جنكيزخان هل هو قسطنطين... أم أسطورة بلا تاريخ؟

كل ما يقال عن جنكيزخان هو مجرد رواية من الأدب الشعبي ليس لها أي علاقة بالتاريخ، ذلك لأننا لم نجد أي أثر تاريخي مثل العمارة والقبور والنقوش والسلاح وغيرها مما يمكن أن يدل على وجود إمبراطورية بهذا الحجم الذي يتحدث عنه كتَّاب التاريخ، كل ما لدينا هو روايات مكتوبة على ورق.

جنكيزخان هل هو قسطنطين... أم أسطورة بلا تاريخ؟

أبرز ما تحدث به المؤرخون عن جنكيزخان نقتبسه من ويكيبيديا:

جِنْكِيزْ خَانْ (بالمنغولية: Чингис Хаан)‏ (1165 - 1227م). هو مؤسس وإمبراطور الإمبراطورية المغولية والتي اعتبرت أضخم إمبراطورية في التاريخ ككتلة واحدة بعد وفاته.... كان قائدًا عسكريًّا شديد البأس، وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله، وبدأ في التوسع تدريجيًّا في المناطق المحيطة به، وسرعان ما اتسعت مملكته حتى بلغت حدودها من كوريا شرقًا إلى حدود الدولة الخوارزمية الإسلامية غربًا، ومن سهول سيبريا شمالاً إلى بحر الصين جنوبًا، أي أنها كانت تضم من دول العالم حاليًا: الصين وإيران وكازاخستان وكوريا الشمالية والجنوبية ومنغوليا وفيتنام وتايلاند وأجزاء من سيبيريا، إلى جانب مملكة لاوس وميانمار ونيبال وبوتان....

 جنكيز خان (بالمنغولية:Чингис Хаан)، (تكتب بالصينية: 成吉思汗) وتهجئتها بطريقة پن ين pinyin هي: cheng1 ji1 si1 kang1)، أو تيموجين (بالصينية:鐵木真)، وهجاؤها بطريقة پن ين pinyin هو: Temüjin «جنكيز خان» كلمة تعني: قاهر العالم، أو ملك ملوك العالم، أو القوي، حسب الترجمات المختلفة للغة المنغولية، واسمه الأصلي «تيموجين» أو «تيموغين»....

لا توجد صور دقيقة عن جنكيز خان، وماتبقى من وصف عنه ماهو إلا خيالات فنية. فقد ذكر رشيد الدين في جامع التواريخ أن سلفهم الأسطورة المتألق «جنكيز خان» كان طويل القامة وطويل اللحية ذا شعر أحمر وعيون خضراء. انتهى الاقتباس من ويكيبيديا.

كل ما يقال عن جنكيزخان هو مجرد رواية من الأدب الشعبي ليس لها أي علاقة بالتاريخ، ذلك لأننا لم نجد أي أثر تاريخي مثل العمارة والقبور والنقوش والسلاح وغيرها مما يمكن أن يدل على وجود إمبراطورية بهذا الحجم الذي يتحدث عنه كتَّاب التاريخ، كل ما لدينا هو روايات مكتوبة على ورق.

أو أنها باتت من الأدب الشعبي بعد أن تم إخراجها عن سياقها الجغرافي ونقل أحداثها إلى غير اماكنها الأصلية، وهذا ما يشهد به وصف رشيد الدين لجنكيزخان بسمات سلافية بشعر أحمر وعيون خضراء بعيدة كل البعد عن أوصاف المنغول الذين نعرفهم اليوم.

إن صح ذلك فهذه دعوة إلى إعادة قراءة شاملة للتاريخ المكتوب، وتصحيح ربطه بالجغرافيا والشعوب المعاصرة. والرواية التي بين أيدينا لا تتحدث عن قائد محدد له إسم أو دولة معينة لها إسم وهذا ما سنبينه في ما يلي.

كلمة جنكيزخان تعني حرفياً "ملك الدولة العظيمة"، هي لقب لا يرتبط بملك معين ولا بدولة محددة. أي أننا لا نعرف اسماً لهذا الملك ولا لدولته. أما ما يدّعون أنه إسمه الأصلي، تيموجين، فما هو إلا ترجمة لكلمة جينكيز في لغة أخرى.

تتكون كلمة جنكيزخان من ثلاثة مقاطع : المقطع الأول وهو الأساس "чин" (تشين) [تلفظ حالياً بالعربية جين ولكنها كانت قد تحولت إلى صين] ومعناه دولة او منطقة أو أرض، وهو مشتق من كلمة "тай" (تاي) التي نجدها مثلاً في كلمة "تايوان" وتسميات الكثير من المناطق في شرق آسيا.

"تاي" تلفظ بالروسية القديمة كما هي وبالحديثة чай (تشاي)، وفي الانكليزبة تشين تلفظ China (تشاينا)، وفي العرببة صين... وفي اللغات التركية stan (ستان) ومنها كلمة Astana (آستانا). هذه الكلمة هي ذات مفهوم عام غير مرتبط بجغرافيا محددة، وعادة ما تضاف لتشكيل أسماء الدول أو المدن، وهذا الإستخدام بالألفاظ المختلفة مازال شائعاً في وقتنا الحالي.

 بالروسية القديمة كانت تلفظ тай (تاي), ومنها تسمية أحد الأحياء القديمة في وسط موسكو "Китай Город" (كيتاي غوراد) [ترجمتها الحرفية بالعربية مدينة الصين]، ومعناها المدينة العظيمة (العاصمة)، ولا ترتبط هذه التسمية بدولة الصين الحديثة. كانت مدينة موسكو عبارة عن حي واحد إسمه كيتاي وهو الحي المحيط بالكرملين ومازال يحمل نفس الإسم في وقتنا الحالي.

أما دولة الصين الحديثة فإسمها باللغة الصينية جونغ غوا (中国)، المقطع الأول "جونغ" هو لفظهم لكلمة "تشين"، والمقطع الثاني "غوا" هو لفظهم لمقطع "كي" الذي مررنا عليه في تسمية "كيتاي" الواقعة في موسكو، مع فارق إبدال مواقع الصفة والموصوف. جونغ غوا تعني البلد العظيم وكيتاي تعني المدينة العظيمة.

 نستنتج أن чин يمكن أن تكون مملكة موسكو القديمة مثلاً، او أي مملكة أخرى، وتسميات الأماكن التي تحتوي هذا المقطع بألفاظه المختلفة كثيرة جداً في القارة الآسيوية قديماً وحديثاً.

المقطع الثاني "гис" (غيس)، وتعني العظيم، والعظيم هو الحاكم، والمدينة العظيمة هي المدينة الحاكمة أو العاصمة بفهمنا المعاصر. تلفظ بالروسية "ки" (كي) ، مثل "китай" (كيتاي)، وبالعربية "قي" مثل قي-ستان-طينية (القسطنطينية) حيث حلَّت "ستان" بدل "تشين"، وبالعربية ايضاً "كيز" كما في جنكيز. ويمكن أن تلفظ "خي" كما في مملكة خيتان (الخطائية) [بالأصل خيتاي].

 والمقطع الثالث "Хан" (خان), وتعني ملك او زعيم. في الأصل هي "خاآن" والبعض يلفظها "قاآن" ومنها "خاقان" بمعنى ملك الملوك. بهذا يكون الجذر منها "خاي" أو بلفظ آخر "قاي"، أما اللفظ الأصلي فهو بخلط حرفي القاف والخاء معاً (يمكن تقليد ذلك بلفظ قاف ساكنة مدمجة مع خاء مفتوحة) كما في لهجة سكان كازاخستان مثلاً. أما في اللغات التي لا تستخدم القاف والخاء مثل اللاتينية فتلفظ كاي (KAI) وقد لقب الأباطرة في أوروبا بهذا اللقب.

هذا يقودنا إلى حقيقة جديدة تتعلق بإسم قسطنطين (قي-ستان-تين) الذي يبدو كترجمة مباشرة لإسم جنكيزخان (تشين-قيز-خان) مع قلب المقطعين الأول والثاني أي الصفة والموصوف. من الصعب الحكم على من الذي اقتبس التسمية عن الآخر.

 لقد كان الهدف من هذه المقالة الإضاءة على شخصية جنكيزخان التاريخية، ولكن فقد وجدت وعن غير قصد أن النتائج المحرزة في هذه المقالة تتقاطع بشكل مذهل مع مقالتي السابقة بعنوان "القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات". فهل جنكيزخان هو نفسه قسطنطين؟ وهل كان رشيد الدين يصف قسطنطين ذي شعر أحمر وعيون خضراء؟ وهل المغول هم أهل بيزنطة؟

 هذا يجعلنا في حيرة كبيرة عند البحث في حقيقة المروي عن تاربخ بيزنطة وتاريخ المغول، يبدو أنها رواية واحدة إنقسمت على بلاد كثيرة، ويبدو أن التاريخ المروي هو ليس إلا أساطير كيّفها كتَّاب التاريخ على عدة شعوب، ولم يكلفهم ذلك سوى الترجمة وإسقاط التسميات على أماكن مختلفة. هذه الإسقاطات تشمل مناطق واسعة بداية من الصين إلى روسيا وآسيا الصغرى والهند والسند وإلى القسطنطينية.