أحمد يعقوب"عوليس" الفلسطيني في حضرة الموت 

دون سابق انذار، خطف الموت "عوليس" الفلسطيني، إثر نوبة قلبية حادة، الشاعر الأصيل النبيل النقي والطيب أحمد يعقوب، الذي اختار الانتماء لجموع الصعاليك حبًا وطواعية، ابن طيرة حيفا، وابن مخيم اليرموك، وابن رام اللـه والوطن الفلسطيني المعذب كله.

أغسطس 12, 2021 - 13:43
أغسطس 12, 2021 - 13:43
أحمد يعقوب"عوليس" الفلسطيني في حضرة الموت 
أحمد يعقوب"عوليس" الفلسطيني في حضرة الموت 

دون سابق انذار، خطف الموت "عوليس" الفلسطيني، إثر نوبة قلبية حادة، الشاعر الأصيل النبيل النقي والطيب أحمد يعقوب، الذي اختار الانتماء لجموع الصعاليك حبًا وطواعية، ابن طيرة حيفا، وابن مخيم اليرموك، وابن رام اللـه والوطن الفلسطيني المعذب كله.

وبوفاة أحمد يعقوب تفقد وتخسر الحياة الأدبية الفلسطينية والمشهد الثقافي الفلسطيني واحدًا من القامات الشعرية، ورمزًا من رموز وقوافل الثقافة الوطنية الفلسطينية، وشاعرًا نبيلًا حرًا ملتزمًا بقضايا الوطن والوجع والهم الوطني الفلسطيني، ومناضلًا بقي على العهد، قابضًا على جمرة النضال حتى الرمق الأخير.

ينتمي أحمد يعقوب لعائلة فلسطينية من طيرة حيفا، عاش في المنافي القسرية، متنقلًا بين سورية ولبنان والعراق وكوبا واسبانيا، وعاد في العام 1994 إلى الوطن محملًا بالشوق لترابها، ليبدأ الفعل والنشاط والمشاركة بقوة في النسيج الثقافي الفلسطيني، فالتحق بأسرة بيت الشعر الفلسطيني، وأشغل مديرًا له، وموظفًا في وزارة الإعلام الفلسطينية، وعضوًا في الأمانة العامة للكتاب والأدباء الفلسطينيين.

ترك أحمد يعقوب وراءه مختارات واعمال شعرية، منها: "لمن أرمم المنفى، مراثي الكافور، أفراح حلاج النوى، عراقيات، البقاء على قيد الوطن، البالوع، وقائع الموت والحياة" وسواها.

احمد يعقوب شاعر ومترجم بارع، ومن الأصوات الشعرية الحداثوية المجددة، التي أبدعت في تجارب شعرية ونثرية، حملت في ثناياها محطات كثيرة مصقولة بفعل الوعي والهم الوطني والإنساني الذي عاشه وعايشه في حله وترحاله وجوبه بين المدن والعواصم. ولفت الأنظار منذ البدايات لعفويته وشفافيته وصدق تعابيره وأدائه وبساطته الآسرة التي غلّف بها نصوصه.

امتاز بأصالة وحرارة التجربة، وصدق الانتماء، والقدرة الموفقة على الكتابة الإبداعية، واجتراح الرؤى والأفكار والمعاني التي تنسجم مع قناعاته وإيمانه ومواقفه السياسية والوطنية والفكرية، متخذًا من الالتزام مسلكًا ومنهجًا في التعبير عن الحالة الفلسطينية، وتصوير الوجع والحزن الفلسطيني، وهموم الوطن، وعذابات المسحوقين، وحياة المنافي، وأشواق الغربة، وواقع الاحتلال. فكان شاعرًا طموحًا وقع في حُبّ القصيدة، ممسكًا بناصيتها، بإشراقات صادقة وشفافة في تجسيد قداسة الانتماء والطبقي والانحياز والانتصار لجموع المهمشين وأبناء الأرصفة والشوارع والصعاليك وفقراء الوطن.

أحمد يعقوب شاعر فارس في محراب الكلمة المبدعة المدهشة، ومقاتل على دروب الحرية وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني، تفانى في حمل الرسالة الوطنية والثقافية والأدبية، وشكلت قصائده حالات من العشق تنتفض فيها وتتوهج فلسطينيته وإنسانيته مكتملة الصورة، بخيال شعري واسع وبعد عميق يتعدى الزمان والمكان.

أحمد يعقوب شاعر الوطن الفلسطيني المعذب بجماله، بالغ العذوبة والصفاء والنقاء، وصاحب الحلم والقضية، الراحل عن دنيانا، تاركًا أوراقه ومختاراته وذكرياته الجميلة، إن غاب جسدًا، فهو باقٍ بإرثه الأدبي الجميل.

فوداعًا شاعرنا الاجمل، وعليك يبكي الجمال والرجال.

شاكر فريد حسن اغبارية صحفي وكاتب فلسطيني مقيم في فلسطين .. السيرة الذاتية ولدت في التاسع والعشرين من آذار 1960 في قرية مصمص بالمثلث الشمالي، نشأت وترعرعت بين أزقتها واحيائها وشوارعها، أنهيت فيها تعليمي الابتدائي والاعدادي، والتعليم الثانوي في كفر قرع. لم أواصل التعليم الجامعي نتيجة الظروف والاوضاع الاقتصادية الصعبة حينئذ. التحقت بسلك العمل واشتغلت بداية كساعي بريد في قرية مشيرفة، وفي بقالة بمدينة الخضيرة، ثم في الأشغال العامة، وفي مجال الصحافة مراسلًا لصحيفة الاتحاد الحيفاوية، ثم تفرغت للعمل الثقافي والكتابة. شغفت بالكلمة وعشقت القراءة ولغة الضاد منذ صغري، تثقفت على نفسي وقرات مئات الكتب والعناوين في جميع المجالات الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتراثية والفلسفية، وجذبتني الكتب الفكرية والسياسية والتاريخية والبحثية والنقدية. وكان ليوم الأرض ووفاة الشاعر راشد حسين أثرًا كبيرًا على تفتح وعيي السياسي والفكري والثقافي. وكنت عضوًا في لجنة احياء تراث راشد حسين، التي عملت على اصدار أعماله الشعرية والنثرية وإحياء ذكراه. وكذلك عضوًا في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين برئاسة المرحوم سميح القاسم. بدأت الكتابة منذ نعومة اظفاري، ونشرت أولى محاولاتي وتجاربي الكتابية في مجلة " لأولادنا " للصغار، وفي مجلة " زهرة الشباب " للكبار، وفي مجلة " مجلتي "، التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، بعدها رحت أنشر في مجلة المعلمين " صدى التربية " وفي صحيفة " الانباء " ومجلة " الشرق " لمؤسسها د. محمود عباسي، وفي مجلة " المواكب ". بعد ذلك تعرفت على الصحافة الفلسطينية في المناطق المحتلة العام 1967، وأخذت انشر كتاباتي في صحيفة " القدس " و " الشعب " و" والفجر " و " الميثاق "، وفي الدوريات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك كالفجر الأدبي والبيادر الادبي والكاتب والشراع والعهد والعودة والحصاد، ومن ثم في صحيفتي " الأيام " و " الحياة الجديدة. هذا بالإضافة إلى أدبيات الحزب الشيوعي " الاتحاد " و " الجديد " و " الغد ". وكذلك في صحيفة القنديل التي كانت تصدر في باقة الغربية، وفي الصحف المحلية " بانوراما " و " كل العرب " و " الصنارة " و " الأخبار " و " حديث الناس " و" الآداب " النصراوية التي كان يصدرها الكاتب والصحفي الراحل عفيف صلاح سالم، وفي طريق الشرارة ونداء الأسوار والأسوار العكية ومجلة الإصلاح، وفي صحيفة المسار التي اكتب فيها مقالًا أسبوعيًا، بالإضافة إلى عشرات المواقع الالكترونية المحلية والعربية والعالمية ومواقع الشبكة الالكترونية. تتراوح كتاباتي بين المقال والتعليق والتحليل السياسي والنقد الأدبي والتراجم والخواطر الشعرية والنثرية. وكنت حصلت على درع صحيفة المثقف العراقية التي تصدر في استراليا.