أسرى غزة .. شهادات مرعبة يوثقها تقرير لأونروا
انتهاكات مروعة، تمثلت بتعذيب جسدي وانتهاكات جنسية طالت نساء وأطفالا، هذا ما وثقته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في تقرير شامل لها عرض شهادات لمعتقلين ومعتقلات من قطاع غزة.
انتهاكات مروعة، تمثلت بتعذيب جسدي وانتهاكات جنسية طالت نساء وأطفالا، هذا ما وثقته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في تقرير شامل لها عرض شهادات لمعتقلين ومعتقلات من قطاع غزة.
وقالت “أونروا” إنها حصلت على الشهادات، استنادا إلى بيانات جمعتها، بشكل مستقل وطوعي، من الفلسطينيين المفرج عنهم عبر معبر كرم أبو سالم الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948، وتضمنت تفاصيل حول الرجال والنساء والأطفال والموظفين الذين أفرج عنهم بشكل متتال.
ويقدم التقرير معلومات وثقتها أونروا، في المدة بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 وكانون الأول/ ديسمبر 2023، حين بدأت التقارير تظهر عن اعتقال الاحتلال فلسطينيين في شمال غزة، بما فيها من مراكز المنظمة الدولية.
وأوضحت “أونروا” أنها وثقت حالات اعتقال جماعية وسوء معاملة واختفاء قسري لآلاف الفلسطينيين، بما في ذلك الرجال والفتيان والنساء والفتيات، في كانون الأول/ ديسمبر 2023.
وبالإضافة إلى شمال غزة، فإن التقارير أكدت استمرار الاعتقالات في المنطقة الوسطى من غزة بدءاً من كانون الأول/ ديسمبر 2023، وفي خان يونس جنوب القطاع، بدءاً من كانون الثاني/ يناير 2024، مشيرة إلى أن السكان احتجزوا من منازلهم ومناطق عملهم ومنشآت طبية ومرافق أخرى.
وحتى 4 نيسان 2024، سجلت “أونروا” إطلاق 1.506 معتقلين من غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بينهم 43 طفلاً من بينهم 39 صبياً و4 إناث، إضافة إلى 84 امرأة.
ومن بين المعتقلين (المفرج عنهم) وفق “أونروا”؛ 16 من أفراد عائلات موظفي الوكالة، و326 عاملاً من غزّة يعملون داخل الخط الأخضر (الأراضي المحتلة منذ عام 1948)، كما وثقت إطلاق 23 موظفاً من موظفيها كانت سلطات الاحتلال قد اعتقلهم.
ونقلت “أونروا” عن المعتقلين أنه جرى نقلهم عن طريق شاحنات إلى ثكنات عسكرية مؤقتة، معزولة عن العالم الخارجي، وتضم ما بين 100-120 شخصاً، حيث يُحتجزون معزولين عن العالم الخارجي لفترات تصل في بعض الأحيان إلى عدة أسابيع.
ووفقًا لشهادات المعتقلين، فإنهم اُحْتُجِزُوا في ثكنات عسكرية تقع في زيكيم، حيث توجد قاعدة عسكرية “إسرائيلية” وآخرون اُحْتُجِزُوا في مواقع حول مدينة بئر السبع، بما في ذلك قاعدة “سدي تيمان”.
وبحسب الشهادات؛، فقد أرسل المعتقلون للاستجواب عدة مرات، بما في ذلك مقابلات نهائية مع جهاز الشاباك “الإسرائيلي”.
وأفادت النساء التي وثقت “أونروا” شهاداتهنّ، بأنه جرى اقتيادهن إلى معسكر “أناتوت” في القدس المحتلّة، وسجن “الدامون” في مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلّة، إضافة إلى الإبلاغ عن وجود مراكز احتجاز في عسقلان جنوباً، وسجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة، وسجن الجلمة في شمال فلسطين، بالإضافة إلى وجود مركز احتجاز في مدينة القدس.
وكشف المعتقلون المفرج عنهم، في شهاداتهم عن تعرضهم لإساءات وحوادث تعذيب وانتهاكات تهدد كرامتهم وحقوقهم الأساسية، بمن فيهم من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن وأصحاب الإعاقات، الذين تعرضوا لأشكال مختلفة من إساءة المعاملة، بما في ذلك الضرب والتهديد والإهانة.
وأشارت الشهادات المباشرة التي تلقتها ونقلتها الوكالة، إلى أن المعتقلين تعرضوا للضرب أثناء إجبارهم على الاستلقاء على أرضية صلبة، بقيود بلاستيكية تقيد حركتهم، دون توفير الطعام أو الماء أو الإمكانية لزيارة المراحيض، فضلاً عن وتعريضهم للبرودة والرطوبة، مع استخدام أساليب قسوة متنوعة مثل التهديد بالقتل والاعتداء بوحشية.
وقال المعتقلون: إن جميع الأشياء الشخصية التي كانت بحوزتهم قد صودرت خلال فترة الاحتجاز، دون إعادتها بعد الإفراج عنهم.
وقد تسببت أساليب إساءة المعاملة هذه في إصابة بعض المعتقلين بجروح خطيرة، بما في ذلك كسور في العظام وجروح قطعية، وتركيب السلاسل والأصفاد بقسوة تسببت في إلحاق أذى بجسدهم.
ومن بين الشهادات المروعة التي تلقتها “أونروا” شهادة لمعتقل (40 عاماً)، وشهد على تعذيب كبار السن وذوي الإعاقات.
وقال: “رأيت أشخاصاً من الاحتجاز يبلغون من العمر 70 عامًا، كباراً في السن كثيراً، كان هناك أشخاص مصابون بمرض الزهايمر، وآخرون مكفوفون، وذوو إعاقة لا يستطيعون المشي، وأشخاص لديهم شظايا في ظهورهم، ولا يستطيعون الوقوف، وأشخاص يعانون الصرع… وكان التعذيب للجميع حتى بالنسبة للأشخاص الذين لا يعرفون أسماءهم، قلنا لهم إن هناك شخصًا أعمى ولم يهتموا”.
ومحتجز آخر يبلغ من العمر 26 عاماً قال في شهادته: “كانوا يضربونني بقضيب معدني قابل للتمديد، كان بنطالي ملطخاً بالدماء، وعندما رأوه ضربوني هناك، استخدموا مسدس مسامير على ركبتي بقيت هذه المسامير في ركبتي لمدة 24 ساعة تقريبا، حتى نُقِلْت إلى سجن النقب”.
وفي حالة أخرى، أفادت محتجزة ( 34 سنة)، بأنها تعرضت للتهديد بقصف منزلها وقتل أفراد أسرتها إذا لم تقدم المعلومات المطلوبة.
وقالت: “أراني الشاباك الحي الذي أعيش فيه بأكمله على شاشة الكمبيوتر وطلبوا مني أن أخبرهم عن جميع الأشخاص الذين أشاروا إليهم – من هو هذا، ومن هو ذاك، وما إلى ذلك، وإذا لم أتعرف على شخص ما، كانت الجندية تهددني بقصف منزلي”.
وتضمنت الشهادات أيضًا تفاصيل عن إجبار المعتقلين على الجلوس على ركبهم لساعات طويلة دون راحة، والاحتجاز في أقفاص وتعرضهم للهجوم من الكلاب، وتهديدهم بالإصابة أو الموت إذا لم يقدموا المعلومات المطلوبة.
ووثقت الشهادات، انتهاكات جنسية طالت الرجال والأطفال والنساء على حدّ سواء، حيث أجبر جيش الاحتلال “الإسرائيلي” الذكور، بمن فيهم الأطفال، على خلع ملابسهم الداخلية، فيما وثقت الوكالة، مناسبة واحدة على الأقل أجبر فيها الذكور الذين لجؤوا إلى منشأة لأونروا على خلع ملابسهم، وتم احتجازهم وهم عراة.
وأفاد كل من الرجال والنساء بتعرضهم لتهديدات وحوادث قد ترقى إلى مستوى العنف الجنسي والتحرش من جيش الاحتلال أثناء الاحتجاز، حسبما أكدت “أونروا” في تقريرها.
وأفاد الضحايا الذكور بتعرضهم للضرب على أعضائهم التناسلية، بينما أفاد أحد المحتجزين بأنه أجبر على الجلوس على مسمار كهربائي.
وقال محتجز (41 عاماً): “أجبروني على الجلوس على شيء يشبه عصا معدنية ساخنة، وشعرت كأنها نار – لدي حروق في فتحة الشرج”.
وتابع: “ضربني الجنود بأحذيتهم على صدري، واستخدموا شيئاً يشبه عصا معدنية بها مسمار صغير على الجانب، طلبوا منا أن نشرب من المرحاض، وأجبروا الكلاب على مهاجمتنا”.
وتحدث الشاهد عن موت أحد الأشخاص تحت العذيب، وقال: “كان هناك أشخاص اعتقلوا وقتلوا – ربما تسعة. (مات أحدهم بعد أن وضعوا العصا الكهربائية في فتحة الشرج). لقد مرض جداً رأينا ديداناً تخرج من جسده ثم مات”.
وأمّا النساء، فقد أكدّن -وفق التقرير- تعرضهنّ للإيذاء النفسي، والتحرش الجنسي، وشمل ذلك الإهانات والتهديدات، والتفتيش بطريقة غير لائقة، الغرض منها التحرش، وأجبرن على خلع ملابسهنّ أمام الجنود أثناء عمليات التفتيش وتصويرهن وهن عراة.
وقالت محتجزة (34 عاماً وثقت “أونروا” شهادتها: طلبوا من الجنود أن يبصقوا عليّ قائلين: “إنها عاهرة، إنها من غزة”.
وتابعت: “كانوا يضربوننا ونحن نتحرك ويقولون إنهم سيضعون الفلفل على أعضائنا الحساسة (في إشارة إلى الأعضاء التناسلية) وسحبونا وضربونا وأخذونا بالحافلة إلى سجن الدامون بعد خمسة أيام”.
وأضافت المرأة الفلسطينية في شهادتها: “أخذ جندي حجابنا وقرصنا ولمسوا أجسادنا، بما في ذلك صدورنا. كنا معصوبي الأعين، ونشعر بأنهم يلمسوننا، ويدفعون رؤوسنا إلى الحافلة. بدأنا بالالتصاق ببعضنا لمحاولة حماية أنفسنا من اللمس”. قالوا “عاهرة، عاهرة”. و “أمروا الجنود أن يخلعوا أحذيتهم، ويصفعوا وجوهنا بها”.
ووثقت “أونروا” شهادات لموظفين لديها، عن تعرضهم للاعتقال على يد الجيش “الإسرائيلي”، أثناء قيامهم بمهامهم الوظيفية الرسمية في الوكالة الأممية، وخلال عمليات إنسانية منسقة.
ووفقًا للشهادات التي نقلتها، فقد تم احتجاز موظفي وكالة “أونروا” الذين اعتقلهم الاحتلال، في عزلة عن العالم الخارجي وتعرضهم لظروف مماثلة لسوء المعاملة التي تعرض لها المعتقلون الآخرون.
وأبلغ موظفو “أونروا” بأنهم تعرضوا للتهديد والإكراه أثناء الاحتجاز، وأنه تم ممارسة الضغط عليهم خلال جلسات الاستجواب للإدلاء بتصريحات قسرية ضد الوكالة، بما في ذلك ادعاء وجود علاقات مع حركة حماس والمشاركة في هجمات ضد كيان الاحتلال يوم 7 أكتوبر.
وشملت الانتهاكات ضد الموظفين، سوء المعاملة والاعتداءات والضرب الجسدي العنيف ومحاكاة الغرق، مما أدى إلى إصابات جسدية خطيرة، بالإضافة إلى تعرضهم للتعذيب النفسي واللفظي والجنسي، والتهديد بالقتل أو التشويه لهم ولأفراد أسرهم.
وقالت “أونروا” أنها قدمت احتجاجات رسمية للسلطات “الإسرائيلية” بشأن هذه التقارير عن سوء المعاملة التي تعرض لها موظفو الوكالة خلال فترة احتجازهم في مراكز الاحتجاز “الإسرائيلية”، إلا أنها لم تتلق أي ردود فعل على هذه الاحتجاجات حتى الآن.