صحيفة إسرائيلية: ثمة من هو معني في ألا تكون الحدود في لبنان أيضاً هادئة
بعد سنوات من الهدوء النسبي، تصبح الحدود مع لبنان مرة أخرى خط مواجهة يهدد الاستقرار الأمني.
بعد سنوات من الهدوء النسبي، تصبح الحدود مع لبنان مرة أخرى خط مواجهة يهدد الاستقرار الأمني.
إسرائيل ليست معنية بالانجرار إلى تصعيد مع لبنان يصرف الانتباه الدولي عن إيران، ولكن “حزب الله” أغلب الظن لا يتأثر بسياسة إسرائيل. ما بدأ في حملة “حارس الأسوار” في آيار هذه السنة اعتبره جهاز الأمن نار تضامن من منظمة إرهابية فلسطينية؛ مع كفاح حماس في القطاع، مثلما حصل بشكل عام في حملات إسرائيل في غزة في السنوات الأخيرة، يلوح في الآونة الأخيرة كميل آخر تماماً.
لا يوجد أي معنى لهوية منفذ إطلاق النار من لبنان – منظمة إرهابية فلسطينية أم “حزب الله” نفسه. فالحديث يدور عن حدث إطلاق نار صاروخية ثانية في غضون أسبوعين، وخامسة في الشهرين والنصف الأخيرين. وذلك حين تكون حتى غزة نفسها هادئة بشكل نسبي. على مدى الـ 15 سنة الماضية منذ حرب لبنان الثانية، باستثناء أحداث شاذة رد فيها “حزب الله” على عملية إسرائيلية أو حملة في غزة، لم يكن تواصل كهذا من الأحداث التي ليس لها حتى ولا ظاهراً سبب منظور للعيان.
إسرائيل و”حزب الله” يردعان الواحد الآخر في السنوات التي انقضت منذ الحرب في صيف 2006، بسبب الأثمان الباهظة الكامنة فيها والضرر المحتمل في سير حياة المواطنين وفي الاستقرار الأمني في المنطقة. للطرفين الكثير مما يخسرانه في المواجهة، ولهذا يعملان انطلاقاً من مصلحة أن تبقى الحدود الشمالية هادئة، في خلاف تام مع خط المواجهة العنيف في الجنوب.
ولكن في الأسابيع الأخيرة تتغير هذه الصورة بسرعة أمام ناظرينا. يبدو أن المصلحة باتت في الطرف الآخر مختلفة، ووتيرة الأحداث وإلحاحها تشير إلى أن ثمة من هو معني في ألا تكون الحدود في لبنان أيضاً هادئة. وهذه المرة تقدر إسرائيل بأن منظمة إرهابية فلسطينية هي التي نفذت إطلاق النار، ولكن وبتقدير آخر، لو كان هذا يزعج “حزب الله” لعمل بحزم أكبر ضد من نفذوا إطلاق النار. وإذا لم يحصل هذا حتى الآن، فيبدو أن شيئاً أساسياً تغير لدى “حزب الله” أيضاً في صورة الوضع.
بعد حدث النار الأخير قبل نحو أسبوعين، اعتقدوا جهاز الأمن أنه لا يرتبط بحزب الله ولم ينفذ كرد على الهجوم المنسوب لإسرائيل في سوريا. واحتمال وقوف حزب الله وإيران وراء هذا الحدث بتغيير المعادلة والرد على أعمال إسرائيل في سوريا، بالذات على الحدود مع لبنان، هو احتمال نستبعده. اعتقد جهاز الأمن أنه في ضوء الفوضى التي في لبنان المتحطم، تسمح منظمات الإرهاب الفلسطينية المحلية لنفسها بحرية عمل أكبر وأقل مراعاة لمصالح “حزب الله”، ولكن الجيش الإسرائيلي يعرف جيداً أن حزب الله لو لم يكن راضياً عن نار الصواريخ لأوقفها بسهولة، ولا سيما في ضوء حالات سبق أن نفذتها منظمات إرهابية فلسطينية.
إن هوية من يطلق الصواريخ، حتى لو كان تنظيماً فلسطينياً قد تكون مهمة للجيش، ولكن تواصل الأحداث الأخيرة يستدعي من جهاز الأمن الفحص بعمق إذا كان “حزب الله” هو الذي يحرك أدوات اللعب على لوحة الشطرنج، انطلاقاً من اعتباراته في ضوء وضع لبنان الصعب، وربما لأسباب أخرى أيضاً. هذا وضع معقد يطرح على القيادة السياسية معاضل قاسية. مثلاً، كيف لا تنجر إلى مواجهة داخلية قاسية في لبنان وحيال الأسرة الدولية في الأيام التي يتوجب على السياسي الأمني أن يرتكز على الصراع والحملة المشتركة مع دول الغرب وشركاء آخرين حيال إيران. بالمقابل، ليس لإسرائيل ترف في أن تصبح الحدود الشمالية أيضاً خط مواجهة عنيفاً وغير مستقر مثل الواقع في الجنوب. في التوتر الحاصل بين رغبة في عدم التدهور إلى حرب في لبنان، والحاجة إلى الرد، في حارة الشرق الأوسط، ثمة ما يقرب التصعيد.
يبدو أن إسرائيل ستكون مطالبة هذه المرة بأن ترد بشكل ذي مغزى أكبر، إذ لم تصل حتى الآن الرسائل التي حاولت نقلها إلى هدفها، وستكون مطالبة بأخذ مخاطر أكبر وتشدد ردودها العسكرية. محظور التسليم بوضع يجد فيه حزب الله، لأسبابه، نوعاً من الحل الكامل: منظمة فلسطينية تنفذ النار، و”حزب الله” يرفع المسؤولية عنه، وإسرائيل ترفع عن “حزب الله” المسؤولية، تماماً مثل الواقع الذي وقعت فيه سياقات مشابهة في جبهة الجنوب أيضاً.
بقلم: تل ليف رام
معاريف 5/8/2021