المغرب: سباق مع الزمن لإنقاذ طفل عالق في بئر
تواصلت أمس جهود فرق الإنقاذ لانتشال طفل عالق منذ 36 ساعة في بئر قرب مدينة شفشاون المغربية في سباق مع الزمن خطف أنفاس السكان
أثارت قضية الطفل المغربي ريان (5 سنوات)، الذي علق في قعر بئر، في قرية إغران الواقعة بالجماعة القروية «تمروت» بإقليم (محافظة) شفشاون (شمال المغرب)، تعاطفاً كبيراً لدى الرأي العام المغربي، خصوصاً بعدما أمضى ليلتين في قاع بئر خالية من المياه عمقها 32 متراً.
ويتابع المغاربة بتأثر كبير جهود إنقاذ الطفل ريان حتى لا يقضي ليلته الثالثة في البئر.
وأخرج الحادث المنطقة من عزلة فرضتها التضاريس الوعرة لسلسلة جبال الريف ليلقي بها في صدارة اهتمام الرأي العام المغربي.
ووصل صدى الحادث إلى الحكومة المغربية التي ناقشت قضيته أمس خلال اجتماعها الأسبوعي. وقال مصطفى بايتاس، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال مؤتمر صحافي، إن وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، قدم إفادة، أمام المجلس حول قضية الطفل ريان، الذي يحظى بتعاطف واسع لدى الرأي العام.
ونفى بايتاس اتهامات وُجهت للحكومة بالتقصير خصوصاً بعد تأخر جهود إنقاذ الطفل، وقال إن السلطات المغربية تتوفر على الآليات الضرورية للإنقاذ.
وأوضح الوزير المغربي أن فرق الإنقاذ قامت بعدة محاولات لانتشال الطفل. فبعد محاولة توسيع البئر اتضح أن ذلك يشكّل خطراً على الطفل، فجرى التخلي عن هذا الخيار، ولم تنجح فكرة إنزال أحد أفراد الإنقاذ داخل البئر بسبب ضيق قُطر البئر.
وأفاد بايتاس بأن المحاولات الجارية أمس تتركز على الحفر بشكل موازٍ بجانب البئر الذي علق فيه الطفل لاستخراجه. وأظهرت صور وفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي حفارات وآليات ضخمة تقوم بعملية الحفر بحضور عدد كبير من السكان.
وحسب الوزير بايتاس، فإن فرق الإنقاذ تواجه عدة تحديات منها خطر انهيار التربة، وما قد يسببه ذلك من كارثة تهدد الطفل، إضافة إلى تحدي توافد عدد كبير من المواطنين إلى مكان الحادث مما عقّد جهود الإنقاذ.
وكان الطفل ريان قد سقط (الثلاثاء)، في البئر، ونجحت السلطات في التأكد من أنه حي باستخدام كاميرا أظهرته جالساً في القعر، في وضع صعب، كما جرى تزويده بالأكسيجين والماء والغذاء.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الطفل ما زال يتنفس ويبكي. وما زالت جهود الإنقاذ متواصلة لإنقاذه وسط ترقب كبير للرأي العام المغربي.
وقالت والدة الطفل ريان، بحرقة كبيرة، في تصريحات لوسائل الإعلام، التي توافدت على القرية، إنها تأمل أن «يُنتشل ابنها حياً ويعاود ملء ردهات المنزل شغباً ولعباً طفولياً».
وروت أم ريان كيف سقط في البئر قائلة إنه «بعد ظهر يوم الثلاثاء، تفقد أفراد الأسرة الطفل ولم يجدو له أثراً، وبالفعل، فقد انشقت الأرض وابتلعت جسده الغض».
وأضافت أن أفراد الأسرة بحثوا هنا وهناك، ليتناهى إلى سمعهم آهات قادمة من أديم الأرض، فربطوا هاتفاً نقالاً بحبل وأنزلوه في البئر، فرأوا الطفل هناك يستجدي الإغاثة.
قضى الطفل ريان ليلته الأولى في قعر البئر وهو يقاوم العطش ونقص الأكسجين، تؤنسه نداءات الوالدين والأقارب، وتدفئه محبة أسبغها عليه المغاربة قاطبة، بحسّ من التضامن والتعاطف، قبل أن تصل الجهود الأولى لغوث ريان، من عناصر الوقاية المدنية والسلطات المحلية والدرك، مؤازَرين بالعشرات من شباب المنطقة، وبإشراف من السلطات الإقليمية.
صباح اليوم الموالي (الأربعاء) أُنشئت لجنة لليقظة لتنسيق جهود الإنقاذ، ووضعت في البدء خطة انتشاله من البئر، لكن بسبب ضيق قُطر فتحة البئر، والذي يصل إلى نحو 30 سنتمتراً في بعض مقاطعه، فشلت كل المحاولات الأولى لانتشاله.
ثم وُضعت خطة ثانية تقضي باستعمال آليات ثقيلة للحفر بشكل متوازٍ ومائل مع الثقب المائي، بحذر واحتياط كبيرين، مخافة أن تتسبب عمليات الجرف في انهيار البئر.
وتواصلت طيلة (الأربعاء)، عمليات الحفر، لكن المهمة لم تكن سهلة بالتأكيد، فعمق 32 متراً يعادل علوّ بناية من 10 طوابق أو يزيد.
بالموازاة مع ذلك، عملت الوقاية المدنية على إنزال كاميرا تستعمل في مهام الغوث للتأكد من الوضع الصحي للطفل ريان وللتواصل معه لإبقائه واعياً، كما تم إنزال أنبوبَي ماء وأكسجين لإطالة صموده في انتظار انتشاله حياً.
وجرت محاولتان جديدتان لانتشاله من فتحة البئر بمشاركة متطوعين من جمعية «شفشاون لهواة الاستغوار»، لكنّ ضيق قُطر البئر حال للمرة الثانية دون نجاح العملية.
ويقوم السيناريو الذي اعتمدته لجنة القيادة بعين المكان، بعد فشل الانتشال من فتحة البئر، على إحداث حفرة موازية بنفس عمق المكان الذي علَق فيه ريان، ثم إحداث فجوة في البئر لانتشاله.
وتواصلت أمس (الخميس)، جهود الحفر، حيث فاق عمق الحفرة الموازية أكثر من 22 متراً، مع الحرص على إحاشة جوانبها لتفادي أي انهيار محتمل يفاقم الوضع سوءاً، كما حلّت بعين المكان مروحية طبية تابعة للدرك الملكي لنقل الطفل بمجرد انتشاله من البئر إلى أقرب مستشفى لتلقي العناية الطبية اللازمة، وتم وضع سيارة إسعاف بطاقم طبي متخصص في الإنعاش على أهبة الانطلاق.
«لن تتوقف عملية الإنقاذ إلا بالوصول إلى مكان الطفل»، يؤكد مصدر مسؤول لوكالة الأنباء المغربية، مضيفاً أن عمليات التدخل تتسارع على أمل تحقيق هذا الهدف في أسرع وقت ممكن.