تقمص - نص نثري
هي لا تحدق بي إعجابا، بل دهشة، فهي تصغر نصف عمري، هذه الفتاة التي تبدو خارجة من معبد آلهة فينيقية.
تقمص
هي لا تحدق بي إعجابا، بل دهشة، فهي تصغر نصف عمري، هذه الفتاة التي تبدو خارجة من معبد آلهة فينيقية.
هي بالتأكيد لا تعجب بي ، فقد طغى الشيب واحتل شعري، وهي لم تزل في العشرينات بشعر خيل أشهب.
لا أجرؤ على سؤالها عن سبب تحديقها بي بهذه النظرة المباشرة المركزة كأنها لحظة تأهب قناص غير محترف، لكن لا بأس من الممكن توقع ذلك، فهي مندهشة كأنها تريد تأكيد معرفتنا ببعضنا...
يا إلهي! أنا أعرفها جيدا، لكن بشكل آخر وحلة أخرى، ربما في زمن آخر أيضا.
على جانبها يبدو حبل غسيل تهدلت عليه عدة أثواب ملونة مازالت على قماشها بصمات أصابع صانعيها.
قطة مسالمة يبدو عليها أنها قد أصبحت أما مؤخرا، تمر بقربها فترمي لها بأصابعها دون أن تزيح ضوء تحديقها بي.
من هذه الفتاة التي أعرفها دون أن أعرفها!؟، وكيف تعرفني دون معرفتي وتعرف كما يبدو ألوان صمتي ووقاري المفتعل.
مازالت تحدق، وأنا أغادرها حائرا، مترددا كجرذ يقطع الشارع . ولو كنت أؤمن بالتقمص لقلت بأنها أمي وقد ولدت من جديد.