القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات.

إن الغاية من تزييف التاريخ بإبعاد المغول عن عاصمتهم الأولى القسطنطينية ودفعهم بعيداً نحو شرق آسيا تكمن في محاولة "الفرنجة" (القوط الأنكلوساكسون) لسلب تاريخ أوروبا بعد سلب الأرض. قيستان-بول (إسطنبول) هي عاصمة البلاد الأصلية للمغول وأوروبا موطنهم، وما نقرأه اليوم في كتب التاريخ ليس إلا زيفاً.

1. القسطنطينية عاصمة المغول الأولى، من سلسلة المنهج الإستقصائي لفقه اللغات.

يقال أن المغول لم يكتبوا تاريخهم، فكيف يكون ذلك وقد كانت لديهم أوسع الإمبراطوريات على مر التاريخ؟

وثمة احتمالات أخرى، فربما هم قد كتبوا تاريخاً وتم محوه بالكامل وهذا ما يصعب تصوره، وربما هم قد كتبوا تاريخاً ومازال موجوداً ولكن تم تحريفه وتزويره ونسبته إلى غيرهم وهذا هو الأرجح.

ونحن الآن في عصر يسهل فيه تتبع آثار السارقين مع تطور أدوات البحث وسهولة الوصول إلى المعلومات. فبالإضافة للحفريات وعلم الوراثة الجينية والتحليل الكيماوي والفيزيائي لدينا حفريات اللغة وأدوات تحليلها والبحث في مكوناتها الوراثية.

من بين أعرق المدن تاريخاً مدينة إسطنبول ويذكر المؤرخون أن التراقيون (Thracian) قد أسسوا المدينة على الجانب الأوروبي من مضيق البوسفور بين القرنين الثالث عشر والحادي عشر قبل الميلاد وسميت ليغوس (Lygos)، وبعد خلو الموقع أعاد المستوطنون اليونانيون من مملكة الميغارا (Megara) وفي نفس المكان تأسيس مدينة بيزنطة (Byzántion) قرابة عام ٦٥٧ قبل الميلاد لتقابل مدينة خلقيدونيا (Chalcedon) الفينيقية الموجودة على الجانب الآسيوي من البوسفور.

تقول الاسطورة أن إسم بيزنطة مشتق من إسم ملك الميغارا الاليريين "بيزاس"، وأرى أن العكس هو الصحيح، لقب الملك بيزاس مشتق من تسمية بيزنطة ومعناه "البيزنطي"، وهذا فيه حديث لاحق.

سنعمد إلى تشريح اللفظ باللهجات الأوروبية وتقسيمه إلى أجزاء وإستخراج الجذر للمقارنة مع تسميات لاحقة. وأرى أن بيزانتيون تقسم إلى سابقة وجذر ولاحقة، أي إلى بي-زان-تيون وجذرها "زان" وهو ما سنعود إليه خلال البحث.

ويروى أن الإمبراطور الروماني سفيروس سبتيموس (Septimius Severus) قد هدم المدينة عام ١٩٦ ميلادي بسبب وقوفها إلى جانب خصومه ثم أعاد بنائها في بداية القرن الثالث وأطلق عليها إسم أوغوسطا أنطونيا (Augusta Antonina) تكريماً لإبنه ماركوس اوريليوس أنطونيوس (Marcus Aurelius Antoninus) المعروف بإسم كاراكالا (Caracalla).

وأرى أن التسمية الجديدة ليس لها علاقة بأنطونيوس إبن سبتيموس، وتقسيمها هو كالتالي: أو-غو-سطان-طونيا، وجذرها هو "سطان" وسنعود إليه لاحقاً.

ويروى أن الامبراطور قسطنطين الأول نقل عاصمته من روما إلى بيزنطة عام ٣٣٠ ميلادي وأطلق عليها إسم روما الجديدة ثم بعد ذلك انتشر إسم قسطنطينوبولية روما (Roma Constantinopolitana).

وهنا ايضاً أرى أن لا علاقة لهذا الإسم بالامبراطور قسطنطين، بل أن إسم المدينة لم يتغير عن السابق من حيث الجذر والدلالة، فمقاطع الإسم هي قو-سطان-طينو-بولي-تانا، وجذره هو "سطان" كما ورد في التسمية السابقة.

البادئة اللغوية "غو" في التسمية السابقة هي ليست إلا لفظاً مختلفاً للبادئة "قو" في التسمية اللاحقة، وكما في العربية هما لفظان مختلفان لحرف أبجدي واحد، كذلك فإن اللاحقة "طونيا" هي لفظ مختلف للاحقة "طينو"... والباقي (بوليتانا) هو مضاف إلى الإسم الأصلي وموصول به بمعنى "مدينة". أما البادئة "أو" في الإسم السابق فهي أداة التعريف كما في كلمة "أوغاريت" التي تعني "القرية".

ولا يغيب عن ذهننا هنا أن إسم "أوغسط" (أوغسطس أو أوغسطين) هو بالعربية "القسط" بمعنى العادل وهو لا يختلف بمعناه عن إسم "قسطنطين". وهنا يجب الحذر من التسرع بالإستنتاج بأن القسطنطينية هي المدينة العادلة، حتى لو كان ذلك صحيحاً، لأن مثل هذا التسرع يحرمنا من فرصة تتبع واستيعاب المعاني الأساسية للمفاهيم الإجتماعية وتطورها عبر التاربخ.

بكلام آخر، من غير المستحسن أن نسقط مفاهيمنا الإجتماعية المعاصرة على مفاهيم أسلافنا فثمة فرق كبير بينها، مع وجود الشبه.

من هنا يتضح أن ربط إسم المدينة بأسماء بعض الملوك ما هو إلا من نسج خيال كتبة التاريخ، هذا إن صح أصلاً وجود هؤلاء الملوك، أو على الأقل إن كانت تلك أسمائهم وليست القاباً لهم مشتقة من إسم المدينة.

التالى