محمود شقير في تلك الأمكنة

محمود شقير كاتب وروائي فلسطيني ثر العطاء وغزير الإنتاج، لمع في مجال القصة القصيرة، عرفه القارئ في أواسط الستينات من خلال ما كان ينشره في مجلة "الأفق الجديد" المحتجبة، وكنا قرأنا له في منتصف السبعينات مجموعته القصصية

سبتمبر 22, 2021 - 14:47
سبتمبر 22, 2021 - 14:48
محمود شقير في تلك الأمكنة

محمود شقير كاتب وروائي فلسطيني ثر العطاء وغزير الإنتاج، لمع في مجال القصة القصيرة، عرفه القارئ في أواسط الستينات من خلال ما كان ينشره في مجلة "الأفق الجديد" المحتجبة، وكنا قرأنا له في منتصف السبعينات مجموعته القصصية "خبز الآخرين" التي صدرت عن دار صلاح الدين في القدس. وتشكل سيرته الذاتية "تلك الأمكنة" الصادرة عن دار نوفل في بيروت العام 2000، أخر تعبيراتها وليست الأخيرة، وهي مسيرة حافلة وزاخرة وثرية، خاض فيها بحقول ثقافية وأدبية ومعرفية مختلفة، تراوحت ما بين القصة والرواية والسيرة الذاتية وأدب الرحلات والكتابة للطفل والنقد والمسرح. 

"تلك الأمكنة" عنوان جميل لسيرة ذاتية وعمل أدبي رائع، مكون من سبعة فصول، يعكس عمق التجربة وغنى السيرة، يحكي فيه شقير عن أمكنته ورحلاته ويومياته، عن طفولته في مدينة القدس، زهرة المدائن، التي تسكنه ويسكنها، وعن عمله الأدبي والتربوي ونشاطه السياسي، واعتقاله بعد هزيمة جزيران بعامين في ليلة من ليالي الصيف العام 1969، وعن منفاه في مدن عديدة منها براغ وبيروت وعمان. "تلك الأماكن" يزخر بالأحداث الكثيرة والتفاصيل الدقيقة، التي تسجل لسيرته ورحلاته خارج الوطن وجولاته داخله، ويشير من خلالها إلى أنبل ظواهر في حياته وهي الكتابة والتعليم والانتماء لفكر اليسار الماركسي، والانخراط في الحزب الشيوعي الفلسطيني(حزب الشعب الفلسطيني اليوم)، ويشكل رفاق دربه ومسيرة الكفاح والنضال والسجن والابعاد والاغتراب، مكانة في "تلك الأمكنة"، وهناك حضور لرفاق العمل الصحفي والأدبي في الوطن وخارجه، الذين جمعته به الأيام، والتقى الكثير منهم في الندوات الأدبية والمؤتمرات الثقافية والفعاليات النضالية، منهم الشاعر الكبير المرحوم محمود درويش، والكاتب الروائي الراحل إميل حبيبي، الذي له حضوره في نفسه ووجدانه، حيث يقول: "إن حضور إميل حبيبي في حيفا، الذي فرضه بجهوده في حقلي الأدب والسياسة من شأنه أن يبعث إلى حيز التداول تفاصيل الذاكرة الغنية لهذه المدينة التي كانت قبل النكبة مركزًا حضاريًا متقدمًا".

وتظل للأمكنة في "تلك الأمكنة" ألقها وسحرها، ورغم ان شقير عرف وزار الكثير من المدن في الوطن وخارجه، فلرام اللـه محبة خاصة في قلبه، ولكنه يحتفظ للقدس بمنزلة كبيرة وعميقة وفريدة، فهي التي شهدت ولادته، ويقول عنها: "أول مدينة تفتحت عليها عيني بهرتني حينما دخلتها أوّل مرّة برفقة أبي، بهرتني الشوارع، وكثرة السيارات والناس، بهرتني الحوانيت، بما اشتملت عليه من دمى وألعاب، بهرتني تلك المدينة ولم تغادرني منذ ذلك الوقت".

وكما عودنا شقير في اعماله القصصية والروائية فهو يتميز بلغته السهلة الممتنعة الرشيقة المنسابة والجاذبة، وأسلوبه السردي المشوق، موظفًا الزمان والمكان معًا ليشكلا محورًا أساسيًا واستقصائيًا لمحاكمة الحدث ومتوالياته بالمعنى النقدي.

وصفوة القول.. "تلك الأمكنة" هي سيرة مناضل فلسطيني يؤمن بالفكر الأيديولوجي الطبقي الماركسي المنحاز لجموع الفقراء وجيوش العمال والكادحين، وسندباد القصة والرواية الفلسطينية محمود شقير، الذي له حضوره البهي الساطع في الحياة الثقافية الفلسطينية تحت حراب الاحتلال، يجول فيها في عوالم كثيرة ثرّية ومتنوعة، يتنوع وثراء ودأب تجربته، في سياق تمثلها وتطورها ونموها ومسارها وجه لتاريخ وارهاصات الرواية الفلسطينية الناهضة من النكبة، العابرة زمن الرداءة والهزائم المتلاحقة، والمتجاوزة لعثرات الشتات والمنافي ومعتقلات وزنازين الاحتلال بثقافة ورؤية المقاومة، وهي التجربة التي نريد لها الديمومة والاستمرارية، لتحيا وتبدع وتبقى.

 تحية خالصة للصديق والرفيق الكاتب الأصيل محمود شقير (أبو خالد)، والتمنيات له بالصحة والعافية ودوام الإبداع والتألق.

شاكر فريد حسن اغبارية صحفي وكاتب فلسطيني مقيم في فلسطين .. السيرة الذاتية ولدت في التاسع والعشرين من آذار 1960 في قرية مصمص بالمثلث الشمالي، نشأت وترعرعت بين أزقتها واحيائها وشوارعها، أنهيت فيها تعليمي الابتدائي والاعدادي، والتعليم الثانوي في كفر قرع. لم أواصل التعليم الجامعي نتيجة الظروف والاوضاع الاقتصادية الصعبة حينئذ. التحقت بسلك العمل واشتغلت بداية كساعي بريد في قرية مشيرفة، وفي بقالة بمدينة الخضيرة، ثم في الأشغال العامة، وفي مجال الصحافة مراسلًا لصحيفة الاتحاد الحيفاوية، ثم تفرغت للعمل الثقافي والكتابة. شغفت بالكلمة وعشقت القراءة ولغة الضاد منذ صغري، تثقفت على نفسي وقرات مئات الكتب والعناوين في جميع المجالات الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتراثية والفلسفية، وجذبتني الكتب الفكرية والسياسية والتاريخية والبحثية والنقدية. وكان ليوم الأرض ووفاة الشاعر راشد حسين أثرًا كبيرًا على تفتح وعيي السياسي والفكري والثقافي. وكنت عضوًا في لجنة احياء تراث راشد حسين، التي عملت على اصدار أعماله الشعرية والنثرية وإحياء ذكراه. وكذلك عضوًا في اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين برئاسة المرحوم سميح القاسم. بدأت الكتابة منذ نعومة اظفاري، ونشرت أولى محاولاتي وتجاربي الكتابية في مجلة " لأولادنا " للصغار، وفي مجلة " زهرة الشباب " للكبار، وفي مجلة " مجلتي "، التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، بعدها رحت أنشر في مجلة المعلمين " صدى التربية " وفي صحيفة " الانباء " ومجلة " الشرق " لمؤسسها د. محمود عباسي، وفي مجلة " المواكب ". بعد ذلك تعرفت على الصحافة الفلسطينية في المناطق المحتلة العام 1967، وأخذت انشر كتاباتي في صحيفة " القدس " و " الشعب " و" والفجر " و " الميثاق "، وفي الدوريات الثقافية التي كانت تصدر آنذاك كالفجر الأدبي والبيادر الادبي والكاتب والشراع والعهد والعودة والحصاد، ومن ثم في صحيفتي " الأيام " و " الحياة الجديدة. هذا بالإضافة إلى أدبيات الحزب الشيوعي " الاتحاد " و " الجديد " و " الغد ". وكذلك في صحيفة القنديل التي كانت تصدر في باقة الغربية، وفي الصحف المحلية " بانوراما " و " كل العرب " و " الصنارة " و " الأخبار " و " حديث الناس " و" الآداب " النصراوية التي كان يصدرها الكاتب والصحفي الراحل عفيف صلاح سالم، وفي طريق الشرارة ونداء الأسوار والأسوار العكية ومجلة الإصلاح، وفي صحيفة المسار التي اكتب فيها مقالًا أسبوعيًا، بالإضافة إلى عشرات المواقع الالكترونية المحلية والعربية والعالمية ومواقع الشبكة الالكترونية. تتراوح كتاباتي بين المقال والتعليق والتحليل السياسي والنقد الأدبي والتراجم والخواطر الشعرية والنثرية. وكنت حصلت على درع صحيفة المثقف العراقية التي تصدر في استراليا.