يوم الثلاثاء يوم المريخ (٥)

يوم الثلاثاء يوم المريخ (٥)
يوم الثلاثاء يوم المريخ (٥)

5

في الاغريقية hemera areos وهو يوم اله الحرب اريوس ابن زيوس وهيرا، وهو الاله المرتبط بالمريخ عند الرومان  Mars  . وفي اللاتينية الثلاثاء هو يوم المريخ dīēs Martis. أي يوم رب المريخ مارس. وثمة من يعتقد ان اصل Mars الرومانية من  *Mawort- وهي مجهولة الأصل-قارن المرو والمرخ كأداتي الاشعال الرئيسيتين من الحجر او الخشب حيث المَرْوُ: حجارة بيضٌ بَرَّاقة تكون فيها النار وتُقْدَح منها النار. -
ويسود اعتقاد بأن اصل *Mawort- أسكانيOscan  - لغة منقرضة في جنوب ايطاليا؛ والارجح انهم خليط هندو اوروبي كنعاني شانهم في ذلك شأن الاتروسكيين Etruscan  الذين انتقلت حضارتهم للاتين بعض ان قضي عليهم، كما هو شأن الاغريق مع المستوطنات الكنعانية في الجزر اليونانية قبلهم.- ولا يشك بوجود علاقة بتسميته باله الحرب للونه الدموي الناري. 
ويبدو ان تطورا في المعتقدات لها صلة باعلاء شان المشتري مردوك نقلت مكانة المريخ ليكون ابنا للمشترى لدى الاغريق في حين انه بالاصل ابنا لما هو اعلى شأنا من الالهة في القدم مقارنة بالمشتري. اطلق عليه الصابئة آريس ووصفوه بالاله الاعمى بمعنى الذي لا يعرف خيره من شره لافعاله التي لا تحتسب نفعا او ضررا وكرسوه للمريخ. - مما يوحي بالخلط بين زحل والمريخ أي بين الاب ننب والابن نرج (نرجال) وتحول زحل لصفة المريخ (الاعمي) ما يرد على لسان الشاعر ابن نباته المصري
ما بال ليلي لا يسير كأنَّما وقفت كواكبه من الإعياء
وكأنَّما كيوانُ في آفاقهِ أعمى يسائلُ عن عصا الجوزاء
 يرتبط المريخ في الثقافة العربية بالنحس حيث ورد في القاموس المحيط  النَّحْسانِ: زُحَلُ والمِرِّيخُ. وورد اسم الثلاثاء في الجاهلية بصورة جبار. عند الفلكيين سياف الفلك، ويطلق عليه أيضا الكوكب الأحمر الناري. وكان هيكله عند الصابئة مربعا- لدى المسعودي والشهرستاني مستطيل. اللون المرتبط به الأحمر وتمثاله من الحديد. في السومرية يرد بصور GIR3.UNU.GAL وفي الاكدية Salbatanu وربه نرجال. وأيضا Muštabarru. والذي يحق العدل بالقتلSI.MUTU. 
 بتقديري ان التسمية الاغريقية مقترضة من لقب مشرقي يربط بين المريخ واشعال النار وهو ما احتفظت به العربية في جذر ارر حيث أَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها الشيء. أَرَّى النارَ: عَظَّمَها ورَفَعَها. أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا رَفَعْتها. يقال: أَرِّ نارَك.والإرَةُ موضع النار، وأَصله إرْيٌ، والهاء عوض من الياء، والجمع إرُونَ مثل عِزُون. الإِرَةُ العداوة أَيضاً. ولما كانت معرفة النار سابقة على العبادات فاعتقد ان الرب  ERRA لقب نرجال - نرجال ملك العالم السفلي في السومرية، واحتفظ بهذه الصفة في البابلية والاشورية، ويظهر أيضا كاله للحرب. ويوصف بالقادر على كل شيء والذي يمحق كل الشرور. وهو اله حرائق الغابات والحمى والطاعون ربما لارتباطه بالاله Erra منذ الالف الأولى قبل الميلاد وهو الاله الذي يشابهه في مواصفاته. وجوانبه الإيجابية انه يظهر كرب راعي وحامي في مسلة حمورابي يطلق عليه "القوي بين الالهة"، "المحارب دون ند والقادر على هزيمتي" يوازي هرقل لدى الاغريق. - مشتق من هذا الجذر واساسه الاحتكاك بهدف الاشعال. وبتقديري على القياس: من اشعال النار الأَرُّ الجماع. ويصيب مقاييس اللغة بالقول إن أصلُ هذا البابِ (أر) واحد، وهو هَيْج الشيء بتَذكيةٍ وحَمْيٍ. وقارن أيضا التسمية اليونانية آريس Ares –حرفيا تعني معركة- وهو الرديف لمارس اله الحرب الروماني مع :أَرَّثَ النارَ: أَوْقَدها. الإِراثُ والأَرِيثُ: النارُ. الإِراثُ: ما أُعِدَّ للنار من حُراقةٍ ونحوها. وأما Pyroeis وهو احد اسماء المريخ كرب والمشتق من  pyra أي النار فهو يتقاطع مع : بَهْرام اسم المِرِّيخ. بَهْرَمَةُ النَّوْر: زَهْرُه.بَهْرَمَ لِحْيَته: حَنَّأَها تحْنِئة مُشْبَعَةً. البَهرَمان دونه بشيء في الحُمْرة. تَبَهْرَمَ الرأسُ: احْمَرَّ. وأما الاصل الاقدم فهو السومري [BAR- bar7 (bir9)]: يشعل ويحرق.
وتكمن الصلة بين جذر ارر والمريخ في ان المَرْخُ من شجر النار، معروف. وتزداد الصلة وضوحا بين الجذرين المقترضين في الاغريقية والرومانية حيث المَرْخُ شجر كثير الوَرْي سريعه. المرخ: الزندة. المِرِّيخ: السهم الذي يغالى به. وقال أَبو تراب: سأَلت أَبا سعيد عن المريخ والمريج فلم يعرفهما، وعرف غيره المرّيخ والمرّيج: كوكب من الخُنَّس في السماءِ الخامسة وهو بَهرام؛ قال:فعندَ ذاك يطلُعُ المرِّيخُ بالصُّبْح، يَحكي لَوْنَه زَخِيخُ، من شُعْلَةٍ ساعَدَها النَّفِيخُ. 
ولا يستثنى اثناء تطور اللغة أن يكون المريخ لفظ بصورة مريج وهو اسم للمريخ لدى العرب بابدال الميم وهو دارج ايضا في العربية.
وما يوحي بالصلة بين نرج أساس نرجال -قارن نر ونار- ومرج انهما يضمان اشعال النار والمرج له صلة باشعال النار بالفرك  كما هو ارر بفرك العود في الخشب، وعلى القياس المارِجُ: الشُّعْلةُ السَّاطِعَةُ ذاتُ اللَّهَبِ الشَّديد. المَرْجانُ البُسَّذُ، وهو جَوهَرٌ أَحمر. وتأكيدا على الصلة أيضا مَرَجَ الرجلُ المرأَةَ مَرْجاً: نَكَحَها.-وروى ذلك أَبو العلاء يرفعه إِلى قُطْرُب، والمعروف هَرَجَها يَهْرُجُها.-قارن أيضا هرج و على صلة أيضا الهَرَّارانِ النَّسْرُ الواقِعُ وقلبُ العقرب وليس صدفة ان قلب العقرب نجم احمر كالمريخ ولهذا يسمى Antares تصحيفا لـ  anti mars أي المنافس للمريخ والتسمية الهرار بتقديري لها صلة بالرب ERRA.
يبدو ان المريخ اخذ صفة انثوية في مرحلة تاريخية سابقة مع اخذ الرجل صفة السيطرة وميل ربط الاله الأعظم بالذكورة بعد ان كان يحمل مواصفات الجنسين. وبالنظر الى ان الاثنين يمثل Adad/Iškur  فقد تلته عشيقته Shala ربة الحبوب والتي ترد أيضا كخليلة لداجون. واما اسمها الأكثر قدما فهو Gubarra وهو بتقديري أساس تسمية العرب للثلاثاء قبل ان يتحول الى نرجال أو  جبار -قارن جبريل-. والمفارقة أن إله النار GIBIL الذي له من التسمية GIRRA في الاكدية يرد كابن لـ Adad/Iškur. وبتقديري ان GIBIL ذات الصلة بالنار لها علاقة بالجبل كمصدر للخشب ومواد الاشعال. والصلة مع الجبل كتضاريس واردة أيضا، وباعتبار ان القاف والجيم من اصل واحد فإن لجذر قبل صلة بالجبل لناحية انه في ذهن الانسان يصد ويسد.  قارن قَابَلَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ مُقَابَلَةً وَقِبَالًا : عَارَضَهُ مع الاكدية جبل  . šadûواما قبل بمعنى الجبل فيبدو ان العربية احتفظت بصورة اللفظ الاقدم بالنظر لورود GIBIL ففي السومرية ga-bi-ri تعني جبل وهو ما يوحي بأن جبر بالأصل له صلة بالجبل الذي يقترن كمصدر للحطب أساس النار. والأرجح ان نرجال هو احدى فيوض الاله الشمس في اقصى درجات حرارتها أي منتصف الصيف المرتبط بالامراض والحروب. 
في السريانية ܢܵܪܝܼܓ݂  ' na: righ تعني المريخ ، وثمة إشارة لـ   Norberg, Gesenius واخرون انظر:
 Cyclopædia of Biblical, Theological, and Ecclesiastical Literature, Volume 6
By John McClintock, James Strong .Page 950-951
 الى ان نرجال هو اسم المريخ لدى السبئيين العرب وان معناه هو سوء الطالع ولهذا لم يكن غريبا ان يرتبط في الثقافة الغربية بالمجازر والحرب. ويعتقدون ان السبئيين ربطوا يوم الثلاثاء بسلطة الرب نرج او نِئرِجْ Nerig أي المريخ. وكما المريخ احمر فقد صوروه كرجل برداء احمر وقد استلت احدى يديه سيفا بينما حملت الاخرى رأسا مقطوعا للتو. وكان معبده مطليا بالاحمر واما ارديته فقد كانت مغمسة بدم  محارب (ربما اسير) جرى سفكه في بركة . 
افتقدت العربية الصلة بين نرج والمريخ الا من هوامش باهتة النَّيْرَجُ والنَّوْرَجُ والنُّورَجُ، الأَخيرة يمانية ولا نظير له: كلُّ ذلك المِدْوَسُ الذي يُداسُ به الطعام، حديداً كان أَو خشباً-قياسا من صفته كقاتل وحمله سلاحا- امرأَةٌ نَيْرَجٌ: داهية مُنكرة. -قياسا من النحس المقرون بنرجال-. وأَقْبَلَت الوَحْشُ والدَّوابُّ نَيْرَجاً، وهي تَعْدو نَيْرَجاً: وهي سرعةٌ في تردُّدٍ.-السرعة والتردد قياس من حركة العود الدورانية السريعة في الخشب اثناء الاشعال- ظل يباريها وظلت نيرجا من المجاز: نيرجها: جامعها . -قارن مرج ومرخ وارر والاشعال-.  النَّوْرَجُ: سِكَّة الحَرَّاث. النِّيرَجُ: أُخَذٌ تُشْبِه السِّحْرَ، وليست بحقيقته، ولا كالسِّحْر، إِنما هو تشبيه وتلبيس. – قارن ارتباط نرجال بدفن دمى تمثل الجوزاء تحت عتبات الأبنية البابلية. 
وتظهر الصلة بين تسمية الثلاثاء بجبار من خلال فيوض شجرة الحياة الفلسفية סְפִירוֹת‎  Sephiroth ، وبتقديري ان القبالاة الفرقية الباطنية اليهودية نحلتها من الثقافة الصابئية الحرانية والافلاطونية الحديثة -ما يلفت النظر ان كثيرا من المحسوبين على الافلاطونية الحديثة من فلاسفة هم من أصول مشرقية وعربية ولا يخفى تمسكهم بجذور ثقافتهم الميثولوجية القديمة في صراعها مع المسيحية الناشئة.-  وكورثة للتراث الثقافي البابلي، والدلالة فيما رآه المسعودي مكتوبا على مدقة الباب بالسريانية من قول نسب لافلاطون "الانسان نبات سماوي، والدليل على هذا انه شبيه شجرة منكوسة اصلها الى السماء وفروعها في الأرض. وتوحي شجرة الحياة بعلاقتها بالكوكبيات من خلال ربط الفيوض بأجرام سماوية. والنظرة العابرة للترتيب توحي بأن تاج الفيوض كِثِر هو الرب الاعلى. قارن kišar [EARTH] التي من معانيها الكلية، الأرض وترادف في الاكدية   kiššat erşeti، kiššatuفيما هذه الأخيرة ترادف  kiš [TOTALITY]  التي تعني الكلية وهو ما ان كثر في العربية بالاصل يعني الكلية والمطلق وهي صفة للرب الأعلى الواسع طل شيء.
ويستوقف الفيض الرابع المسمى حِسِد (الرحمة والمحبة) والخامس גבורה    geburah جِبُوراه (جبروت )  واما كتابته بالفاء Gevurah فهو تصحيف. ويعتبر المشتري مصدر الفيض الرابع وهو صاحب المنافع الاعظم وهو الذي يقدم العون وينمي ويوسع المنافع، ولكن ما يستنزفها أن جِبُوراه يتلوه بصرامته وقسوته حيث المريخ هو مصدر فيضه. وبينما يسمح حِسِد بنماء كل شيئ فإن جبوراه يقلم ويقطع الاجزاء التي لا فائدة منها ليفسح المجال للثمار المنتخب أن ينمو. ولذلك فإن الرحمة والقسوة يوازن بعضهما البعض في انشطته. والارجح ان جبر بالاصل لقب لنرجال وتاليا جملة من الامثلة التي تقارب هوية ووظيفة نرجال، ففي اللسان الجِبِّيرُ، مثال الفِسِّيق: الشديد التَّجَبُّرِ. والجَبَّارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ.وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة-قارن التضاد مع الفيض الرابع الخاص بالمشتري-. وروي عن ابن عباس في جبريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن. الجُبَارُ من الدَّمِ: الهَدَرُ. ونارُ إِجْبِيرَ: نار الحُباحِبِ ـ نارُ الحُباحِب: ما اقْتَدَحَ من شَرَرِ النارِ، في الهَواءِ، مِن تَصادُمِ الحِجارة؛ وحَبْحَبَتُها: اتّقادُها -قارن استخدام المرخ والحجارة لاشعال النار- . جُبَارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم القديمة . الجَبَارُ: فِناءُ الجَبَّان - القبور لها علاقة بنرجال فهي من المداخل المودية للعالم الاخر حيث يعتلي عرشها قارن ارتباط كوثى بنرجال وكونها المقبرة الرئيسية في البابلية الحديثة -. العرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. جابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد الكسرـ-تفسير مبهم لأن الخبز يكسر والارجح العلاقة بالنار-. الجَبْرُ: تثبيت وقوع القضاء والقدر-وظيفة نرجال كملك للموت -. الجَبَّارُ: اللّهُ تعالى، لِتَكَبُّرِهِ، وكُلُّ عاتٍ، كالجِبِّيرِ، كسِكِّيتٍ، واسْمُ الجَوْزاءِ، وقَلْبٌ لا تَدْخُلُه الرَّحْمَةُ، والقِتَالُ في غيرِ حَقٍّ ـ ربط الجبار بالله تأكيد على ان الارباب ما هم الا فيوض لذات الاله الواحد- . الربط بين جبار والجوزاء يؤكد الارتباط بنرجال فرسمها البابلي القديم يصور توأما لمحاربين باسلحتهما ويظهر انهما حارسان للعالم السفلي. وحيث ان الصيف يقترب كفصل للموت والأوبئة فقد وجد الناس اقترانا بين حال اراضيهم والموت ولهذا فعلى الحارسين ان يمنعا العفاريت من الهروب خلال فترة الانقلاب الصيفي حتى لا يعيثوا فسادا في فترته الحرجة.  والدلالة على وظيفة الكوكبة دفن البابليين لدمى تمثل الجوزاء عند مداخل الابنية.  وهذه الحماية هي بفضل نرجال.  المحاربان بحسب البابليين هماlugal.Irra  أي الملك أو السيد القوي المنيع اشارة لنرجال بوصفه ملك العالم الاخر ودوره في حراسة الجانب الايمن والثاني ايضا نرجال باسم  Meslamtaea ووظيفته حماية الجانب الايسر.