الشاعر والروائي والناقد الفلسطيني محمد الأسعد والرحيل في المنفى 

رحل في الكويت الشاعر والكاتب الروائي والناقد والمثقف والمترجم الفلسطيني محمد الأسعد، ابن قرية أم الزينات المهجرة، في قضاء حيفا. نزح محمد مع عائلته وهو في الرابعة من عمره، في عام النكبة 1948، ولجأت أسرته إلى مدينة البصرة في العراق، وهناك تلقى تعليمه، ثم سافر إلى الكويت وأشتغل في مجال الصحافة.

سبتمبر 21, 2021 - 20:20
سبتمبر 21, 2021 - 20:21
الشاعر والروائي والناقد الفلسطيني محمد الأسعد والرحيل في المنفى 

رحل في الكويت الشاعر والكاتب الروائي والناقد والمثقف والمترجم الفلسطيني محمد الأسعد، ابن قرية أم الزينات المهجرة، في قضاء حيفا. نزح محمد مع عائلته وهو في الرابعة من عمره، في عام النكبة 1948، ولجأت أسرته إلى مدينة البصرة في العراق، وهناك تلقى تعليمه، ثم سافر إلى الكويت وأشتغل في مجال الصحافة.

وبعد حرب الخليج انتقل محمد الأسعد للإقامة في قبرص ثم في بلغاريا، بعدها عاد إلى الكويت، وبقي فيها حتى وافته المنية. 

جمع الراحل بين موهبة الشعر والكتابة الروائية والنقدية والبحثية والترجمة من اللغة الإنجليزية، وهو من أوائل من قدموا للقارئ العربي شعر الهايكو باللغة العربية.

صدر لمحمد الأسعد في الشعر: "الغناء في أقبية عميقة، حاولت رسمك في جسد البحر، لساحلك الآن تأتي الطيور". 

وفي مجال النقد له: "مقالة في اللغة الشعرية، الفن التشكيلي الفلسطيني، بحثًا عن الحداثة".

اما في مجال الكتابة الروائية فصدر له: "أطفال الندى، حدائق العاشق، شجرة المسرات، أصوات الصمت".

عرف محمد الأسعد واشتهر بروايته "أطفال الندى" التي قال عنها أنها تشبه أسطورة، وأسطورة تشبه رواية. فهي تكتب تاريخ الندى، وتدون تجلياته الخالدة داخل المسطورات وخارج حركتها. وتبدأ في سردها من نقطة صلبة وصلدة راسخة تغور في الزمن، هي قريته أم الزينات الواقعة على سفوح جبال الكرمل، التي هجرت منها عائلته إبان النكبة، وتحكي قصة تهجير فلاحي القرية وعوائلهم. وهي رواية تتجاوز إطار السيرة الذاتية الفردية إلى إطار أوسع. فهي ذاكرة قرية من مئات القرى الفلسطينية التي تعرض أهلها للترحيل والتشريد وتم تدميرها ومصادرة أراضيها.

محمد الأسعد شاعر مبدع مطبوع وشفاف، واضح المعاني بأسلوبه وأفكاره الصادقة، التي تدل على حسه المرهف، وتنعكس في قصائده الهموم الفلسطينية والموضوعات الجماعية للفلسطينيين في الشتات ومخيمات الجوع والبؤس والشقاء. فهو مسكون بفلسطينيته حتى النخاع، ويحفل شعره بالصور الحسية والعاطفية، ويُغد شخصية أدبية استثنائية ومميزة من نوعها في الوسط الشعري الفلسطيني.

من شعره:

نشيـدٌ من أجـل أطفـال شـاتيلا

قالوا قصائدهم لأنفسهم

وبقيت َ مشتعلا ً

قالوا مواعظهم لأنفسهم

وبقيت َ محتكما ً

لألواح ٍ من الصلصال ِ

تشبه ُ خبزك َ اليومي ّ

من ألف ٍ ومن ألف ٍ

من السنوات ِ

منذ اليوم ِ أنت َ نشيدنا

ورموزك َ العهد ُ الجديد ْ

يطوي المسافة َ

حكمة ً قروية ً

تتأجل ُ الأزمان ُ فيها

والبنفسج ُ والورود ْ

من قال َ أن الثورة َ الحمراء َ

ترحل ُ باتجاه ِ البحـر ِ

جارية ً تمر ّ على موائدهم ؟

روحي ترف ّ ُ على المياه ِ

لتوقظ القتلى

وعشاق َ الحياة ِ

وشهوة َ الميلاد ِ

من يشهد سوى الشهداء ِ

حتى آخر الأبد ِ الأبيد ْ؟

أنت َ النشيد ُ

وبيتنا الطينيّ

ثوب ُ نسائنا القرويات ِ

لثغة ُ طفلنا

في آخر الوقت ِ الحزين ِ

سويـّة ً نأتي

وننهض ُ للقيامة ِ والحروب ِ

وفي الهزيمة ِ

نستعيد ُ دفاتر َ الإنشاء ِ

نبدأ ُ آية ً

ألف ٌ وباء ٌ

يبدأ التكوين ُ من دمنا

والخلق ُ

ها أحبابنا ذهبوا عميقا ً في النقوش ِ

وفي السنابل ِ

لم يكونوا يملكون تذاكر َ الموت ِ المؤجل ِ

والإقامة َ في الفنادق ِ

منذ أن كنـّا

خُلقنا للرحيل ِ بلحمها

نحن ُ الجذور ُ

وهم سلالات ُ البغايا والغزاة ْ

لقد استطاع محمد الأسعد أن يرسم خطًا شعريًا خاصًا به، وحقق حضورًا ووجودًا كبيرًا على الساحة الشعرية والنقدية والروائية، وفي مجال تحديث الخطاب الشعري الفلسطيني الحديث. ويمكن القول بثقة، إن تجربته الشعرية تمثل ريادة حقيقية في الشعرية الفلسطينية في الشتات والمنفى، وهو من الأصوات الفنية النقية الصافية المعبرّة عن الجرح والهم والوجع الفلسطيني ومأساة الإنسان الفلسطيني المهجر. 

رحل محمد الأسعد وترك لنا تراثًا عزيرًا من إبداعاته الراقية في عالم الشعر والأدب والسرد الروائي. فله الرحمة، ولتكن ذكره طيبًا عابقًا كميرامية أم الزينات.

شاكر فريد حسن اغبارية صحفي وكاتب فلسطيني مقيم في فلسطين .. السيرة الذاتية ولدت في التاسع والعشرين من آذار 1960 في قرية مصمص بالمثلث الشمالي، نشأت وترعرعت بين أزقتها واحيائها وشوارعها، أنهيت فيها تعليمي الابتدائي والاعدادي، والتعليم الثانوي في كفر قرع. لم أواصل التعليم الجامعي نتيجة الظروف والاوضاع الاقتصادية الصعبة حينئذ. التحقت بسلك العمل واشتغلت بداية كساعي بريد في قرية مشيرفة، وفي بقالة بمدينة الخضيرة، ثم في الأشغال العامة، وفي مجال الصحافة مراسلًا لصحيفة الاتحاد الحيفاوية، ثم تفرغت للعمل الثقافي والكتابة. شغفت بالكلمة وعشقت القراءة ولغة الضاد منذ صغري، تثقفت على نفسي وقرات مئات الكتب والعناوين في جميع المجالات الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتراثية والفلسفية، وجذبتني الكتب الفكرية والسياسية والتاريخية والبحثية والنقدية. وكان ليوم الأرض ووفاة الشاعر راشد حسين أثرًا كبيرًا على تفتح وعيي السياسي والفكري والثقافي. وكنت عضوًا في لجنة احياء تراث راشد حسين، التي عملت على اصدار أعماله الشعرية والنثرية وإحياء ذكراه. وكذلك عضوًا في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين برئاسة المرحوم سميح القاسم. بدأت الكتابة منذ نعومة اظفاري، ونشرت أولى محاولاتي وتجاربي الكتابية في مجلة " لأولادنا " للصغار، وفي مجلة " زهرة الشباب " للكبار، وفي مجلة " مجلتي "، التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، بعدها رحت أنشر في مجلة المعلمين " صدى التربية " وفي صحيفة " الانباء " ومجلة " الشرق " لمؤسسها د. محمود عباسي، وفي مجلة " المواكب ". بعد ذلك تعرفت على الصحافة الفلسطينية في المناطق المحتلة العام 1967، وأخذت انشر كتاباتي في صحيفة " القدس " و " الشعب " و" والفجر " و " الميثاق "، وفي الدوريات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك كالفجر الأدبي والبيادر الادبي والكاتب والشراع والعهد والعودة والحصاد، ومن ثم في صحيفتي " الأيام " و " الحياة الجديدة. هذا بالإضافة إلى أدبيات الحزب الشيوعي " الاتحاد " و " الجديد " و " الغد ". وكذلك في صحيفة القنديل التي كانت تصدر في باقة الغربية، وفي الصحف المحلية " بانوراما " و " كل العرب " و " الصنارة " و " الأخبار " و " حديث الناس " و" الآداب " النصراوية التي كان يصدرها الكاتب والصحفي الراحل عفيف صلاح سالم، وفي طريق الشرارة ونداء الأسوار والأسوار العكية ومجلة الإصلاح، وفي صحيفة المسار التي اكتب فيها مقالًا أسبوعيًا، بالإضافة إلى عشرات المواقع الالكترونية المحلية والعربية والعالمية ومواقع الشبكة الالكترونية. تتراوح كتاباتي بين المقال والتعليق والتحليل السياسي والنقد الأدبي والتراجم والخواطر الشعرية والنثرية. وكنت حصلت على درع صحيفة المثقف العراقية التي تصدر في استراليا.