المقاطعة العالمية للأكاديمية الإسرائيلية.. ثمن فادح يدفعه الاحتلال نتيجة جرائمه في غزة
مع بداية حرب الإبادية الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، انتشرت دعوات المقاطعة الشاملة لكيان الاحتلال في كافة المجالات (الاقتصادية، والفنية، والسياسية، والأكاديمية
مع بداية حرب الإبادية الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، انتشرت دعوات المقاطعة الشاملة لكيان الاحتلال في كافة المجالات (الاقتصادية، والفنية، والسياسية، والأكاديمية،.. إلخ)، ما أثّر بشكل كبير على العلاقات الإسرائيلية في نواح عدة، وكان من أبرزها المجال الأكاديمي.
وقد دعت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، لتصعيد المشاركة في كافة الفعاليات والحملات الشعبية المُساندة للمواطنين في قطاع غزّة.
قلق إسرائيلي
حالة من القلق الشديد تجاه المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل، عبّرت عنها الصحافة الإسرائيلية، بعد أن بات هذا المجال يواجه شبه عزلة -بل ومخاطرة- في كثير من دول العالم.
الكاتب تاني غولدشتاين، محرر الموقع الإلكتروني”زمان يسرائيل”، يرى أن احتجاجات الطلبة في جامعات العالم مثل كرة ثلج متدحرجة قد تؤدي إلى مقاطعة أكاديمية عالمية شاملة لإسرائيل، مشيرًا إلى أن مقاطعة المجال الأكاديمي الإسرائيلي بات ظاهرة عالمية.
ولفت إلى تعالي دعوات المقاطعة في مختلف جامعات الغرب، قائلاً: “منذ بداية الحرب، فرضت 8 جامعات على الأقل في كندا والبرازيل وإيطاليا وبلجيكا والنرويج مثل هذه المقاطعة، وأدى الاحتجاج إلى مقاطعة جزئية في جامعات أخرى”.
وأكد أن الأكاديمية الإسرائيلية تشعر بالقلق أكثر من إلغاء زيارات المحاضرين خوفًا من مظاهرات واحتجاجات الطلبة، وهذا ما حدث مثلا للدكتور موشيه فرحي، خبير المساعدة الطارئة في الكلية الأكاديمية “تل حاي”، الذي دُعي للمشاركة في مؤتمر بملبورن بأستراليا، ولكن بعد وصوله اكتشف أن الدعوة قد ألغيت، بسبب الاحتجاجات الطلابية المنددة بالحرب على غزة.
واعتمادا على إفادات جمعها غولدشتاين، فإن الكثير من الباحثين والمحاضرين في إسرائيل يحذرون من أن المقاطعة الأكاديمية واسعة النطاق ستلحق ضررا جسيما بالأكاديميا الإسرائيلية، وبشكل غير مباشر أيضا بالتكنولوجيا المتقدمة وبمجال الطب والبحوث العلمية والعلوم التي تعتبرها إسرائيل مزايا قوة وهيمنة وتفوق عالمي.
التعاون الأكاديمي “صعب”
القلق نفسه عبّرت عنه صحيفة هآرتس العبرية، والتي قالت إن إسرائيل تواجه مقاطعة غير مسبوقة، شملت حتى المجال الأكاديمي لجامعات “إسرائيل” وباحثيها.
وتحت عنوان “هذا ليس الوقت المناسب لدعوة محاضرين من إسرائيل.. نواجه مقاطعة غير مسبوقة”، أصدرت “هآرتس” تقريرًا لها في ملحق عددها الصادر اليوم الاثنين، تسلط فيه الضوء على ما وصفته بـ “المقاطعة الأكاديمية للجامعات حول العالم للمحاضرين وللباحثين وللجامعات الإسرائيلية”.
ونقل التقرير العبري إفادات 60 باحثًا إسرائيليًّا كانوا قد تعرضوا للمقاطعة والطرد من المجموعات البحثية العالمية منذ اندلاع الحرب على غزة.
وأبرزت الصحيفة تجربة البروفيسور غلعاد هيرشبرغر، وهو عالم النفس الاجتماعي في جامعة “رايخمان” بهرتسليا، ويدرّس موضوع الآثار طويلة المدى للمحرقة النازية (الهولوكوست)، والذي تلقى دعوة ليكون المتحدث الرئيسي في مؤتمر لمنظمة نرويجية تتعامل مع الصدمة الجماعية.
وتابعت الصحيفة أن سلسلة من المراسلات عبر البريد الإلكتروني التي وصلت هيرشبرغر، كتب أحد المنظمين النرويجيين: “اللجنة المنظمة للمؤتمر قررت إلغاء دعوتكم، بدعوى ضرورة تجنب التعاون مع ممثلي الدول المشاركة في القتال الدائر (الحرب على غزة)”.
ونقلت “هآرتس” عن هيرشبرغر تعقيبه قائلاً: “كنت ناشطا في مجال علم النفس السياسي لسنوات عديدة، لكنني لم أواجه قط مثل هذا الرد المباشر والصارخ، لقد تم رفضي لأنني إسرائيلي”.
وأضاف: “الأكاديمية الإسرائيلية قد تدخل وضعا جديدا فيما يتعلق بالمشاركة بمؤتمرات أو جمع تمويل للبحث أو نشر مقالات. نحن نعتمد بشكل كامل على العلاقات الدولية، وسيكون التعاون معنا أكثر صعوبة”.
نتائج ملموسة
وحول النتائج الناجمة عن دعوات المقاطعة الأكاديمية لكيان الاحتلال، أظهرت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) في الربع الأخير من العام 2023 والربع الأول من 2024، مؤشرات تنامي التفاعل العالمي مع المقاطعة، متمثلة في عدد من الخطوات، كان أبرزها أن علّقت خمس جامعات نرويجية اتفاقيات التعاون مع الجامعات الإسرائيلية، رافضة التعامل معها بشكل اعتياديّ بينما ترتكب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية بحقّ 2.3 مليون فلسطينيّ في قطاع غزة المحتل والمحاصر.
فيما قرر مجلس كلية الحقوق بجامعة “أنتويرب” في بلجيكا بالإجماع وقف اتفاقية التعاون مع جامعة “بار إيلان” الإسرائيلية بسبب دعمها العلني للإبادة الجماعية.
بينما أصدر مجلس طلبة كلية الحقوق في جامعة هارفارد قرارًا يدعو الإدارة وجميع المؤسسات والمنظمات في مجتمع الجامعة لسحب الاستثمارات من نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي الإبادي.
كما قرر المجلس الأكاديمي لجامعة تورينو في إيطاليا عدم المشاركة في مشاريع البحث العلمي مع المؤسسات الإسرائيلية.
في الوقت نفسه التزمت جامعة “جيرونا” في كاتالونيا بمراجعة كافة اتفاقياتها المبرمة مع الجامعات الإسرائيلية، وألغت جامعة “سيارا” الفيدرالية في البرازيل “تحدي الابتكار البرازيل – إسرائيل”. كما صوتت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة “باتاغونيا” الوطنية سان خوان بوسكو في الأرجنتين لصالح الالتزام بدعوة جامعة بيرزيت لمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية المتواطئة.
أما رابطة أعضاء هيئة التدريس في جامعة “مونتريال”، التي تمثل ما يقارب 1,400 عضو هيئة تدريس، فقد صوتت بالإجماع لصالح قرار مقاطعة الجامعات الإسرائيلية، مما يجعلها أول رابطة هيئة تدريس في كندا تتخذ هذه الخطوة.