العين الثالثة

هي استمالة عين ثالثة بحاجبين ليس إلا، كانت تلك لحظة استثنائية في تاريخ الوجوه، أما فمي فكان يحاول النطق باستباق استيعاب التحول المريب واختفاء النرجس عن شرفة الانتظار المقابلة

العين الثالثة
العين الثالثة

هي استمالة عين ثالثة بحاجبين ليس إلا، كانت تلك لحظة استثنائية في تاريخ الوجوه، أما فمي فكان يحاول النطق باستباق استيعاب التحول المريب واختفاء النرجس عن شرفة الانتظار المقابلة.
مر طفل،- على سبيل الدقة- هو ولد مر قرب حاوية القمامة، لا ، لم يمر، بل تم وضع حاوية القمامة عمدا في سبيل ذلك الولد ذي القميص الأزرق المثقوب بسيجارة سابقة، وعلى الأصح فإن الطفل والحاوية تم وضعهما في مكان واحد، لا لنكن أدق قليلا، فالطفل والحاوية ولدا في نفس المكان، بل وذات اللحظة.
لذا فقد سمته الفضائيات مشكورة" طفل الحاوية" وذلك لشدة احتوائه على قسمات تنم عن انعكاس صورة الحاوية على ملامحة وبخاصة جبينه، تلك الملامح التي دفعت بفتاة الشرفة المقابلة للصراخ رعبا ذات مساء ليلكي اللون، صراخ شق سكون الحديقة، حدث بعد أن ركنت سيارتها قبالة رائحة كل من الحاوية والولد ذي القميص الأزرق المثقوب بسيجارة سابقة.
فلنفترض جدلا بأنه طفل الحاوية، أو نفترض جدلا مرة أخرى بأنه ولد من أجل الحاوية، وربما -جدلا أيضا - لا يستمتع بنومه- كما أشيع- إلا داخل الحاوية التي قد تكون ولدت خصيصا من أجله، فلربما هو يظنها شجرة باسقة كتلك التي تطول مع كل إفراغ للحاوية من مخزونها اليومي حتى تكاد تصل إلى الشرفة التي تفتح نافذتها خصيصا لكي تسخر من قميصه الأزرق اللامع جدا لاتساخه بأنواع زيوت الأطعمة المهدرجة والمثقوب بسيجارة سابقة.
خلف النافذة صورة الفتاة المنعمة وهي تبتسم، لا هذه ليست صورة، فها هي تتحرك وتقضم بفرح تفاحة بعد أن تناولتها من ثلاجة أنيقة برفوف ممتلئة لا تشبه طبقات الحاوية الجيولوجية.
ليكن معلوما لدى كل أنواع الحاويات بأنه يؤرخ الأيام بحسب لحظات إفراغ محتويات الحاوية، حتى أن يومي عطلة مثلا يعتبرهما يوما واحدا، ولهذا ولدت له عين ثالثة بلا حاجب فصار بأعين ثلاث وحاجبين، ذلك الطفل- الولد ذو القميص الأزرق المثقوب بسيجارة سابقة، والذي ينتظر بشغف ثقبا ثانيا بسيجارة لاحقة، وحاجبا جديدا ثالثا كي يكمل رسم العين الثالثة...