القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات.
إن الغاية من تزييف التاريخ بإبعاد المغول عن عاصمتهم الأولى القسطنطينية ودفعهم بعيداً نحو شرق آسيا تكمن في محاولة "الفرنجة" (القوط الأنكلوساكسون) لسلب تاريخ أوروبا بعد سلب الأرض. قيستان-بول (إسطنبول) هي عاصمة البلاد الأصلية للمغول وأوروبا موطنهم، وما نقرأه اليوم في كتب التاريخ ليس إلا زيفاً.
2. القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات.
في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، كما يروى، أطلقت على مدينة بيزنطة القاباً مثل باسيليوسا (Basileuousa) بمعنى "الملوكية" وميغالوبوليس (Megalopolis) بمعنى المدينة العظيمة.
وهذا الإسم الأخير، ميغالو-بوليس، يعيدنا إلى نقطة البداية، حيث أن المدينة قد أسسها الميغار وأسموها ليغوس.
إن تفسير كلمتي ميغارا وميغالو، وهما صيغتان تحملان ذات المعنى، إن تفسيرهما من خلال كلمة ميغا (كبير أو عظيم) يعود لفهم متأخر تاريخياً لكلمة ميغا ولا يعطي المعنى الأصلي المبكر للكلمة.
كلمة ميغالو تقسم إلى مي-غالو وميغارا إلى مي-غارا. والجذران "غال" و"غار" يحملان معنى العظمة وإن بمفاهيم مختلفة والغوص في ذلك ليس ضمن موضوعنا الراهن، وقد ورد ما يشبه ذلك في مقالتنا السابقة عن الألوان الروسية.
وأنوه هنا أن هذه المعاني هي من مرحلة تطور وسيطة وتختلف عن المعاني الأكثر قدماً.
زد على ذلك أن تسمية "ليغوس" تقسم إلى لي-غوس، و جذر "غوس" هو من معنى جذر غال ايضاً وبمفهوم مختلف كذلك. والمسألة هنا تكمن فقط بتبديل اللواحق "ال" و"ار" و"وس".
وليس صدفة أن يقودنا البحث إلى تركيب كلمة ما-غول (المغول) بمعنى العظماء والأقوياء. من أمثال هذا التركيب بالعربية كلمة "الغول" وكلمة "مغوار" وهما صفتان التصقتا بذكر المغول من حيث الخوف من بطشهم ومن حيث وصفهم بالقوة والبأس الشديد عند الإغارة.
من هذا التحليل نستنتج أن الميغارا (ميغارة) ليس إلا وصفاً للمغول وبالمعنى العربي "المغيرون"، وأن تسمية "ليغوس" يمكن أن تفسر بمعنى لي-غور (الإغارة) أو بمعنى لي-غول (الغول)، وقد بيّنا سابقاً كيف تتبدل لواحق الكلمات في لغات ولهجات مختلفة. فما الذي يربط بين المغول وبيزنطة؟ هذا ما سنراه لاحقاً.
وبلاد الغال (فرنسا حالياً) تحمل ذات الصفة وتعود إلى الإئتلاف المغولي القديم والسابق لغزو الفرنجة لها. ويلاحظ إستمرار التنافر بين سكان فرنسا الجنوبيين والشماليين حتى اليوم، وهو تنافر بين الغاليين السكان الأصليين والفرنجة المستعمرين.
قد يبدو هذا التحليل مفاجئاً لنا وبعيداً عن فهمنا للتاريخ المسرود، ولكن المزيد من التأمل سيقودنا إلى نتائج مذهلة وفاضحة لزيف كتبة التاريخ.
في القرون الوسطى ايضاً، أطلق الفايكنج (Vikings) الذين اجتاحوا أوروبا وعرفوا بالفرنجة (Varangians)، أطلقوا على المدينة إسم ميكلاغرار (Miklagarðr) ثم ميكلاغارد وميكلاغارث (Miklagard and Miklagarth) وهي كلمات تفسر بمعنى المدينة العظيمة.
ومن السهل ملاحظة التشابه اللفظي بين كلمتي "ميكلا" و"ميغالو" اللتان تفسران بمعنى العظيمة دون خلاف في ذلك. ولكن من الممكن تفسير الكلمتين بمعنى "المغول" فنقول مدينة المغول بدلاً عن المدينة العظيمة.
وخياراتنا هنا هي إما أن نترجم الكلمة على الدوام بأحد التعبيرين، إما العظيمة أو المغول، أو أن نساوي بينهما فلا نفرق بين معنى العظيم والمغول. وليس من المقبول إستخدام لفظ المغول للدلالة على السلبية وإلصاق التهمة بالآسيويين وإستخدام لفظ العظيم للدلالة على الإيجابية ومنح الفضل للأوروبيين، ففي ذلك تزوير فاضح لرواية التاريخ، خصوصاً عندما يتم انتحال الصفات الإيجابية وسرقة تاريخ الآخرين.
يخبرنا التاريخ أن الفرنجة هم قبائل متوحشة قامت بغزو أوروبا، وعلم الجينات الحديث يشير إلى إبادة جماعية للسكان الأصليين في غرب ووسط أوروبا. وهذا تاريخ لم تنته فصوله بعد، فالإبادة ماتزال مستمرة في أنحاء مختلفة من العالم. وما يؤسف له، أن هؤلاء باتوا كتبة التاريخ.
أما العرب فقد وصفوا المدينة بروميّة الكبرى، وهذا ترجمة للوصف الأوروبي للمدينة، والفرس وصفوها ب"تخت الروم" أي (عرش الروم).
والسلاف من جهتهم، وصفو المدينة ب"تسارغراد" أو "ساريغراد" (Царьград) أو (Carigrad) بمعنى مدينة القيصر أو الملك. ومما يجدر التذكير به هنا أن أوروبا الشرقية هي موطن السلاف، أما الفرنجة (الفايكنج) فهم غزاة أراضي السلاف في أوروبا. لهذا يختلف وصف الفرنجة لبيزنطة عن وصف السلاف لها. هي بالنسبة للفرنجة مجرد مدينة عظيمة، في حين أنها بالنسبة للسلاف هي مدينة القيصر أو الملك، أي قيصرهم وملكهم.