قلق مصري من ارتدادات العملية الإسرائيلية المحتملة في رفح

يرجح أن تبدأ غداً الاثنين المباحثات الأميركية الإسرائيلية بشأن العملية العسكرية المحتملة في رفح بحجة ملاحقة ما تبقى من كتائب حركة حماس في قطاع غزة.

قلق مصري من ارتدادات العملية الإسرائيلية المحتملة في رفح

يرجح أن تبدأ غداً الاثنين المباحثات الأميركية الإسرائيلية بشأن العملية العسكرية المحتملة في رفح بحجة ملاحقة ما تبقى من كتائب حركة حماس في قطاع غزة.

وكانت شبكة "سي أن أن" الأميركية نقلت، أول من أمس الجمعة، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الوفد الإسرائيلي طلب جدولة المحادثات لغد الاثنين.

وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أعلن إلغاء زيارة الوفد، التي كانت مقررة مطلع هذا الأسبوع، عقب تمرير مجلس الأمن الدولي الاثنين الماضي قراراً يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، بعدما امتنعت واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو) جرياً على عادتها، قبل أن يتراجع عن قراره ويعلن إعادة إرسال الوفد إلى أميركا.

وفيما شهدت الأيام الماضية مؤشرات تدل على أن واشنطن انتقلت إلى مرحلة "هندسة" العملية عوضاً عن معارضتها، قال مصدر مصري، لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من الأنباء المتواترة عن تأجيل عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح إلى شهر مايو/أيار المقبل، بسبب ضغوط أميركية على إسرائيل، إلا أن تقديرات الأجهزة الأمنية والسياسية والعسكرية في مصر كلها تؤكد أن العملية قادمة لا محالة".

وأضاف أن "اجتياح مدينة رفح الفلسطينية سوف يتسبب في وضع أمني كارثي على الحدود، من الصعب التكهن بآثاره على مصر".

وأكد المصدر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن "هناك أكثر من تقرير استراتيجي أعدته الأجهزة المصرية، يحذر من خطورة العملية العسكرية التي ينوي جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذها في مدينة رفح الفلسطينية على الأمن القومي المصري".

وأوضح أن التحذيرات تأتي على خلفية "عدة اعتبارات، أولها موجات النزوح الكبيرة المتوقعة لمواطنين فلسطينيين سيفقدون آخر ما تبقى لهم من مقومات الحياة إلى مصر. وثانياً، الوضع الميداني الجديد الذي سينشأ بعد ذلك، والمتمثل في وجود قوات جيش الاحتلال في المنطقة الحدودية مع مصر، وهو ما لا يجب أن تقبل به الإدارة المصرية بأي حال من الأحوال، وخاصة أنه مخالف لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في مارس/آذار سنة 1979".

وحول إمكانية اتخاذ مصر خطوة مثل تعليق أو إلغاء معاهدة السلام رداً على التصرفات الإسرائيلية، قال المصدر، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه "ليس من مصلحة مصر، ولا من مصلحة الفلسطينيين والقضية الفلسطينية أن تقطع مصر علاقاتها بإسرائيل".

واعتبر أن "استمرار العلاقات يوفر للإدارة المصرية المساحة لكي تمارس ضغوطاً من خلف الستار". ورأى أنه "ليس من مصلحة القضية أن تقوم مصر بالقطع الكامل للعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لأن ذلك يعني عدم القدرة على توصيل المساعدات البرية والجوية الذي يحصل بالتنسيق مع إسرائيل".

وشدد على أن "هناك إجراءات أخرى يمكن للحكومة المصرية أن تتخذها في مواجهة الصلف الإسرائيلي، ليس من بينها القطع الكامل للعلاقات، وبخاصة التعاون في مجال الغاز الطبيعي".

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة استبعد أن تعلق مصر معاهدة السلام مع إسرائيل بـ"رمتها".

وقال سلامة، إن "معاهدة السلام ليست مجرد بند أو اثنين، لكنها تتألف من بنود كثيرة تغطي مجالات متعددة، منها ما هو اقتصادي وتجاري، ومنها ما هو سياسي وأمني ودبلوماسي".

وأشار سلامة إلى أن "معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية نفسها تتضمن ما يسمى بالملحق الأمني الذي ينظم وجود القوات ونوع تسليحها في المناطق الثلاث (أ) و(ب) و(ج) في الأراضي المصرية بشبه جزيرة سيناء، و(د)، داخل إسرائيل"، مستبعداً أن تقوم مصر بتعليق الملحق الأمني الذي وصفه بـ"الحساس" و"جوهر المعاهدة".

وقال سلامة إن مصر "لن تجازف وتعلق ذلك الملحق"، موضحاً أن تعليقه يعني "عدم وجود أي آثار قانونية له على الأرض".

وأضاف أن مصر "قد تهدد أو تقوم بتعليق جزئي لبعض من نصوص وبنود معاهدة السلام، منها البنود الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، ويمكن سحب السفير كما حدث في العام 1982، عندما سحبت مصر السفير محمد بسيوني مع اجتياح إسرائيل لبنان، حيث كان أطول استدعاء لسفير مصري في دولة أجنبية".

وشدد سلامة على أنه "يجب على مصر أن تستغل العلاقات الدولية المتطورة مع إسرائيل بعد القرارات والأوامر المتقدمة لكل من محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي، وتقوم باتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية تتعلق بتعليق بعض البنود، تأسيساً على نظرية التغير الجوهري في الظروف، الموجودة في القانون الدولي".

ووفقاً لسلامة، فإن "الاجتياح الإسرائيلي لرفح -إن حدث- لا يعصف ولا يحيق خطراً فقط بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية والملحق الأمني الخاص بممر صلاح الدين (فيلادلفيا) عام 2005، ولكن أيضاً بالعديد من مبادئ القانون الدولي وقانون المعاهدات الدولية، سواء علاقات حسن الجوار أو مبدأ حسن النية في تنفيذ المعاهدات الدولية".

من ناحيته، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الإشكالية الكبرى هي أن العالم كله، بما فيه العالم العربي والإسلامي، ترك إسرائيل تفعل ما تريد، من دون أن يكون له رد فعل".

وأضاف أن "الولايات المتحدة الأميركية، ومن ورائها إسرائيل، يمكن أن ترتدع أمام العالمين العربي والإسلامي، إذا قررا اتخاذ خطوات بعيداً عن المناداة بإدخال المساعدات الإنسانية، وضرورة وقف إطلاق النار ورفع المعاناة عن الفلسطينيين، وكل هذا الكلام العادي، الذي يقوله أي إنسان في الشارع".

ورأى أن "هناك خطوات كثيرة يمكن اتخاذها من أي دولة تغضب من تصرفات دولة أخرى، مثل ما فرضت الولايات المتحدة والعالم الغربي عقوبات على روسيا، عندما شنت الحرب على أوكرانيا".

المصدر: العربي الجديد