنتستنج أن منبع الجذرين هو منطقة البوسفور ومنه كان الإنتشار نحو الشرق بعد قرون من الزمن. وهي مسألة تحتاج لتتبع روايات التاربخ وإعادة تحقيقها.
إن التطور المحتمل لكلمة "ليغوس" يمكن أن يمر عبر "ليغوستا" إلى "ليغوستانيا"... وإلى "ليغوستانتيونيا"، وباستبدال أداة التعريف "لي" ب "أو" يتحول الإسم إلى "أوغستا-انتونيا". كما يحتمل أن ما حدث هو عكس ذلك، أي أن تكون "ليغوس" هي مجرد إختصار للتسمية الكاملة.
أما من حيث البنية اللغوية تحدثنا في مقالة الألوان الروسية عن الأصل السومري لجذر "غال" وارتباطه بمعاني العلو والعظمة والملوكية وهذا يتوافق مع بحثنا الراهن.
وجذر "سطان" مازال قابلاً للتقسيم إلى سطا-ان الذي يمكن تتبعه بسهولة في اللغة العربية الحديثة في ألفاظ مثل "السطوة" و"السلطان" و"السيطرة" وغيرها.
ولإقامة العدل (القسط) لا بد من سطوة وسلطة وسيطرة، ولا بد من حاكم أعلى (لو-غال بالسومرية أو لي-غوس بالرومية) على "رأس" السلطة، وبذلك تتكون الدولة (ستان أو سطان) وهنا تجتمع المعاني كلها في تآلف ودون تناقض. ولا بد أن نلحظ تطور المفاهيم المرتبطة بالألفاظ مع تطور النظم الإجتماعية والسياسية عبر التاريخ.
ولنتأمل قليلاً الآية الكريمة في سورة الرحمن:
{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)}
وفي تفسير القرطبي، "وأقيموا الوزن بالقسط أي : افعلوه مستقيما بالعدل . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : أقيموا لسان الميزان بالقسط والعدل . وقال ابن عيينة : الإقامة باليد والقسط بالقلب . وقال مجاهد : القسط العدل بالرومية... ".
يرى مجاهد أن القسط هو العدل بالرومية، لغة أهل بيزان-طة، والبيزان يشترك في معناه مع الميزان الذي نراه رمزاً للعدالة التي تتسمى بها القسطنطينية. كل هذه التقاطعات لا يمكن أن تتكون بالصدفة.
لزيادة التأكيد نعرج إلى اللغة الروسية، وفيها يسمون المدينة "فيزانتيْ" (Виза́нтий). حرف الباء تحول إلى "ف" مشددة (V) بالانكليزية، وهذا بدوره يتحول إلى حرف الواو بالعربية، بذلك يصبح لفظ الإسم "ويزانطة" وهو ما يعود إلى الجذر العربي "وزن". وبهذا تتكامل ألفاظ الآية الكريمة.
وإن كانت بيزنطة هي الميزان بإتفاق الأمم آنذاك فمن الحمق أن يُخسِروها، ومن أخسرها فقد هدم القسط وهذا بالظبط ما نراه في أيامنا.
القسطنطينية قد أُغلقت ولم تفتح إلى يومنا هذا، فنصر من الله وفتح قريب.
إن ما تظهره هذه المقالة هو حقيقة أن ما ينسب من لغات إلى الهندو-أوروبية ما هو إلا الأرضية التي بنيت على أساسها اللغة العربية.
إن خارطة الصراع العالمي لم تتغير منذ غزو قبائل القوط لأوروبا وشرق آسيا وحتى اليوم، نفس المعارك تتكرر ونفس الأطراف والخصوم يتقاتلون.
إن الغاية من تزييف التاريخ بإبعاد المغول عن عاصمتهم الأولى القسطنطينية ودفعهم بعيداً نحو شرق آسيا تكمن في محاولة "الفرنجة" (القوط الأنكلوساكسون) لسلب تاريخ أوروبا بعد سلب الأرض. قيستان-بول (إسطنبول) هي عاصمة البلاد الأصلية للمغول وأوروبا موطنهم، وما نقرأه اليوم في كتب التاريخ ليس إلا زيفاً.
كذلك هو أيضاً التزييف الذي يبعد تاريخ القسطنطينية عن الفينيقيين والحثيين والأكاديين والأشوريين.