بركات ولعنات - خاطرة الصباح
تعب نوح لكنه لم ييأس ، تعب من الحصار والمقاطعة والسخرية ، لكنه مضى في دعوته ، غضب نوح فدعا على كل كافر من بني قومه ومن أقوام أخرى
تعب نوح لكنه لم ييأس ، تعب من الحصار والمقاطعة والسخرية ، لكنه مضى في دعوته ، غضب نوح فدعا على كل كافر من بني قومه ومن أقوام أخرى ، رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ، وصل به اليأس حدا لا مجال فيه للمهادنة ، فالمبادىء السامية لا تحتمل المساومة ، وكان لا بد من المقاومة ، أخذ نوح بالأسباب، واستجاب لأمر السماء ، واصنع الفلك بأعيننا ، صنع وحفر وأعد وصبر وهو على يقين بأن وعد السماء حق وهو قادم لا محالة ، قالوا له : سفينتك عبثية ، ومشروعك لن يصمد في وجه الطغاة من قومك ومن أحلافهم . قلة مؤمنة وقفت معه وآزرته وصبرت معه على السخرية والحصار ، وآمنوا معه بأن الطوفان قادم ، حتى كان يوم الفصل وفار التنور ، وعم الطوفان حتى اجتاح المحيط ، وامتد في الجغرافيا ، فصدم الطغاة واجتمعوا لمنع امتداده ، تحركت الجيوش لمنعه واحتواء أثره ، ولكن الله أراد له أن يكون عذابا وعقابا للساخرين والمتآمرين .
يا بني اركب معنا ، لم يستجب الابن ، وكثير من أهل بيت نوح وأقاربه خانوه ووقفوا مع أعدائه ، ومع ذلك لم يتخل عنهم ، أراد لهم النجاة ، فعقوا وخانوا و تخلوا وأداروا ظهورهم ، وأصروا على الانحياز للخصوم ، سناوي إلى جبل الأمبريالية ، فهو الذي ، سيعصمنا من الغرق ، ركب الأخيار في السفينة ، أحرار العالم ، والشعوب الطيبة ، بيض وسود وحمر وصفر ، كلهم صعدوا إلى السفينة ، إفريقيا اولها وتبعتها أمم وشعوب تحركت ضمائرها وقررت الصعود ، وما زالت سفينة الطوفان تسعى في الجغرافيا ، اتسعت السفينة الصغيرة لكل الأحرار ، وغرق المكابرون والماكرون والمتآمرون ، وحاق بهم مكرهم السيء .
ما زال الطوفان يكبر ويجتاح في طريقه الطغاة ، ومازال الجبناء لا يجرؤون على ركوب السفينة.
قريبا ستسقر السفينة على أرض القدس ، وقريبا سنرى الأرض تبتلع الطغاة والمارقين ، وقريبا ستقلع السماء وينتشر الأخيار في كل مكان ، إذ لا عاصم من الطوفان ومن امر من صنع الطوفان ، لا بيت أبيض ولا جبروت الظالمين . لقد فار التنور وانتشر النور و ترنح السيف الظالم والمأجور .
د . أحمد عرفات الضاوي .