تقمص - نص نثري

هي لا تحدق بي إعجابا، بل دهشة، فهي تصغر نصف عمري، هذه الفتاة التي تبدو خارجة من معبد آلهة فينيقية.

فبراير 15, 2021 - 17:38
تقمص - نص نثري
تقمص - نص نثري

تقمص
هي لا تحدق بي إعجابا، بل دهشة، فهي تصغر نصف عمري، هذه الفتاة التي تبدو خارجة من معبد آلهة فينيقية.
هي بالتأكيد لا تعجب بي ، فقد طغى الشيب واحتل شعري، وهي لم تزل في العشرينات بشعر خيل أشهب.
لا أجرؤ على سؤالها عن سبب تحديقها بي بهذه النظرة المباشرة المركزة كأنها لحظة تأهب قناص غير محترف، لكن لا بأس من الممكن توقع ذلك، فهي مندهشة كأنها تريد تأكيد معرفتنا ببعضنا...
يا إلهي! أنا أعرفها جيدا، لكن بشكل آخر وحلة أخرى، ربما في زمن آخر أيضا.
على جانبها يبدو حبل غسيل تهدلت عليه عدة أثواب ملونة مازالت على قماشها بصمات أصابع صانعيها.
قطة مسالمة يبدو عليها أنها قد أصبحت أما مؤخرا، تمر بقربها فترمي لها بأصابعها دون أن تزيح ضوء تحديقها بي.
من هذه الفتاة التي أعرفها دون أن أعرفها!؟، وكيف تعرفني دون معرفتي وتعرف كما يبدو ألوان صمتي ووقاري المفتعل.
مازالت تحدق، وأنا أغادرها حائرا، مترددا كجرذ يقطع الشارع . ولو كنت أؤمن بالتقمص لقلت بأنها أمي وقد ولدت من جديد.

وليد عبد الرحيم كاتب وأديب ومخرج سينمائي وتلفزيوني من عكا/ نحف - فلسطين من مواليد مخيم اليرموك 11/7/1964 عضو اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين مدير تحرير مركز الهدف للدراسات والتوثيق رئيس تحرير مجلة النخبة. مدير عام برنامج التطوير الفني العربي" لتعليم فنون السينما" أستاذ ومحاضر في مادتي السيناريو والإخراج السينمائي. دبلوما في الإخراج السينمائي والتلفزيوني تسعة أفلام صدر له 21 كتابا في الأدب والسياسة نشر أكثر من 250 مقالا في مختلف الاهتمامات والموضوعات.